حددت وزارة الاستثمار 4 قيود تعرقل خصخصة شركات الأسمدة وتحول دون اقدام المستثمرين عليها ويأتي علي رأسها الاحتكار.. تحديد الأسعار.. وسياسات مدخلات الإنتاج وعلي رأسها الكهرباء والغاز وأخيراً قيود التصدير. طرح "العالم اليوم الأسبوعي" هذه القضية علي الخبراء حيث أجمعوا علي صحة هذه القيود وبالرغم من تحفظ بعضهم علي عدم رغبة الدولة في التفريط في هذه الشركات باعتبارها "استراتيجية" إلا أنهم أتفقوا علي أن الاتجاه لآليات السوق الحر هو المدخل الأساسي للقضاء علي كل هذه المعوقات. نبدأ بدراسة اقتصادية أعدها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء أكدت ضرورة تفعيل آليات السوق الحر عند التعامل مع أزمة الأسمدة وإعادة النظر في تسعير مدخلات صناعته وكشفت الدراسة أن إنتاج الأسمدة في مصر تطور من 6.610 مليون طن عام 1995/1996 إلي 10.06 مليون طن عام 2002-2003 في حين تطور الاستهلاك من 6.26 مليون طن عام 1995/1996 إلي 7.7 مليون طن عام 2002-2003 وبلغ متوسط الإنتاج السنوي من الأسمدة النيتروجينية 8.1 مليون طن في عام 1995/1996 إلي 9.95 مليون طن عام 2003 وبلغ متوسط الفائض 1.21 مليون طن سنوياً خلال نفس الفترة. الهجرة للمناطق الحرة وعلي هذه الخلفية يوضح شريف الجبلي رئيس غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات أن عدم اقبال المستثمرين علي الاستثمار في نشاط الأسمدة يرجع إلي عدة عوامل يأتي علي رأسها الظروف والعوامل التاريخية التي يمر بها القطاع منذ أكثر من 7 سنوات، ومنذ ذلك الوقت لم تتحرك أسعار السماد الأزوتي في السوق المحلي ومازالت تباع حتي الآن بسعر 600 جنيه للطن في حين أن الأسعار العالمية زادت في الوقت الحالي ثلاثة أضعاف السعر المحلي ووصل سعر الطن إلي 250 دولاراً. ويؤكد ذلك أن جميع المستثمرين الذين استثمروا في السماد في الفترة الأخيرة اتجهوا إلي إنشاء شركات للأسمدة بنظام المناطق الحرة، وهو ما يوضح أيضاً صعوبة أن يتم بيع الشركات العامة وخصخصتها إلا إذا تم تحرير سعر السماد كما أن العجز في السماد وعدم وفائه باحتياجات السوق وحساسية السلعة والظروف الأخري الخاصة بمدخلات الإنتاج تؤدي إلي إحجام المستثمر وعدم رغبته في الاستثمار في قطاع الأسمدة. طريق الأسمنت ومن جانبه يري عادل مجلي العضو المنتدب لشركة مترو لتداول الأوراق المالية أن التصريحات الأخيرة الخاصة بالعوائق التي تحيط بشركات السماد والتي نتج عنها عدم إمكانية خصخصتها في الوقت الحالي تمثل تجميلاً للصورة فقط لأن السماد يمثل سلعة استراتيجية للدولة لا تستطيع التفريط فيه، ويؤكد أن الحكومة الجديدة يقع علي عاتقها الكثير من الأعباء خاصة فيما يتعلق بسلعة في غاية الحساسية مثل السماد، ويقتضي ذلك إعادة ترتيب الأوراق حتي يأتي الوقت المناسب لاتخاذ قرار خصخصة هذه الشركات كما حدث في شركات الأسمنت وخرجت الحكومة منها رغم أنها سلعة استراتيجية السلعة، وفي ظل اقتصاديات السوق وتفعيل أدواته وجدنا بعد بيع الأسمنت زيادة في الإنتاج بل ووجود فائض وإنشاء العديد من المصانع وارتفاع في كم وقيمة الصادرات. أما محمد السباعي رئيس قسم التنفيذ بشركة النصر وعضو الجمعية المصرية لتداول