جدل شديد أحدثه عرض وزارة المالية لمشروع قانون يسمح للقطاع الخاص بالمشاركة في مشروعات البنية الأساسية، فبينما يراه فريق حلا اجباريا لمعضلة عجز الموازنة، يراه آخرون بابا خلفيا لمزيد من الخصخصة ودليلا علي فشل الحكومة في توفير مصادر تمويل مشروعاتها. «روزاليوسف» أجرت مواجهة بين اثنين من مؤيدي ومعارضي المشروع، الأول د. علي لطفي رئيس الوزراء الأسبق وعضو مجلس الشوري الذي يري أن القانون يصب في مصلحة المواطن لأنه يحسن من مستوي الخدمات المقدمة له، والثاني د. رفعت السعيد رئيس حزب التجمع وعضو مجلس الشوري الذي يري القانون دليلا علي فشل الحكومة.. إلي نص المواجهة: د. علي لطفي: شراكة «إجبارية» بعيدا عن «الخصخصة» 30 مليار جنيه ننفقها علي البنية التحتية والمطلوب 120 مليارا.. من أين نأتي بالفارق؟ استبعد د. علي لطفي رئيس الوزراء الأسبق وعضو مجلس الشوري أن يكون مشروع مشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية وجها آخر للخصخصة، مؤكدا أنه شراكة بين الحكومة والقطاع الخاص. وقال في حواره ل «روزاليوسف» إن الدولة تنفق 30 مليار جنيه سنويا علي مشروعات البنية الأساسية وهو مبلغ ضئيل مقارنة بالمبلغ المطلوب للوصول بالخدمات المقدمة إلي مستوي جيد وهو 120 مليار جنيه ولذلك فإن مشاركة القطاع الخاص ضرورة. ورغم اعتراف لطفي باحتمالية دخول شركات أجنبية يمكنها تهديد الأمن القومي إلا أنه شدد علي أن القانون يضم بنودا تضمن حق الدولة منتقدا بعض القيود التي قد يرفضها المستثمر خاصة الأجنبي. كيف تري مشروع قانون مشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية؟ - مشروع القانون يسمح بمشاركة الأفراد والشركات المصرية أو الأجنبية للحكومة في إنشاء مرافق عامة لمدة تتراوح ما بين 5 و30 عاما وبعقود لا تقل قيمتها عن 100 مليون جنيه بعد موافقة اللجنة العليا لشئون المشاركة وبعد الدراسات التي تعد تحت إشراف الوحدة المركزية للمشاركة والتابعة لوزارة المالية، ويمنع القانون الجهة الإدارية مباشرة المشروع بتشغيله أو استغلاله في حالة إخلال الشركة القائمة بالمشروع بالتزاماتها في التشغيل أو تحقيق مستويات الجودة المقررة قانونا، ويضع القانون ضوابط لتنظيم ملكية المشروع أثناء مدة العقد، وبالتالي فإن القانون لن يغير فلسفة العمل الوطني للحكومة، بل ستواصل الحكومة دعمها لمشروعات التنمية والاستثمار. وما مدي الحاجة إلي هذا القانون حاليا؟ - الهدف من التشريع هو توفير الأموال اللازمة لإقامة البنية الأساسية بشكل كاف لتغطية احتياجات المواطن، فيما يتوافر بالموازنة العامة للدولة من اعتمادات مالية لمشروعات البنية الأساسية والمرافق العامة سواء محطات المياه والصرف الصحي وشبكات الكهرباء، والطرق والكباري، أو حزمة الخدمات الأساسية من التعليم والعلاج، حوالي 30 مليار جنيه والدولة بحاجة لما يزيد علي 120 مليار جنيه سنويا، وهو ما أدي لمزيد من شكاوي المواطنين سواء من سوء الخدمة المقدمة أو غيابها وهو ما ينذر بصعوبة حل تلك المشكلة خاصة في ظل ارتفاع الأسعار والكثافة السكانية الرهيبة، فالدولة لا يمكنها طباعة مزيد من النقود لإقامة مشروعات البنية الأساسية لأن هذا معناه تخريب الاقتصاد المصري ومزيد من ارتفاع الأسعار والتضخم، كما أننا لا يمكننا الاقتراض، لأن لدينا ديونا بما فيه الكفاية، والتي وصلت لما يزيد علي 800 مليار جنيه، وبالتالي لم يعد أمامنا سوي الخيار الأخير وهو السماح للقطاع الخاص بالمشاركة والقانون قد احاله مجلس الوزراء لمجلس الشوري لدراسته وتمت الموافقة عليه، وأحيل لمجلس الشعب. ما أهم بنود المشروع؟ - أهم ما في هذا المشروع أنه يتعامل مع المشروعات الكبيرة، فالعقد لا تقل مدته عن خمسة أعوام واستثمارات لا تقل عن 100 مليون جنيه وستكون هناك شركة لكل مشروع علي حدة هدفها الوحيد هو إقامة المشروع ويوجد بند آخر متعلق باللجنة العليا والوحدة المركزية للمتابعة التابعة لوزارة المالية وقد تم انشاؤهما بالفعل. كيف يتم انشاؤهما قبل إقرار المشروع؟ - الحكومة تريد أن تضمن حقها من خلال بنية تشريعية موائمة لدفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والارتقاء بمستوي الخدمات وخلق مزيد من فرص العمل مع عدم الاخلال بمبادئ الدستور. وما هي ضمانات عدم إخلال المستثمرين بالعقود المبرمة؟ - توجد الوحدة المركزية التابعة لوزارة المالية والتي تتابع أولا بأول ما يجري في عملية المشاركة، كما أن العقد لا ينص فقط علي المشاركة بالبناء والانشاء وإنما بالاستغلال أيضا فقد يتمكن المستثمر من إدارة المشروع ولكن الجهة الإدارية أو الحكومة من حقها أن تعدل - طبقا للمادة 7 من مشروع العقد وشروط البناء والتجهيزات وأسعار البيع - إذا أخل المستثمر كما أنه لا يجوز الحجز علي تلك المشروعات وعلي الشركة القائمة علي المشروع تقديم تقارير دورية للجنة العليا للشركة والتي يرأسها رئيس الوزراء وعضويتها ويجب أن يخضع من الوزراء المعنيين، المستثمر لمبادئ العلانية والشفافية وحرية المنافسة وتكافؤ الفرص والمساواة، كما يتم النشر والإعلان بملابسات المشاركة وبالنسبة للمشروع ذاته فسوف يقوم علي فكرة العطاءات والمظاريف حيث يوجد مظروف فني وآخر مالي وستتم الموافقة علي أفضل عطاء مالي مقدم، ويجوز أن يحتوي العطاء علي تحالف لأكثر من مستثمر، كما أن عقد المشاركة يتضمن 10 نقاط أساسية ويخضع تنفيذه لأحكام القانون المصري وهناك لجنة للتظلمات، ومن ثم فهناك ضمانات كافية تحول دون ضياع حقوق الدولة والمواطن. اعترضت علي وجود قيود بالتشريع تحول دون جذب المستثمرين؟ - توجد مادة بالقانون تسمح للحكومة بالتغيير في شروط البناء أو التجهيز أو التطوير أو أسعار البيع مقابل تعويض وهذا أمر سيئ، فالعقد شريعة المتعاقدين ولا يمكن للحكومة أن تغير في بنود العقد منفردة ولابد أن يكون هذا باتفاق الطرفين، ولكن للأسف لم يؤخذ برأيي في مجلس الشوري، رغم أن هذا الأمر لا يقبله عقل أي مستثمر وبالأخص الأجنبي. البعض اعتبر التشريع سياسيا وليس اقتصاديا؟ - العبرة ليست بالمسميات وهذا القانون اقتصادي اجتماعي، لمشاركة القطاع الخاص لسد الثغرة بين إمكانيات الدولة ومطالب إنشاء خدمات البنية التحتية. هل هذا يعني تخلي الدولة عن «الدعم»؟ - بالعكس هناك عقد بين الحكومة والمستثمر باشتراطات ومواصفات والمستثمر ملتزم أمام الحكومة، كما أنه لا توجد علاقة بين المستثمر والمواطن ولكن بين الحكومة والمواطن، والمستثمر لن يبع للمواطن وإنما سبيع للحكومة وبدورها تتعامل مع المواطن. ألا تري أن وجود مستثمرين أجانب، يخل بمبادئ الأمن القومي للبلاد؟ - قد تتواجد شركات وهمية أو مجهولة أو تتعارض مصالحها مع الأمن القومي للبلاد ولكن هذا احتمال ضعيف، وإذا خفنا لن نعمل، وهناك اللجنة المركزية وهي مسئولة عن التحقيق في الجهات المتقدمة. ولماذا لم يقتصر علي المستثمر المصري؟ - لا يمكننا الاقتصار علي المستثمر المصري، لأننا أعضاء في اتفاقية تحرير السلع والخدمات والتي تنص علي ألا يوجد تمييز بين المواطن والأجنبي، كما أن تلك المشروعات تتعلق بمليارات الجنيهات ولا يقوي عليها المستثمر المصري وإذا تمكن ففي نطاق محدود، وأغلبية دول العالم تعمل بهذا النظام وعلي رأسها أمريكا واليابان. البعض يري القانون خصخصة وليس شراكة؟ - الخصخصة ليست عيبا، ولكن ما نقوم بدراسته ليس خصخصة فهو شراكة بين الحكومة والمستثمر. هل أخذ التشريع وقته الكافي؟ - بالطبع قد أخذ حقه من المناقشة وأخذ برأي الأغلبية. هل نظر لآراء المعارضة؟ - نعم ولكن أغلب آرائهم بها أخطاء علمية، فهم يؤكدون أنه خصخصة ونحن لا نبيع القطاع العام للقطاع الخاص. وهل أخذ رأي مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب؟ - ليس بالضرورة أخذ رأي مؤسسات المجتمع المدني في كل التشريعات وكذلك الأحزاب، والمشروع قد تم طرحه إعلاميا، وإذا كانت لديهم تحفظات لماذا لم يرسلوها إلي المجلس، وعموما مازالت أمامهم الفرصة عند مناقشته بمجلس الشعب. هل الحكومة نفذت بالفعل قبل إقرار المشروع؟ - كان يجب التجريب أولا والحكومة رأت أن عليها تحصين مشروعاتها ببنية تشريعية؟ ماذا تأمل عند طرحه بمجلس الشعب؟ - أتمني تعديل المادة 7 والخاصة بقيود علي المستثمر والموافقة عليه خلال الدورة البرلمانية الحالية.
د. رفعت السعيد: القانون وسيلة لستر عورة الموازنة العامة هاجم د. رفعت السعيد رئيس حزب التجمع وعضو مجلس الشوري مشروع مشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية معتبرًا أنه وسيلة «لستر عورة الموازنة العامة للدولة» حيث تريد وزارة المالية إخراج المليارات التي تنفق سنويا علي البنية التحتية من الإنفاق العام. ووصف السعيد التشريع بأنه يعبر عن فشل الحكومة في إدارة مشروعات البنية الأساسية. وتساءل كيف نعتبر القانون شراكة بين الحكومة والقطاع الخاص ونسبة ملكية الحكومة للمشروع لا تزيد علي 20% وليس 51% حتي تحتفظ بحق الإدارة؟ وأكد أن الدولة بذلك تتخلي عن دورها في دعم المواطن وأن إقرار القانون بصورته الحالية كارثة. ما مشاكل القانون من وجهة نظرك؟ - المشكلة الأساسية تكمن في أسلوب طرح مشروع القانون وطريقة التعامل معه، حيث فاجأتنا وزارة المالية بمشروع القانون وتمت الموافقة عليه بسرعة رهيبة، لأن وزارة المالية أعلنت استعجالها لإصداره، وللأسف، مما زاد من الريبة والشك، معرفتنا بأن هناك لجانا إدارية قد تم تشكيلها قبل مناقشة مواد التشريع الجديد، وحينما اعترضنا علي ذلك، قال دكتور يوسف بطرس غالي، بأنه لو امتلك فرصة لتوظيف 5 عمال لن ينتظر أمرا، وهو الأمر الغريب، فلا يمكن ألا نحترم الدستور لمجرد التوظيف حتي ولو كان عددهم 5 ملايين عامل، فالمفترض أن تقرر السلطة التشريعية القانون، ثم يأتي دور السلطة التنفيذية في تنفيذ المشروع، فالطريقة المعترف بها هي عرض مشروع القانون علي مجلس الدولة وأحيانا يعرض علي الرئيس ثم مجلس الشوري وبعدهما الشعب ثم يعاد لرئيس الدولة ويوافق عليه وينشر بالوقائع المصرية. وللأسف