دعاؤهم عند الماء: «السلام عليكم أهل النهر منا السلام ومنكم السلام» يؤمنون بوجوده يشاركهم طعامهم وفى الأعياد يلقون له التمر والحلوى والأرز باللبن العريس هناك يغسل وجهه فيه كل صباح لمدة أسبوع ولا تكلمه العروس إلا بسداد مبلغ من المال «سبوع» إذا رأيت ملامح جمال بلاد النوبة واقعا، فإن خيالك سيُفتتن به ويواصل رسم صور لجمال الطبيعة لا تدركه العين من النظرة الأولى، وستتيقن أنها حقا «الجوهرة السمراء».. فالنوبة مثل أهلها، قلب أسمر سريرته بيضاء، ينبض أملا لا منتهى له رغم ما به من ألم أصابه نتيجة تهجير الذين عمروا الأرض، وتخلى بعضهم عن القضية. «البوابة» اقتحمت عالم النوبة البكر، رصدت حياة أهلها.. آلامهم وأمانيهم، ماضيهم وواقعهم وتستشرف معهم مستقبلهم.. تفتح ملفات شائكة ومسكوتًا عنها، وتكشف ما يؤكد طبيعة أهلها، ومعدنهم الحقيقى الذي لم يعرفه أحد كما ينبغى. فالنوبة قضية إنسانية قبل أن تكون اجتماعية، رغم أن ما يرسمه كثير من الناس في أذهانهم عنها، يشير إليها باعتبارها قضية تمثل ورقة للضغط والابتزاز في مواجهة الحكومة المصرية، منذ عقود، لاسيما في ظل انتشار بيزنس الجمعيات وسبوبة النشطاء على نطاق واسع، فيما الأغلبية الكاسحة من أبنائها البسطاء يعشقون وطنهم، ولا يفكرون لحظة في الانفصال عنه، بل لم يفكروا لحظة من قبل، وما المحاولات الأخيرة لإيجاد صيغة لتمكينهم ومنحهم بعض حقوقهم عبر مسودة مشروع إنشاء «الهيئة العليا لتنمية وتعمير بلاد النوبة القديمة» إلا جزء من كثير يستحقونه. في الحلقتين السابقتين اخترقت «البوابة»، عدة كهوف داخل النوبة وأسوان، منها الحديث عن المسكوت عنه ليس في النوبة أو أسوان فحسب، لكن في العاصمة أيضا، حيث كشف أسرار نشطاء السبوبة المنتفعين بقضية عودة النوبيين إلى أراضيهم قبل بناء السد العالى، فيما كشفنا محاولات البعض التعامل مع القضية باعتبارها قضية أقلية، ثم تحدثنا عن الأساليب التي تتبعها بعض الجماعات الشيعية لتشييع الأهالي هناك، دخلنا ساحاتهم وشاهدنا احتفالاتهم وعرضنا لها، وكذلك اخترقنا عالم أساطير الأولياء هناك، كما اخترقنا أيضا الساحة السياسية هناك، وعرضنا أسباب الخلاف الذي ينذر بالفتنة، وفى هذه الحلقة تدخل «البوابة» كهوفا أخرى من الحكايات التي تقترن بشريان الحياة الذي يبدأ من هناك، الخلاصة.. سنتحدث اليوم عن حكايات «ناس» النهر... بعيدا عن الشارع السياسي وما يسببه الخلاف العرقى بين من هو نوبى الأصل، والقبائل العربية التي جاءت عبر الهجرة أو الفتح، وخلال إحدى جولاتنا في أسوان التقينا صديقا نوبيا يدعى «إبراهيم» الذي تحدث عن أهله من القبائل النوبية، وكيف اختلطوا بالنسب في العرق العربى، وهذا بخصوص نوبيى الكنوز، بينما الفرع الثانى للنوبة وهو الفاديكا، ومنهم الفنان محمد منير، فيرون أنفسهم العرق الأنقى الذي لم يختلط بأعراق أخرى. كشف الصديق النوبى أن كل فرع منهما، يتحدث لهجة مغايرة عن لهجة الفرع الآخر، وأن النوبيين لا يزوجون بناتهم من خارج