الأوراق المالية فيعترف بأن السماد كان ومازال سلعة استراتيجية ويدلل علي ذلك بأن شركة أبو قير للأسمدة ممنوعة من تداول أسهمها للأجانب، ويري أن ذلك. لايمنع مطلقا من محاولة القضاء علي المعوقات التي تمنع اقبال المستثمرين علي هذا النشاط المشابه في حساسيته لنشاط الاسمنت الذي مازال يمثل سلعة استراتيجية بالرغم من بيع معظم شركاته ولم يتبق في حوزة القطاع العام سوي شركة واحدة هي القومية للاسمنت. ويتفق السباعي في ان من اهم المشكلات التي تواجه سوق الاسمدة هي سياسة الاحتكارات ووجود ازمة في تلبية احتياجات السوق مشيرا الي قيام بنك التنمية والائتمان الزراعي بتوجيه طلب لشركة ابو قير للاسمدة مؤخرا ببيع جزء من حصتها (15% تقريبا) بسعر التصدير اي بأضعاف السعر المحلي!! التحرير هو الحل أما الدكتور فارس شاكر عياد رئيس قسم الاقتصاد بكلية الزراعة جامعة القاهرة فيري ان هذه العقبات التي تمنع من بيع شركات الاسمدة حقيقية وتتطلب العمل علي تجاوزها وقال ان ما بدأت به الحكومة في فتح قنوات اخري لتوزيع حصص الاسمدة في القطاع العام والخاص والتعاوني وبنك التنمية يعد خطوة نحو التحول المطلوب اما فيما يتعلق بتحديد الاسعار وازالة الاحتكار فيري انها ضد المنافسة وضد اقتصاد السوق الحر الذي يجب ان يصل الي الكفاءة المطلوبة وهو ما يقتضي الاسراع في تحرير سعر السماد وعدم وضع اي عراقيل ليس فقط علي التوزيع او التسويق ولكن علي الانتاج ويؤكد ان ذلك امر ضروروي حتي نتمكن من ايجاد كيانات جديدة تستطيع الاستثمار في هذا السوق وزيادة طاقته الانتاجية. اما محمد حمدي المحلل المالي بالتجاري الدولي للسمسرة فقد اوضح ان السماد سلعة استراتيجية ويصعب علي الحكومة ان تتطرح حصتها فيها للبيع وخاصة عندما تكون هذه الحصص في شركات عملاقة مثل أبو قير والمالية والصناعية. ويطرح محمد الخشن نائب رئيس الجمعية المصرية للاسمدة الميزة النسبية التي يتمتع بها المناخ الاستثماري المصري في سوق الاسمدة وتتمثل في وفرة الغاز الطبيعي الذي يمثل 54% من تكلفة الانتاج بالاضافة الي موقع مصر الفريد الذي يقلل من تكاليف النقل والعمالة المدربة المتوافرة في القطاع ويري ان لب القضية يتمثل في هروب الاستثمار الاجنبي عن نشاط السماد نتيجة القيود التي يعاني منها قطاع الاسمدة المتمثلة في سياسة التقييد الخاصة بتحديد الاسعار لنجد انه في الوقت التي تعدت فيه الاسعار العالمية للسماد 2000 جنيهاً للطن تقوم مصانع السماد في مصر بتسليم الطن بأسعار لا تتعدي 480 جنيه بالاضافة الي التدخل المستمر في سياسة التوزيع بقرارات متكررة ومتعددة الامر الذي ادي الي ارباك السوق واعطي فكرة للمستثمر الخارجي ان آليات السوق الحر معطلة وهو ما اسفرعن عائق اخر يتمثل في حرمان المصانع المصرية من الربح بما يجعلها غير قادرة علي تطوير معداتها وانشاء وحدات انتاجية جديدة. ويؤكد الخشن ان القطاع الزراعي يستطيع ان يتحمل اعباء الزيادة في الاسعار نتيجة تحرير القطاع مشيرا الي ان المنتج الزراعي بصفة عامة قد زادت قيمته السوقية الي اكثر من 4 اضعاف كما ان تكلفة السماد في الانتاج الزراعي لا تتعدي اكثر من 15% وهي زيادة يمكن استيعابها بدون مشكلات.