كشفت فضيحة شركة "بارمالات" الايطالية للأغذية والالبان عقم الانظمة المحاسبية المستخدمة في أوروبا ودفعت الفضيحة التي لم تكن متوقعة واصابت المستثمرين بالفزع الشديد إلي الاستعانة بالمفوضية الأوروبية لوضع أنظمة محاسبية جديدة قادرة علي كشف التحايلات والبيانات الزائفة. ووضعت المفوضية الأوروبية بالفعل عدة قواعد جديدة تتعلق بالشركات ستتولي الاعلان عنها الشهر القادم. فمنذ 15 شهرا ماضية شعر المستثمرون الأوروبيون بالقلق بعد أن ترددت شائعات بشأن الممارسات المحاسبية في شركة "بارمالات" الايطالية العملاقة. وفي منتصف ديسمبر الماضي تحول القلق إلي كابوس مفزع بعد أن خسرت الشركة نصف قيمتها قريبا في أسواق الاسهم تحت وطأة ديون خسائر ضخمة تصل إلي 5.14 مليار يورو (حوالي 18 مليار دولار) والأكثر أهمية أن هذه الفضيحة المدوية بددت أي توقعات تنفي أن تجربة الفضائح المحاسبية لشركات أمريكية لن تطول الشركات الأوروبية وأن ما حدث مع شركة "انرون" المنهارة وغيرها ليس إلا ظاهرة أمريكية. فقد تبين بوضوح للجميع أن هناك خلال وثغرات كثيرة في القواعد المحاسبية الأوروبية وتطبيقاتها التي يتم التلاعب بها شأن الأمريكية وأن الوضع لم يعد يحتاج لتأجيل ولذلك تحول الانتباه وبسرعة للمفوضية الأوروبية والمطالبة باعطاء دور أكبر لمفوضي لشئون الداخلية الأوروبية "فرتز بولكشتاين" وقامت المفوضية الأروبية بالفعل بوضع الخطوط العريضة لخطط فعلية طموح للاشراف علي المؤسسات لمكافحة نفوذ أعضاء مجالس الادارة وتلاعب الشركات في بياناتها المالية. ومن آخر الاقتراحات التي قدمها "فريتز بولكشتاين" والمفوض الأوروبي للشئون الداخلية تعديل في القانون يمنع الشركات من اخفاء بعض الالتزامات أو البنود الاستثنائية عن الميزانية المعلنة إذا كان الغرض هو اخفاء الخسائر ويقول الاقتراح أن أي ارتباطات لم تدخل في الميزانية يجب أن يتم كشف النقاب عنها في مسودة مرفقة بالحسابات السنوية. وتأمل المفوضية في أن يؤدي اقتراحها إلي إلقاء الضوء علي الكثير من الصفقات التي كانت تخفي في السابق. وستجبر الشركات أيضا علي نشر بيان سنوي مراقب للشركة يعرض الخطوط العريضة لأساليب الاشراف التي تتبناها الشركة والبنود التشريعية التي تتقيد بها. أما الجزء الثاني فهو مخصص لمواجهة مشكلات تماثل تلك التي حدثت مع "بارمالات" وتتعرض لكيفية تعامل الشركة مع المدققين أو المحاسبين القانونين والاخطاء التي وقعت وكيفية تلاقيها وفي هذه الجزئية يلقي "بولكشتاين" باللوم علي المراجعين المشتركين في الفضيحة مشيرا إلي أن المدققين هم الحصن الامامي ضد المتلاعبين والنصابين والذين يسعون إلي "طبخ" الدفاتر وأضاف أن بارمالات كانت نموذجا لما يمكن أن يحدث عندما يسقط الحصن الدفاعي الرئيسي. ووفقا للقانون الجديد الذي يتعين أن توافق عليه الدول الأعضاء والبرلمان الأوروبي يمنع المدققون من الاقتراب أو اقامة علاقات قريبة مع الشركات التي يتولوا مسئولية فحص حساباتها. بالاضافة إلي ضرورة تغيير الشركات التي تتولي عمليات الفحص والتدقيق القانوني في الحسابات كل خمس سنوات علي الأكثر كما يحظر علي المحاسبين القانونين تقديم خدمات لعملاء هذه الشركات ورغم أن المفوضية ستنتهي الشهر القادم إلا أن الاختبار الحقيقي سيكون هو مدي نجاح "فريتز بولكشتاين" في الحد من الفضائح المالية للشركات الأوروبية.