يخطئ من يحصر حركة 6 إبريل فى ( الفكر) الثورى لأجل التغيير , فحركة 6 إبريل أكبر من مجرد عمل حركى على النت وفى الشا رع لأجل الحرية , أن حركة 6 إبريل منهج فكرى يهدف إلى تغيير قيم وثوابت فكرية تقليدية عن من هو الثائر فى ذهن الأجيال العربية القادمة ,فحركة 6 إبريل تغيير تاريخى لرموز الآمة . ولكى نفهم يجب علينا أن نعود لأول الحكاية , فى يوم من الأيام وعلى نفس طريقة ظهور 6 ابريل ظهرت مسرحية المشاغبين التى قلبت الموازين وأفسدت العلاقة بين التلميذ والمعلم والمجتمع , وهدمت المنظومة الأخلاقية والتربوية فى الأسرة والمدرسة, حيث أنها عمدت إلى كسر هيبة المعلم وولى الآمر معاً, مع أن ظهور هذه المسرحية كان بهدف الترفية والضحك , ولكنها فى الحقيقة هدمت ثوابت أخلاقية , فأفسدت التربية أولا فانهار التعليم كله بعد ضياع صورة المعلم وهيبته فى ذهن التلميذ وكل المجتمع بطريقة لم نتعاف منها حتى الآن. فبعد نجاح الفكر الهدام فى تشويه صورة رمزية أخلاقية وهى ( المعلم ) جاء الدور الآن على تشويه صورة أخلاقية رمزية للمجتمع وللأجيال كافة , ألا وهى شخصية ( الثائر ) على يد حركة 6 إبريل , فشخصية الثائر فى ذهن المجتمع مرتبطة , بأعلى صور البطولة والتضحية والفداء , فمثلا مصطفى كامل وعبد الله النديم والبارودى هى شخصيات بطولية حقيقية وثائرة , ولكنها صورة حاضرة فى ذهن المجتمع بطريقة تمثل قيم تربوية وأخلاقية تقيد سلوك الثائر فى كل وقت , فلم ينقل لنا التاريخ أن هؤلاء الثوار كانوا (شتامين ) أو (سبابين ) , ولم ينقل لنا التاريخ أنهم كانوا يحرقون مؤسسات مصر ومبانيها المملوكة للشعب , كما لم ينقل لنا التاريخ أن النساء والرجال فى الحركة الثورية كان بينهم اختلاط ونوم جماعى تحت غطاء واحد . لكن التاريخ ينقل لنا جذور حركة 6 إبريل وأسلوبها فى الهدم المتستر خلف مظلة حقيقية فى المجتمع , كانتشار الظلم , وفقدان العدالة الاجتماعية , والتوزيع الغير عادل للثروات وزيادة الفجوة بين الأغنياء والفقراء حينما خرجت حركة 6 إبريل فى الماضى من مصر والكوفة والبصرة , وذهبت إلى الخليفة الراشد عثمان بن عفان ودار الخلافة , كانت متسترة بشعار ثورى يجد صدى فى ضمير الشعب وقتها , وادعت حركة 6 إبريل وقتها أن هدفهم هو العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات , وأن عثمان بن عفان يعطى أقاربه مرتبات مالية كبيرة ومميزات فى التعيين والمناصب . و كما دعت حركة 6 إبريل فى الوقت الحاضر وعلى يد أسماء محفوظ ونوارة نجم بحصار مقر وزارة الدفاع وهى السلطة الحاكمة لمصر اليوم , دعا أجدادهم الأوائل لحصار دار عثمان بن عفان لإسقاط هيبته فى قلوب الشعب . وكما ترفع حركة 6 إبريل الطوب والمولوتوف وقد أعترف بذلك أحمد دومة وغيره على الفضائيات , رفع أجدادهم الأوائل الطوب على سلطة الخليفة الراشد عثمان بن عفان وقذفوه فى بيته بالحجارة , وبقى الحال هكذا من حصار 6 إبريل فى الماضى لدار عثمان حتى تجرأت عليه الفئة الآثمة التى لا تتق الله واقتحمت عليه بيته وقتلته , وهو صائم عابد قارئ للقرآن . وكان هذا أول شرخ فى هيبة الدولة والسلطة الحاكمة فى تاريخ الإسلام . هل توقفت محاولات حركة 6 إبريل لإسقاط هيبة الدولة بعد مقتل عثمان بن عفان ؟ الإجابة لا لم تتوقف , وانتقلت حركة 6 ابريل القديمة إلى الكوفة وفى وقت خلافة معاوية بن سفيان . فقد أرسل حاكم الكوفة وقتها والذى كان مؤيدا لعلى بن طالب رضى الله عنه قبل موته ضد معاوية , ورغم ذلك لم يعزله معاوية من منصبه , وقد أستهجن أحد الصحابة ويدعى ( حجر ) على والى الكوفة , إذ كيف يغير ولائه من علي إلى معاوية , فكان اثناء خطبة الوالى فى المسجد يقوم ( حجر) برمى ( الحجر) والحصى على الوالى بهدف إهانته وإسقاط هيبته . سبحان الله التاريخ يعيد نفسه , نفس الأسباب ونفس الأسلوب ونفس الطريقة . حين بلغ معاوية هذا الكلام , قام باستدعاء ( حجر ) وهو صحابى على أغلب أراء أهل العلم , كما قام باستدعاء كثير من الصحابة والعلماء , وسألهم ماذا يفعل ؟ فكان الرأي الغالب هو قتل ( حجر ) لأنه أهان الخليفة وأهان سلطة الدولة , ذلك أن السخرية والاستخفاف بالوالى فى الكوفة ما هو فى الحقيقة إلا إهانة لسلطة الدولة والخليفة فى دمشق . وحين سألت السيدة عائشة معاوية عن حجر ؟ فقال لها معاوية , خلى بينى وبين حجر يوم القيامة . أن معاوية بن سفيان رجل فطن , وعرف أن سبب الفتنة بين المسلمين هو استغلال ثوار 6 إبريل فى الماضى لسماحة عثمان رضى الله عنه , وهذه السماحة والتسامح معهم أدت إلى مقتل عثمان وشق عصاة المسلمين , ولهذا , فإن معاوية عرف كيف يغلق باب فتنة على الأمة بقتل صحابى ثائر أراد برميه (للحجر) إسقاط هيبة الدولة فى وقت فتنه أكلت الأخضر واليابس فى وقتها . وعلى هذا المنوال يسير أحفادهم فى الوقت الحاضر فى القاهرة , يريدون اقتحام وزارة الدفاع وإسقاط هيبة الدولة كما يريدون إسقاط قيمة الثائر وتشويه صورته فى ذهن المجتمع والأجيال القادمة , فأسماء محفوظ , ونوارة نجم التى تقبل يد الأنبا شنودة وتركع أمام كرسيه على ركبتيها , توجه أقذر الألفاظ للشيخ محمد حسان. هذه مجرد أمثلة فقط , فهؤلاء مثلا وغيرهم يقدمون لنا صورة جديدة مشوهه للثائر , فعند مقارنة ثائر مثل سامى البارودى المهذب ذو القيم النبيلة , أو ثائر مثل محمد إقبال , نجد أن مدرسة 6 ابريل الثورية تكمل مشوار مدرسة المشاغبين فى هدم رموز وصور معنوية فى نفسية المجتمع , فلا نجد مثال ولا قدوة تحتذى به الأجيال القادمة . الثائر السافل الذى لا يحمل أى قيم أخلاقية , ولكنه يحمل مبدأ الهدم والتخريب ولا يوقرون كبيرا ً , ولا يدافعون عن المبادئ إلا أذا كانت تخدم مصالحهم الشخصية ومجموعتهم فقط , فإذا كانت الحرية مطلوبة لعلاء عبد الفتاح ,ومن قبلة قساوسة مزورين متهمين بقضايا جنائية , , فهى غير مطلوبة للشيخ الثائر على الظلم أبو يحيى لمجرد انه يتبنى قضايا المسلمين , وإذا كان الدفاع عن إهانة غادة فتاه التحرير مطلب وطنى وشعبى , لكنه عند كامليا أمر لا يستحق الالتفاف له والاعتناء به لأنها من الحرائر التى تمردت على سلطة الكنيسة . ولهذا أقول للقائمين على الأمر , نريد سيف معاوية ولا نريد سماحة عثمان .