نحن لم نلتزم بتنفيذ هذا التسلسل فهناك عقود وقعت قبل إقراره حتي بالشوري، والدليل علي هذا أن أحد كبار رجال الأعمال اتصل بي شخصيا وانتقدني «مؤكدًا» أنه وقع عقدا مع المالية ولا داعي للمعارضة، وكان رد وزارة المالية حيال هذا أن العقود التي دفعتها مشروطة بإمكانية التعديل وفقا لمواد التشريع الجديد، وهذا حديث لا يصدقه عقل فكيف لمستثمر أن يوقع عقدا بمليارات الجنيهات ويتضمن شرط التعديل وفقا للتشريع الجديد وأتحدي من يتقدم بصورة لأي عقد يتضمن ذلك. وكيف تبرر عرض القانون في الوقت الحالي؟ - هناك عجز هائل بالموازنة، فهناك 30 مليار جنيه تخصص سنويا لمشروعات البنية الأساسية والمرافق العامة، ووزارة المالية تريد أن تضعها خارج الإنفاق العام ولا يوجد أمامها سوي السماح بدخول القطاع الخاص. وكيف تري التشريع ذاته؟ - للأسف التشريع يعبر عن فشل الحكومة بعد 50 عامًا في إدارة المرافق والخدمات وبالتالي تأتي بتشريع جديد، وتحاول أن توهم المجلسين بأنه يتعلق بمشروعات جديدة وأنه لن يتطرق للمشروعات القائمة، وهذا غير صحيح، فهناك نص صريح بالقانون ينص علي المشاركة أو التطوير أو إدارة المشروعات، ومن ثم قد نفاجأ بمرفق مياه القاهرة الكبري ملك لمستثمر عربي أو أجنبي، وبالتالي فليس الهدف إنشاء مدارس جديدة أو مستشفيات وإنما خصخصة المرافق الأساسية للدولة. لماذا تصفه بالخصخصة رغم أنه «مشاركة»؟ - كيف نعتبره مشاركة ونسبة ملكية الحكومة لا تزيد علي 20% وليس 51% حتي تحتفظ بحق الإدارة، فهو خصخصة لما تبقي من دور الدولة تجاه الموطن وستر «عورة» الموازنة العامة فالقانون «سياسي» بالدرجة الأولي. لكن وزارة المالية تؤكد علي استمرار الدعم؟ -التشريع ببنوده الحالية وبعقود مبرمة فعلاً، يعني أن الدولة قد تخلت عن دورها في دعم المواطن، والمواطن لن يستطيع تحمل فاتورة ارتفاع الأسعار والخدمات أمام دخول المستثمرين في قطاع الخدمات والمرافق. وكيف تري ضمانات عملية الشراكة؟ - يكفي أن نذكر بأن المادة المتعلقة في حالة تقاعس المستثمر أو إذا أساء أو «اتخذ إجراءات مخالفة، يتم ايقاف المشروع وتتولي الدولة إدارة المشروع»، وهذا قرار إداري يجوز الطعن فيه أمام محكمة القضاء الإداري ويحال للإدارية العليا وانتداب الخبراء ويستغرق الأمر قرابة 4 أعوام، حتي نتمكن من سحب المشروع من يد المستثمر، كما أن وجود لجان تابعة لوزارة المالية لا يعني ضرورة غياب الفساد فنحن نريد أن تكون الأمور أكثر صرامة في عملية الإدارة والتسعير، ونتمني أن يأخذ القانون وقتا أطول خاصة أنه تم التسرع في إقراره بمجلس الشوري خلال 3 جلسات فقط، رغم أهمية التشريع وخطورته، فنحن لا نعترض لمجرد الاعتراض ولكن هناك أمورا مثيرة للريبة. أعلن بعض نواب الشوري عن وجود قيود للمستثمرين تحول دون تنفيذ عملية الشراكة فما رأيك؟ - هذه هي حيلة وزارة المالية، فقد تم عرض القانون فعلاً ويشمل قيودًا لصالح الحكومة وهي إمكانية تعديل بنود العقد ولكن لا أري أن تلك قيود، وإنما ضمانات، ولكن بعض أعضاء الحزب الوطني أكدوا أنه لا يوجد مستثمر يقبل بهذا الشرط، وأخشي أن يتم تمرير المشروع بمجلس الشعب دون وجود تلك القيود علي المستثمرين لضمان حق الدولة والمواطن. وهل تري أي مساس بالأمن القومي من خلال المشروع؟ - هناك احتمالية وجود شركات وهمية أو من جنسيات غير مرغوب فيها أو عقود بالباطن. هل تملك حلولا أخري غير القانون لسد العجز في الموازنة وإقامة مشروعات البنية الأساسية؟ - الحل في تطبيق الضرائب التصاعدية، ولدينا مصدر ثري بدلاً من إشراك الأجانب، فالدولة لديها مصدر الضرائب العقارية للحصول علي إمكانيات مالية هائلة، فلا توجد دولة أوروبية باستثناء المجر لا تطبق هذا النظام، وإذا كنا نقتدي بالغرب في الخصخصة وإدارة المرافق والشراكة فلماذا لا نقتدي بهم فيما يتعلق بالضرائب التصاعدية، فهناك نظرية في علم الاقتصاد يطلق عليها التساقط. وهي أن الثروات تصعد ثم تهبط مرة أخري للفقراء في صورة فرص عمل وخدمات لهم. ماذا تأمل عند عرض القانون في مجلس الشعب؟ - أتمني أن يأخذ حقه في المناقشة لأنه لو تم إقراره هكذا سيصبح «كارثة».
د. رفعت السعيد: القانون وسيلة لستر عورة الموازنة العامة هاجم د. رفعت السعيد رئيس حزب التجمع وعضو مجلس الشوري مشروع مشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية معتبرًا أنه وسيلة «لستر عورة الموازنة العامة للدولة» حيث تريد وزارة المالية إخراج المليارات التي تنفق سنويا علي البنية التحتية من الإنفاق العام. ووصف السعيد التشريع بأنه يعبر عن فشل الحكومة في إدارة مشروعات البنية الأساسية. وتساءل كيف نعتبر القانون شراكة بين الحكومة والقطاع الخاص ونسبة ملكية الحكومة للمشروع لا تزيد علي 20% وليس 51% حتي تحتفظ بحق الإدارة؟ وأكد أن الدولة بذلك تتخلي عن دورها في دعم المواطن وأن إقرار القانون بصورته الحالية كارثة. ما مشاكل القانون من وجهة نظرك؟ - المشكلة الأساسية تكمن في أسلوب طرح مشروع القانون وطريقة التعامل معه، حيث فاجأتنا وزارة المالية بمشروع القانون وتمت الموافقة عليه بسرعة رهيبة، لأن وزارة المالية أعلنت استعجالها لإصداره، وللأسف، مما زاد من الريبة والشك، معرفتنا بأن هناك لجانا إدارية قد تم تشكيلها قبل مناقشة مواد التشريع الجديد، وحينما اعترضنا علي ذلك، قال دكتور يوسف بطرس غالي، بأنه لو امتلك فرصة لتوظيف 5 عمال لن ينتظر أمرا، وهو الأمر الغريب، فلا يمكن ألا نحترم الدستور لمجرد التوظيف حتي ولو كان عددهم 5 ملايين عامل، فالمفترض أن تقرر السلطة التشريعية القانون، ثم يأتي دور السلطة التنفيذية في تنفيذ المشروع، فالطريقة المعترف بها هي عرض مشروع القانون علي مجلس الدولة وأحيانا يعرض علي الرئيس ثم مجلس الشوري وبعدهما الشعب ثم يعاد لرئيس الدولة ويوافق عليه وينشر بالوقائع المصرية. وللأسف نحن لم نلتزم بتنفيذ هذا التسلسل فهناك عقود وقعت قبل إقراره حتي بالشوري، والدليل علي هذا أن أحد كبار رجال الأعمال اتصل بي شخصيا وانتقدني «مؤكدًا» أنه وقع عقدا مع المالية ولا داعي للمعارضة، وكان رد وزارة المالية حيال هذا أن العقود التي دفعتها مشروطة بإمكانية التعديل وفقا لمواد التشريع الجديد، وهذا حديث لا يصدقه عقل فكيف لمستثمر أن يوقع عقدا بمليارات الجنيهات ويتضمن شرط التعديل وفقا للتشريع الجديد وأتحدي من يتقدم بصورة لأي عقد يتضمن ذلك. وكيف تبرر عرض القانون في الوقت الحالي؟ - هناك عجز هائل بالموازنة، فهناك 30 مليار جنيه تخصص سنويا لمشروعات البنية الأساسية والمرافق العامة، ووزارة المالية تريد أن تضعها خارج الإنفاق العام ولا يوجد أمامها سوي السماح بدخول القطاع الخاص. وكيف تري التشريع ذاته؟ - للأسف التشريع يعبر عن فشل الحكومة بعد 50 عامًا في إدارة المرافق والخدمات وبالتالي تأتي بتشريع جديد، وتحاول أن توهم المجلسين بأنه يتعلق بمشروعات جديدة وأنه لن يتطرق للمشروعات القائمة، وهذا غير صحيح، فهناك نص صريح بالقانون ينص علي المشاركة أو التطوير أو إدارة المشروعات، ومن ثم قد نفاجأ بمرفق مياه القاهرة الكبري ملك لمستثمر عربي أو أجنبي، وبالتالي فليس الهدف إنشاء مدارس جديدة أو مستشفيات وإنما خصخصة المرافق الأساسية للدولة. لماذا تصفه بالخصخصة رغم أنه «مشاركة»؟ - كيف نعتبره مشاركة ونسبة ملكية الحكومة لا تزيد علي 20% وليس 51% حتي تحتفظ بحق الإدارة، فهو خصخصة لما تبقي من دور الدولة تجاه الموطن وستر «عورة» الموازنة العامة فالقانون «سياسي» بالدرجة الأولي. لكن وزارة المالية تؤكد علي استمرار الدعم؟ -التشريع ببنوده الحالية وبعقود مبرمة فعلاً، يعني أن الدولة قد تخلت عن دورها في دعم المواطن، والمواطن لن يستطيع تحمل فاتورة ارتفاع الأسعار والخدمات أمام دخول المستثمرين في قطاع الخدمات والمرافق. وكيف تري ضمانات عملية الشراكة؟ - يكفي أن نذكر بأن المادة المتعلقة في حالة تقاعس المستثمر أو إذا أساء أو «اتخذ إجراءات مخالفة، يتم ايقاف المشروع وتتولي الدولة إدارة المشروع»، وهذا قرار إداري يجوز الطعن فيه أمام محكمة القضاء الإداري ويحال للإدارية العليا وانتداب الخبراء ويستغرق الأمر قرابة 4 أعوام، حتي نتمكن من سحب المشروع من يد المستثمر، كما أن وجود لجان تابعة لوزارة المالية لا يعني ضرورة غياب الفساد فنحن نريد أن تكون الأمور أكثر صرامة في عملية الإدارة والتسعير، ونتمني أن يأخذ القانون وقتا أطول خاصة أنه تم التسرع في إقراره بمجلس الشوري خلال 3 جلسات فقط، رغم أهمية التشريع وخطورته، فنحن لا نعترض لمجرد الاعتراض ولكن هناك أمورا مثيرة للريبة. أعلن بعض نواب الشوري عن وجود قيود للمستثمرين تحول دون تنفيذ عملية الشراكة فما رأيك؟ - هذه هي حيلة وزارة المالية، فقد تم عرض القانون فعلاً ويشمل قيودًا لصالح الحكومة وهي إمكانية تعديل بنود العقد ولكن لا أري أن تلك قيود، وإنما ضمانات، ولكن بعض أعضاء الحزب الوطني أكدوا أنه لا يوجد مستثمر يقبل بهذا الشرط، وأخشي أن يتم تمرير المشروع بمجلس الشعب دون وجود تلك القيود علي المستثمرين لضمان حق الدولة والمواطن. وهل تري أي مساس بالأمن القومي من خلال المشروع؟ - هناك احتمالية وجود شركات وهمية أو من جنسيات غير مرغوب فيها أو عقود بالباطن. هل تملك حلولا أخري غير القانون لسد العجز في الموازنة وإقامة مشروعات البنية الأساسية؟ - الحل في تطبيق الضرائب التصاعدية، ولدينا مصدر ثري بدلاً من إشراك الأجانب، فالدولة لديها مصدر الضرائب العقارية للحصول علي إمكانيات مالية هائلة، فلا توجد دولة أوروبية باستثناء المجر لا تطبق هذا النظام، وإذا كنا نقتدي بالغرب في الخصخصة وإدارة المرافق والشراكة فلماذا لا نقتدي بهم فيما يتعلق بالضرائب التصاعدية، فهناك نظرية في علم الاقتصاد يطلق عليها التساقط. وهي أن الثروات تصعد ثم تهبط مرة أخري للفقراء في صورة فرص عمل وخدمات لهم. ماذا تأمل عند عرض القانون في مجلس الشعب؟ - أتمني أن يأخذ حقه في المناقشة لأنه لو تم إقراره هكذا سيصبح «كارثة».