سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
التاريخ خير شاهد.. إثيوبيا تواصل مماطلتها ونقض الاتفاقيات الدولية التي تمنع المساس بحصة مصر من مياه النيل.. "بروتوكول روما واتفاقيتا أديس أبابا ولندن وإطار التعاون" أبرز المعاهدات
كان نهر النيل عبر التاريخ هو شريان الحياة المشترك وحلقة الوصل الأكبر بين الدول القائمة على ضفافه والمستفيدة من خيراته، وإدراكا من هذه الدول لأهمية هذه الهبة المشتركة بينهم أُبرمت العديد من الاتفاقيات والمعاهدات والتفاهمات التى تضمن حصة كل دولة فى مياه النيل وتكفل ألا تجور أى دولة على حصة جيرانها فى المياه حتى تحافظ هذه الدول المتجاورة على علاقات الحب والصداقة بينها لأن أى مساس بحق أى دولة فى مياه النيل قد يتطور إلى حرب شعواء تعصف بالجميع. وعلى الرغم من المعاهدات التاريخية التى وقع عليها الجانبان ومحاولة الجانب الإثيوبى تحسين العلاقات مع مصر بعد التوترات الأخيرة إلا أنه لا توجد أى مؤشرات تؤكد استعداد الجانب الإثيوبى للتعاون وفتح صفحة جديدة مع مصر، أو التوصل إلى اتفاق حقيقى يحد من أثار سد النهضة، ويستمر الجانب الإثيوبى فى المماطلة فى إعطاء مصر أى ضمانات بشأن ملف سد النهضة. وهذا الموقف المريب والغامض من الجانب الإثيوبى هو ما دفع الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى التوجه إلى أديس أبابا فى زيارة تشمل إلقاء كلمة أمام البرلمان الإثيوبى، ومن المتوقع أن يطالب السيسى البرلمان الإثيوبى بإصدار وثيقة إثيوبية تعترف بحقوق مصر فى مياه النيل، مقابل اعتراف مصر بحق إثيوبيا فى التنمية. ونلقى الضوء هنا على الاتفاقيات المبرمة بين مصر وإثيوبيا والتى بدأت منذ القرن الماضى عندما كانت دول حوض النيل ترزخ تحت وطأة الاستعمار، والتى سميت "بروتوكول روما " فى 15 أبريل 1891، حيث تم توقيع هذه الاتفاقية بين كلٍ من بريطانياوإيطاليا، وقد تعهدت إيطاليا فى ذلك الوقت بعدم إقامة أى منشآت لأغراض الرى على نهر "عطبرة" من شأنها أن تؤثر على تدفقات مياه النيل إلى الدول الأخرى. وبعد عشر سنوات على توقيع هذه الاتفاقية ومع تغير الحقب الاستعمارية ومع وقوع الدولتين مصر وإثيوبيا تحت وطأة الاستعمار البريطانى وقعت بريطانيا نيابة عن مصر وإثيوبيا "اتفاقية أديس أبابا" فى مايو 1902، تعهد خلالها الإمبراطور الإثيوبى "منيليك الثاني" بعدم إقامة أو السماح بإقامة أى منشآت على النيل الأزرق أو بحيرة تانا أو نهر السوباط من شأنها أن تعترض سريان مياه النيل، إلا بموافقة الحكومة البريطانية والحكومة السودانية قبل البدء فى أعمال البناء. وفى ظل تقاسم الدول الثلاث الاستعمارية بريطانيا وفرنسا وإيطاليا للقارة الإفريقية كان من الضرورى توقيع اتفاقية جديدة لضمان الحقوق التاريخية لدول النيل فى الحصول على حصتها فى المياه، ومن ثم قامت الدول الثلاث بتوقيع "اتفاقية لندن" فى 13 ديسمبر 1906والتى تنص بشكل صريح على ضمان دخول مياه النيل الأزرق وروافده إلى مصر. كما أكدت إيطاليا على الحقوق المائية المكتسبة لمصر والسودان فى مياه النيل الأزرق والأبيض وروافدهما من خلال "اتفاقية روما " عام 1925، كما تعهدت بعدم إجراء أى إشغالات عليهما من شأنها أن تنقص من كمية المياه المتجهة نحو النيل الرئيسي. وبعد حصول كل من مصر وإثيوبيا على استقلالهما من الاستعمار وبعد امتلاكهما لحق تقرير المصير كان لا بد من تجديد الالتزام بالعهود والالتزامات التاريخية فيما يتعلق بالحق فى الحصول على حصتهما فى مياه النيل دون الإضرار بمصلحة باقى الدول، فوقعت الدولتان فى القاهرة "إطار التعاون" فى يوليو 1993، وكانت هذه الاتفاقية بمثابة حجر الأساس للتعاون والصداقة بين الجارتين الأفريقيتين بعد الحصول على استقلالهما. هذه إضافة إلى اتفاقية "الإنترو" الثلاثية المشتركة بين كل من مصر والسودان وإثيوبيا، فى أديس أبابا، والتى هدفت بالأساس إلى بحث المشروعات المائية المشتركة.