القبيلة، وكل فرع منهما له عاداته وطقوسه وحكايته، مشيرا إلى أنهم داخل البيت النوبى لا يتحدثون سوى لهجتهم «الكوشية»، التي اكتشفوا لها حروفا، وأصبحت تدرس حفاظا عليها من الانقراض، ثم أضاف: «إذا أردت مشاهدة النوبة لا بد من زيارة (الباش ريس)، ورؤية النوبة من بيته في قلب النيل ويشبه المحمية الطبيعية، وهو مفتاح الدخول والتجول في النوبة. «الباش ريس» في صباح اليوم الثانى الباكر، كانت محررة «البوابة» مع «إبراهيم» في «المعدية»، وسيلة المواصلات الوحيدة التي تربط أسوان بالغرب، حيث جزر النيل، ومنها جزيرة سهيل والشلال. ومنذ السابعة تشعر بأن الحياة بدأت تدب على الحافة الصخرية للنيل، فالناس يذهبون ويعودون.. «ركبت المعدية وذهبت التقت بعينى مشاهد الطبيعة الساحرة، والبيوت الجميلة ذات الأسقف القبابية، حتى وصلنا إلى حيث استقبلنا «الباش ريس»، وهو رجل يتمتع باحترام الجميع في النوبة، يعرفه القاصى والدانى، يبلغ من العمر ستين عاما، لكنه يبدو شابا في العشرينات، حينما تراه تشعر أنك تعرفه منذ سنوات بعيدة، اصطحبنا إلى بيته الذي أسسه في الشلال على ربوة عالية، ومن فوقه تستطيع رؤية البيوت البيضاء، وهى تتناثر على شريط طويل، أشجار السيال الشوكى موجودة حول المنزل من الخارج». «حشو السبيل» البيت به بعض الزخارف على شكل هندسى ذو حوش رملى كبير في ركنه الأيمن، والحديقة تقع بالجزء الأيسر، وحوش السبيل، كما يسمونه، هو جزء مسقوف على ثلاثة حوائط، والجانب الرابع مفتوح على الحوش، وسقف السبيل مصنوع من أعواد الذرة والنخيل، وككل البيوت النوبية مرسوم على الجدران رسومات، وهناك تعاليق متدلية من السقف تربط فيها أطباق وجدائل من غزل الصوف، وهى لحفظ الطعام من الحشرات والأيدى، وكلما كثرت التعاليق كان ذلك دليلا على ثراء هذا البيت. وداخل السبيل «عجريب» -كراسى من الجريد- للجلوس، وزير لتبريد المياه، والسبيل في البيت النوبى مكان لاستقبال النساء، فيما يجلس الرجال على المصطبة، وفى مواجهة المدخل حجرتان إحداهما للنوم أثاثها من الجريد، ومنضدة صغيرة، وصندوق خشبى كبير لتخزين الملابس، أما الحجرة الثانية «الكانون» أو المطبخ، فيوجد به عدد من الأزيرة الفخارية الفخمة لتخزين اللوبيا والتمر والدقيق، وهو أصل فكرة الصومعة، وفى الركن تجد «الكانون» ويسمونه «الدوكة»، أو «الخمريت»، حيث تتم صناعة الفطائر الخاصة بهم. زوجة ألمانية «الباش ريس»، يجيد فنون الإتيكيت، فهو متزوج من سيدة ألمانية تشغل منصبا مهما في بلادها، حيث تعمل مديرة لأحد متاحف ألمانيا، وتحكى جدران المنزل قصة حبهما عبر صور الموضوعات الصحفية التي نشرتها عنهما الصحف الأجنبية، وعن قصة غرامهما، وهو يعيش بمفرده لعشرة شهور في العام، منتظرا حضور الزوجة التي تقيم معه فقط لشهرين، فيما هو طول فترة غيابها يشغل نفسه بزراعة حديقة المنزل بكل ما يحتاجه للأكل، مما يجعل الألوان الخضراء المبهجة تغطى الصخور الجرانيتية التي أقيم عليها المنزل، فيما ترى على مدد البصر النجوع، وفيها