وكأنه مشهد كوميدي من مسرحية لموليير.. شيء طبق الأصل جرت أحداثه في المؤتمر الصحفي المشترك لبوش وشارون في قمة كراوفورد الأحد الماضي.. شارون معبأ في بنطلون "أصفر أوكر" أظهر بأكبر قدر من الجسامة عوار سمنة قوامه العسكري حتي بدا وهو يتحرك وكأنه هرم مقلوب يتدحرج علي عجل.. كان ملسوعا لسعة من سلبوه أعز ما تمناه.. وفي نوبة مفاوضات منفردة علي المسرح راح شارون يفاوض شارون بصوت مسرحي مرتفع: مباني مستوطنات الضفة سوف تبقي في يد إسرائيل في اتفاق التسوية النهائية.. أيا كانت المضاعفات التالية Repercussions entailed. ويبدو أن شارون الاَخر الذي يفاوضه لم يقتنع ولم يطمئن.. فواصل منولوج التفاوض: إننا مهتمون جدا بالإبقاء علي اتصال أرضي Territoriatcontiguity بين القدس ومعاليه أدوميم.. والأمر قد يستغرق سنين.. وسوف تكون أمامنا فرص كثيرة لمعاودة النقاش مع الأمريكيين. لكن بوش كان له هم اَخر يؤرقه: مواصلة مفاوضات السلام بنجاح في الشرق الأوسط، لهذا طلب من شارون في محادثاتهما الخاصة ألا يتوسع في البناء في مستوطنة معاليه أدوميم.. ثم عاد في المؤتمر الصحفي فخرج بمطلبه إلي العلن: لقد طلبت من رئيس الوزراء ألا يقوم بأي نشاط ينتهك خريطة الطريق، أو يجحف التزامات التسوية النهائية.. وأضاف أن الولاياتالمتحدة تعترض علي أي زيادة في البناء في الضفة، لأنه يهدد السلام مع الفلسطينيين، وينتهك أحكام خارطة الطريق التي تطالب بتجميد الاستيطان. أحس شارون أنه المعني بالكلام.. تداخل: بالنسبة للمراكز الاستيطانية غير الشرعية، أود أن أكرر أن إسرائيل مجتمع محكوم بحكم القانون.. والأمر كذلك، سوف أنفذ التزامي نحوك سيدي الرئيس بإزالة هذه التجمعات الاستيطانية.. أما بالنسبة للمستوطنات، فسوف تنفذ إسرائيل كل التزاماتها طبقا لأحكام خارطة الطريق! وتضحك للمفارقة.. ثمة جلسة خاصة قبل موعد المؤتمر الصحفي، كانت مصممة في البروتوكول لبحث أوجه الدعم لشارون لتنفيذ خطته المثيرة للجدل من أجل تفكيك 21 مستوطنة في قطاع غزة، و4 في شمال الضفة.. لكن استحقاقات قضية وقف التوسع في الاستيطان التهمت العنوان! في حوار له مع شبكة NBC حرص شارون علي أن يجسم مخاوفه من تهديد العنف المتزايد الذي يشنه نشطاء اليمين اليهودي لتفجير تنفيذ خطة فض الاشتباك قال شارون: كل شيء يبدو وكأننا علي أبواب حرب أهلية.. وقال: قضيت عمري أدافع عن اليهود.. الاَن يتم وضع نظام لحماية حياتي من هجمات يشنها يهود! باع مخاوفه للمشاهد الأمريكي لكن "حديث الذئب" لا يخيف أحدا.. إلا الذئب! أطلق الرصاص.. علي قدميه! في قمة شرم الشيخ حرص شارون علي إغلاق باب القمة في وجه كونداليزا رايس حتي لا يكون لها في القمة كلمة، رغم وجود أقدامها في تراب المنطقة! في الأسابيع الأخيرة تصاعد دخان التوتر بين واشنطن وتل أبيب حول مشروع شارون لبناء ألوف الوحدات السكنية تربط بين معاليه أدوميم والقدس.. انتبهت كونداليزا رايس علي ملاحظات فلسطينية ترامت إلي أذنيها: إنه يوجد حقائق جديدة ترسو فوقها أوضاع التسوية النهائية.. حذار! فجرت وزيرة الخارجية حملتها الضارية ضد مشروع معاليه أدوميم.. وخان شارون حسه وتقديره، عندما وقف الأسبوع الماضي أمام لجنة الشئون الخارجية والدفاع بالكنيست يقول: البناء في معاليه أدوميم لا يتضمن أي نقض لتفاهماتنا مع الإدارة الأمريكية.. كل من في هذه الغرفة تحرقه الأشواق أن يري معاليه أدوميم يوما.. تعانق القدس! الجنرال العسكري الأديب الذي لم يخض في حياته حربا ناجحة، أطلق الرصاص بمنتهي الدقة.. علي قدميه! وبمثل هذه السذاجة السياسية أوقف النمو الحضري لمعاليه أدوميم من الاَن وحتي يشيب الغراب ويحيد التراب! وشارون الاَن في مهب الريح! أخطر ما قاله مستشاره فايسجلاس لمحاوريه من رموز الإدارة الأمريكية: الرجل أصبح معرضا للتلاعب السياسي Political Manipulation في إسرائيل! لكن قلوب الإدارة من حجارة، وكونداليزا رايس علي وجه التخصيص! قرعوا الأبواب، جاءهم الجواب: لا وعود جديدة.. لا اتفاق واضحا علي البناء في مستوطنات الضفة.. الرئيس بوش مصر علي التزاماته التي أوردها في خطابه الشهير إلي شارون 14 ابريل 2004 والالتزام بأحكام خارطة الطريق.. عدم الانزلاق إلي طريق مختصر للوصول إلي التسوية الدائمة، وهو أمر يحرص عليه بشدة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي يزور واشنطن حاليا وقبل أن يهدأ غبار أقدام شارون! علي أن مطلب أبو مازن الملح الذي سيسابقه إلي واشنطن أن يراعي بوش تحقيق مبدأ التواصل Territorial Contiguity لأراضي الضفة المحررة!