نقلت إذاعة "سوا" الأمريكية الناطقة باللغة العربية والموجهة إلي سكان الشرق الأوسط أن خبيرا أمريكيا في التنبؤات والزلازل أكد أن منطقة الشرق الأوسط معرضة لزلزال بنفس القوة التي وقع بها الزلزال الأخير الذي ضرب جنوب اَسيا وراح ضحيته اَلاف من البشر ودمر عشرات القري والمساكن. وبعيدا عن كون هذا التنبؤ صحيحا أو خاطئا فإنه علي الأقل يحمل تحذيرا ويشير إلي وجود عامل الاحتمال خاصة أننا قد جربنا من قبل الزلزال الذي لو كان قد استمر ثواني قليلة أطول لكانت العواقب وخيمة. وهذا التحذير يعني هل نحن مستعدون كدولة وكشعب لو أتانا زلزال اَخر من النوع المدمر، وهل لدينا إمكانيات وأجهزة إغاثة ودفاع مدني تستطيع التعامل مع مثل هذه الكوارث. إن الواقع يقول إننا لانستطيع أن نتعامل مع حرائق من النوع الصغير فكيف يمكن أن نتعامل مع كوارث طبيعية تدخل الرعب في قلوب الجميع! ففي حريق مثل الذي شب موخرا في مصنع سيارات "هيونداي" فإن محاصرة امتداد الحريق كانت عملية فاشلة لأن المصنع كما قال الدفاع المدني لم تكن به مصادر مياه في الداخل لإطفاء الحريق ولذلك اضطروا للاستعانة بالمياه من الخارج وهو ما استغرق وقتا أطول..! وفي بلد لم يتعلم فيه الناس أن يفسحوا الطريق أمام سيارات الاسعاف والانقاذ والمطافيء فإن أي حالة ذعر مفاجيء بسبب مؤثر ما كالزلزال سوف تجعل الناس تتصادم وتدخل في معارك دموية في الطرقات بدلا من افساح الطريق لقوات الإغاثة والإنقاذ. ولأننا لانملك ثقافة النظام فإن الفوضي وتوابعها هي التي تضاعف الخسائر وتوقف أي جهود لمحاصرة الحرائق.. أو علاج المصابين أو البحث عن المفقودين. وفي معظم الدول فإن هناك دروسا لتدريب الطلاب علي كيفية التصرف عند وقوع حادث وتعريفهم بالمكان الاَمن الذين يلجأون إليه وتدريبهم علي الاسعافات الأولية، وهناك تدريب وتجارب مماثلة للمواطنين جميعا بحيث يكون هناك نظام يتبعه الجميع عند وقوع الكارثة. والذين شاهدوا إحدي مباريات فريق ريال مدريد الأخيرة في الدوري الأسباني اعترتهم الدهشة وهم يشاهدون الكيفية التي انصرف بها الجمهور الأسباني بعد اعلان المذيع الداخلي عن تحذير باحتمال وجود قنبلة في الملعب. فقد انصرف عشرات الاَلاف من المشاهدين بهدوء وفي نظام وبدون تدافع أو تزاحم وكأن الأمر معتاد لهم وكأنهم في حقيقة الأمر يؤدون دورا مرسوما لهم علي خشبة المسرح دون اعتبار لوجود قنبلة قد تنفجر يلقون بسببها مصرعهم. فهذا السلوك الحضاري هو الذي ينقصنا في المقام الأول لمواجهة أية كارثة محتملة أو زلزال متوقع، وهو سلوك لا يولد الإنسان به ولكنه يكتسبه بالتدريب والممارسة والتعليم والإقناع والانضباط، وهي كلها عوامل وللأسف غير متوافرة ولا موجودة عندنا. ففي مصانعنا فإن هناك الكثير من "طفايات الحريق" الموضوعة لزوم الديكور ولكنها خالية من الداخل، وفي معظم عماراتنا السكنية لا توجد حنفية حريق ولا طفاية واحدة، وربما أيضا لا توجد مياه لأن المياه كذلك مقطوعة بشكل مستمر عن بعض الأحياء مثل حي مدينة نصر. وزمان أيام زمان عندما كان فيه بقايا احترام للإنسان كان لكل عمارة "سلالم" خلفية لزوم الطواريء والهروب من الحرائق وتجنب السلم الداخلي الذي يكون عادة أسرع ما ينهار في المنزل، أما الآن فلا سلالم خارجية، ولا حتي سلالم داخلية جيدة والاعتماد فقط علي "الأسانسيرات" أما السلالم فهي مظلمة غالبا وتغلقها صناديق المخلفات دائما، وتمرح فيها القطط وربما الكلاب الضالة في أحيان كثيرة! ولقد بح صوتنا جميعا ونحن ننادي بأن نتعلم من أخطائنا وأن نتلافي عيوبنا وأن نحترم ونقدر ونحافظ علي آدميتنا وحقوقنا وأن نطبق القواعد السليمة للأمن الصناعي والوقائي والدفاع المدني، وأن نكون جاهزين دائما للتعامل مع أية مشكلة وأية كارثة وأن تكون هناك خططا جاهزة لمثل هذه الحالات، ولكن شيئا لم ولن يتغير لأن تركيبتنا العقلية خطأ، وتعليمنا قاصر، وإدارتنا عاجزة عن القيادة السليمة والتوجيه الأفضل ونعتبر أن هذه الأمور نوع من الترف وضياع للوقت، وأن ربنا سوف يسترها معانا ولا داعي لكل هذا التهويل والتخويف، وادخال الرعب والقلق في نفوس الناس. وهذا مايحدث فعلا، فنحن ننتظر دائما الستر وعندما تقع الواقعة فإننا نسأل الله سبحانه وتعالي، ألا يرد هذا القضاء ولكن أن يلطف فيه، ولم نسأل أنفسنا هل لطفنا بأنفسنا أولا وهل أدينا ما علينا من واجب والتزامات تحسبًا لهذا القضاء الذي اَلم بنا. إننا لانجيد التعامل مع الكوارث والأزمات، وصحيح أننا نهرع جميعا لإنقاذ مصابين مثلا إذا انهار منزل، ولكننا لاندرك أننا في سعينا العاطفي ربما كنا نقتل اَخرين تحت الانقاض بتحركنا فوقهم لأن عملية الإنقاذ ليست شهامة وجدعنة فقط بقدر ما هي علم وتكنولوجيا وتدريب أيضا.