بيوت وقرى بيضاء زاهية، تمتد على جانبى النيل، والطيور تخطف البصر في لوحة زاهية من صنع الخالق جل شأنه. تحدث «الباش ريس» عن أسرار «ناس النهر»، وعاداتهم وتقاليدهم، وقص تفاصيل قصة الحب التي جمعت بينه وبين زوجته الألمانية، ومما قال: «تعرفت عليها قبل عشر سنوات، وهى في فوج سياحى كان مطلوبا منى أن أصطحبهم في رحلة عبر النهر، وقررنا أن نتزوج، وهى تقيم ما بين القاهرةوألمانيا، هي تشغل منصب مديرة لأحد متاحف ألمانيا، لكنها تعشق مصر». شق القبر وعن عادات النوبيين قال: «حادثة التهجير غيرت طبيعة الكثيرين، وأذكر أن عمرى وقتها كان 10 سنوات، وأتذكر كيف تركنا كل ما نملك وفقدنا أشياء كثيرة»، ثم قال: «الناس هنا بسيطة وعلاقتهم خاصة بالطبيعة وبالنهر، فمثلا السيدة التي تتأخر في الإنجاب تذهب إلى مقابر الفاطميين، ويعملوا لها شق تدخل منه إلى قبر الميت، وهذه فكرة لها علاقة بخصوبة الأرض وترتبط بخصوبة المرأة، فحينما تشق يحدث لها إحلال للروح بداخلها، وأيضا تغمس زرزور، وهو عصفور صغير في العسل الأسود، ثم تأكله حيا، وهى فكرة إحلال روح العصفور بداخلها أيضا». الجن في النيل ثم يستطرد: «كل طقوس الزواج والحياة والميلاد مرتبطة بالنهر، فالنيل فيه جن مسلم ويعيش مثلنا بالضبط، وهناك أناس يتزوجون من جنيات النيل»، هذا ما قاله «الباش ريس»، مؤكدا أن هذه القصة حدثت كثيرا، ويطلق على من يتزوج تلك الجنيه «شيخ النيل»، ولذلك يهتمون بالنذور التي تلقى في النيل لكى يشاركهم الجن طعامهم، والأهالي عند نزولهم إلى النيل يستأذنون منه، بقول: «السلام عليكم أهل النهر، منا السلام ومنكم السلام»، ولا أحد يقدم على أي تصرف غير طاهر في النيل، لأنه يعرضه لأذى، وفى الأعياد نلقى بالتمر والحلوى والأرز باللبن. طقوس الزواج الزواج هناك له طقوس خاصة، حيث تذهب والدة العريس لجس نبض العروس، وبعدها يذهب الخال أو العم لطلب يدها رسميا، بعدها تأتى خطوة «الوجاهة»، وهى عند الكنوز فقط، وغير موجودة عند باقى النوبيين وهو دفع جزء من الصداق، وهناك «الشيلة»، وهي عبارة عن دقيق وشاى وسكر وزيت وكبريت ودهان شعر وأقمشة وملابس، يذهب بها أقارب العريس إلى العروس، ويحدد موعد الدخلة وهو بعد أسبوع من «الشيلة»، «الحنة»، وتسمى ليلة المولد عند بيت العريس، وتشمل قصائد مدح، ويقدم اللحم للضيوف وتكتمل الليلة بالرقص، وفى هذا اليوم تزور العروس مع صحباتها أحد الأضرحة، طلبا للبركة وممنوع أن تكلم العريس. بعد الغذاء يجلس العريس في ساحة المنزل ويحلق شعره، وبجواره وعاء يضع فيه الناس النقوط، وبعد العشاء يبدأ الرقص ويذهب العريس إلى حجرة العروسة، وتقابله أمها بكوب من اللبن يشرب منه ويرش جزءا منه على وجه العروسة، ويمسح على شعرها ويخرج. وفى الصباح يخرج العريس مع شاب يتطوع لخدمته 7 أيام، والعروس لا تتكلم إلا إذا أهداها مبلغا من المال «فتح كلام»، أما عملية فض غشاء البكارة عندهم، فتتم بواسطة الداية، فيما يشبه العملية الجراحية المؤلمة لأنهم يقومون بالختان الفرعونى. رقم 7 في الزواج والموت العريس يخرج لمدة أسبوع كل صباح للنهر ويغسل وجهه بماء النيل، ويجب أن يشاهد النيل 7 صباحات، ورقم 7 له دلالة خاصة عندهم، ففى حالة مرور عام على وفاة والد العريس فإن زفة العريس تتوقف عند 7 بيوت يقرأون أمامها القصائد الدينية، ويوزع كل بيت منها هدايا من تمر وذرة وأحيانا أقمشة بيضاء، على الذين يقومون بالإنشاد، ولا يقام رقص ولا غناء سوى الإنشاد الصوفى والقرآن، وفى حالة ما إذا كان بيت العريس بجوار بيت العروس تتوجه الزفة إلى النهر وتتوقف عند 7 بيوت أيضا. كذلك في الوفاة والدفن يتميز النوبيون بطقوس خاصة، أغلبها لها علاقة بالنيل، وبموروث حضارى من أجدادهم، فمقابرهم عبارة عن لحد يكوم فوقه بعض الرمال، ويوضع حجر عند طرفى اللحد ليصبح ظاهرا، ثم يكتب عليه اسم المتوفى أو البسملة، ويضعون زبدية «طبق من الفخار» عند رأس اللحد، ويشطفون جزءا منها لكى يصير معيوبا، وفى اليوم الأول للمتوفى يضعون بعض حبات الذرة تحت الزبدية، ويوضع القليل من الماء يوميا لمدة 7 أيام أيضا حتى لا يشعر الميت بالوحدة، ويكون ذلك فألا غير حسن يأخذ معه أحد الأقارب المرضى، ويغرسون سعفتى نخيل كبيرتين عند طرفى القبر، ويقومون باختيار حجارة صغيرة من الكوارتز يقومون بالصلاة فوقها، وينثرونها على القبر، بعد ذلك يصبون الماء عليه لكى تنبت أرض اللحد نباتا أخضر ويزرعون حبوب الذرة عقب الدفن. مجتمع في عزلة ضيف جديد على الحوار مع «الباش ريس» يشاركنا الحديث، هو الكاتب والأديب الأسوانى يوسف فاخورى الذي قال: إن النوبيين مجتمع خاص أمى الميراث، يذهب إلى أن المرأة هي محور الأسرة، كما أنهم يعيشون في عزلة حقيقية يغلقونها على أنفسهم، والنوبة لا تجد فيها سوى الأطفال والسيدات والعواجيز، فالولد حينما يبلغ ال16 عاما يتزوج ويعيش شهرا مع زوجته، وبعدها ينطلق إلى العواصم الكبرى القاهرةالإسكندريةالمنصورة أو مدن القناة بحثا عن العمل، وقديما كان نشاطهم مقتصرا على زراعة النخل التي لا تتطلب منهم مجهودا طوال العام، ونتيجة نقلهم بعيدا عن النهر نسوا الزراعة والصيد. الحنة والجرجار تركت «الباش الريس» لأتجول داخل النوبة، فقابلت زينب وهى فتاة نوبية تعمل في بيت نوبى، وهو بيت أقيم كنموذج محاكاة لبيوت النوبة القديمة، يأتى إليه السائحون من كل مكان، سألتها عن تكلفة رسم الحنة، فأخبرتنى بأنها تحصل على 80 يورو في رسم اليدين، وأن دخلها تأثر بضعف الحركة السياحية، فيما يرتدى النوبيون «الجرجار»، وهو ثوب من القماش الشفاف يظهر الملابس الموجودة تحته، وتتبارى الفتيات على شرائه، وهو مصنوع من أقمشة مستوردة من دول الخليج ومن السودان عبر التهريب، تكلفة صناعته تتجاوز 500 جنيه، ولا يصح لأى سيدة أو فتاة أن تخرج دونه. ماسك الطين 20 يورو فقط كفيلة بأن تخلصك من كل أوجاعك، هكذا يقول النوبيون الذين يعملون في مهنة الدفن في الرمال، حيث يصطحبون الأجانب إلى منطقتى أغا خان وبربر، ويقومون بعمل ماسكات من طين الفيضان غير الملوث لهم، كعلاج للسخونة وللجسم كله. أما شاطئ البربر فيقع غرب سهيل بالنوبة، حيث منطقتا وادى ثلوجة وغزال، وهما محميات طبيعية، وهناك وسيلتان لتصل إلى هناك إما بالجمل أو باللانش، ويقول أحد العاملين بالعلاج بالمنطقة، ويدعى علاء الدين: إن هذا الطريق لا يسلكه سوى المهربين وهو طريق درب الأربعين ورماله تستخدم لعلاج الكثير من الأمراض، وخصوصا أن الشاطئ هناك يتميز بطمى جيد لعلاج الكثير من الأمراض، ورمال تعالج أمراض الروماتيزم والمفاصل، من خلال الدفن في الرمال، وموسم العلاج يكون في شهرى مارس وأكتوبر كل عام، مضيفا، أن هذا الوقت من السنة تكون فيه درجة الحرارة مناسبة، ويأتى السياح ليستمتعوا بدفن أجسادهم باستثناء الرأس. وعملية الدفن تحتاج رمال خشنة، وذلك لأن هذا الرمل يتمتع بتركيبة خاصة تجذب الآشعة فوق البنفسجية إلى جسم المريض، مما يساعد على الشفاء، وحسب عمر وحالة الشخص تتحدد مدة بقائه مدفونا في الرمال من 20 دقيقة إلى 45 دقيقة. لايأكلون السمك الكثير من المناطق النوبية وخاصة قبائل الكنوز مثل أبو هور والمحرقة والسبوع ودابود لا يأكلون السمك رغم أنهم يعيشون على النهر، خاصة سمك القرموط، ويعرف الصيادون ب«الحواتة» أو السماكة، وترجع كراهيتهم للسمك كما يقول «إبراهيم» الريس صاحب لانش الصيد، إلى أن الكنوز يعتقدون أن القرموط ابتلع جدهم سيدنا يونس، ومن ثم يتعاملون معه بحذر باعتباره كائنا مفترسا، وتطور ذك إلى كراهية الاسماك كل، أما الفديكا فيأكلون السمك. ويشتغل الكثير من أبناء النوبة في مهنة الصيد وتمليح السمك «الفسيخ»، وتعتبر مركزا مهما لتصنيع الفسيخ الذي يغزو محافظات مصر المختلفة. مياه كلابشة السفر تساهيل.. هذه الجملة هي لسان حال الصيادين والمراكبية، فهم يسيرون في أحلك ساعات الظلمة وفى أخطر الأماكن دون قلق، وبدون كشافات أحيانا يسافرون وفى أذهانهم كمبيوتر محفور بالخبرة، لا يخطئون الطريق، بينهم وبين النيل عشرة قديمة وعشق وسلام، فلا بد أن يمروا على حجر السلام، فقد ورثوا تقديس النيل من أجدادهم الفراعنة. حاولت معرفة حكاية حجر السلامة، وهو عبارة عن عدة جزر صخرية بالجزء الجنوبى من النيل عند كلابشة، يقولون: إن بينها «حجر السلامة» ويرون أنه حجر مخفى تحت الماء، ولأنها منطقة صخرية وعرة تجبر الصيادين والبحارة حين يمرون عندها أن يقفوا دقيقة صمت، ويقولون التحية على ناس النيل، ممن يعتقدون أنهم جن يسكنونه، ثم يقرأون الفاتحة. ومن يأتى من الشمال للجنوب يمر على الحجر فيشكر الله، ويؤدى الطقوس الموروثة، وحينما حاولت تتبع هذه الحكاية، عرفت أن أصلها فرعونى، فهى موروثة عنهم، فهم شيدوا معابدهم في مواقع بحرية خطيرة، وبالتالى كانوا كلما يمرون بسلام يشكرون الرب. ويقول الريس حسن، أحد المراكبية: «مش أي حد يقدر يبحر في النيل، فيجب أن يجيد قراءة المياه ومعرفة أسرار النيل، فالمياه حينما تكون ساكنة تبدو للعامة أنها صالحة للملاحة النهرية، لكنها قد تكون خطيرة فلا يجب أن ننخدع بها. من النسخة الورقية