أصبح اللجوء للقضاء المفتاح الرئيسي لإعادة أي شركة الي كنف القطاع العام وأيضا إلغاء تعاقدات مع مستثمرين وذلك في ظل تقاعس الحكومة عن المبادرة باتخاذ إجراءات لتسوية منازعات المستثمرين مع الحكومة. أكد خبراء اقتصاديون ان الاحكام القضائية التي صدرت مؤخرا لإعادة بعض الشركات الي الدولة ستؤثر سلبا علي الأداء الاقتصادي في البلاد خلال المرحلة المقبلة كما أنها ستؤدي الي خروج رءوس أموال عربية وأجنبية من البلاد وستوجد بيئة من التوتر وعدم الشفافية وترهب المستثمر القادم عن مدي قانونية العقود المبرمة في المستقبل فضلا عن تقليص الاستثمارات الحالية وعدم الدخول في مشروعات توسع خوفا من الاحكام القضائية وإلغاء العقود. في البداية يقول وائل أمين خبير أسواق المال إن الأحكام القضائية التي صدرت مؤخرا إلي جانب التي مازالت تنظر في ساحات القضاء والتي تتعلق بشركات أو صفقات تم توقيعها في النظام السابق ستؤثر علي أسهم هذه الشركات في السوق المصري. ويضيف ان هذا الملف سيظل يلقي بظلاله السلبية علي نشاط اسهم الشركات المدرجة في البورصة المصرية حيث فضل المستثمرون الابتعاد عن هذه الاسهم خوفا علي استثماراتهم اضافة الي السمعة السيئة التي تخلفها هذه الاحكام علي مناخ الاستثمار في مصر. ساحة المحاكم أشار إلي ضرورة وجود محاكم اقتصادية اكثر تخصصا لسرعة الفصل في مثل تلك القضايا لأن عنصر الوقت له تأثير كبير في أسواق المال كما ان هذه القضايا تعطل استثمارات ضخمة من الدخول مرحلة التنفيذ. ويضيف ان الأحكام التي صدرت حتي الآن والتي أقرت ببطلان أكثر من عقد يختلف الرأي بشأنها فهناك من يري ان هناك فسادا في هذه العقود ولا بد من عودة الشركات للدولة وهناك من يري ان هذه الأحكام تتعلق بأوضاع قانونية استقرت منذ سنوات ولا يجوز أن يتم تغييرها.. إلا أن المؤكد هو الضرر الذي يقع علي المستثمر في البورصة وأيضا علي مناخ الاستثمار بصفة عامة مشيرا إلي حالة "النيل لحليج الاقطان" فهناك آلاف المستثمرين المصريين يمتلكون أسهما في تلك الشركة فمن سيعوض هؤلاء في حالة ضياع استثماراتهم؟! ملف شائك ويوضح ان هذا الملف شائك ويجب معالجته بطريقة يتم النظر من خلالها الي حقوق جميع الاطراف الدولة من جانب والمستثمرين من جانب آخر اضافة الي مستثمر البورصة الذي تضرر بدون سبب واضح. أما بالنسبة لكبري الشركات الاجنبية التي ترغب في الاستثمار داخل مصر فإن هذا يجعلها تتردد كثيرا في اتخاذ القرار الاستثماري في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد الي مليارات الدولارات حتي يمكن تشغيل عمالة وتحقيق تنمية ويجب ألا نغفل انه بداخل مصر فرص استثمارية جيدة للغاية ولكن الوضع بهذه الطريقة يجعل المستثمر متخوفا. ويوضح اننا مع حصول الدولة علي حقوقها كاملة ولكننا ضد أن يتضرر مستثمر. تخبط المسئولين ويري عمرو صابر خبير أسواق المال ان هناك حالة من التخبط بين مصلحة الاقتصاد ودولة القانون ففي فترة ما قبل الثورة أبرم النظام السابق كثيرا من العقود التي تشوبها المشكلات القانونية مثل عقد انشاء مشروع "مدينتي" لمجموعة طلعت مصطفي القابضة أو عقد مشروع توشكي مع شركة المملكة المملوكة لرجل الأعمال السعودي الوليد بن طلال أو عقد تصدير الغاز مع شركة شرق البحر المتوسط التي كانت مملوكة لرجل الأعمال الهارب حسين سالم أو عقد استغلال منجم السكري لشركة سنتامين مصر. كما قام النظام باتمام كثير من عمليات الخصخصة لشركات القطاع العام مثل شركة النيل لحليج الاقطان وشركة الاسكندرية للأسمنت وشركة حديد الدخيلة وغير ذلك من الشركات التي تم بيعها بقيم أقل بكثير من القيم الحقيقية بدون وعي اقتصادي مما شاب تلك العمليات اخطاء قانونية فادحة واضرار بالمال العام أدت في النهاية إلي اقامة كثير من الدعاوي أمام القضاء تطالب ببطلان هذه العقود وبالفعل بدأت دولة القانون تنتصر لحق الشعب وتمكينه من بيع أو استغلال موارده بصورة عادلة ولكنها لم تضع في الحسبان القرارات الاقتصادية التابعة لمثل هذه الأحكام. ويضيف: البداية كانت مع حكم المحكمة في الرابع عشر من سبتمبر للنظر في قضية أرض "مدينتي" الموقع بين الحكومة وشركة مجموعة طلعت مصطفي ببطلان عقد البيع مما أثر علي سعر السهم في البورصة من 5.7 حتي هبط الي 13.6 في جلستين متتاليتين أي ما يقرب من 20%. وتبع ذلك كثير من القضايا التي ظهرت مع فتح ملفات الفساد بعد الثورة منها البنك الوطني المصري والتي يحاكم عنها الآن نجلا الرئيس المخلوع وقضايا بيع وخصخصة شركات الأسمنت طرة للأسمنت والاسكندرية للاسمنت والاسكندرية للأسمنت التي ينظر في بطلان عقد بيعها. ملفات الفساد وكانت أهم تلك الاحكام الحكم بوقف تصدير الغاز للكيان الصهيوني وإلغاء التعاقد من الجانب المصري والحكم التاريخي الصادر يوم الثلاثاء 30 أكتوبر بإلغاء اتفاقية حق استغلال منجم السكري كنز مصر. ولكن تكمن المشكلة في ان تلك الاحكام التي تصدر تتغاضي عن الاضرار الاقتصادية حيث ان تلك الأحكام توجد بيئة من التوتر وعدم الشفافية وترهب المستثمر القادم حول مدي قانونية العقود المبرمة في المستقبل وتخيف المستثمرين من الدخول في مشروعات توسع قلقا من الاحكام القضائية وإلغاء العقود وينعكس ذلك جليا علي البورصة من انهيارات للأسهم وخروج لرأس المال الأجنبي والعربي وبعض تلك العقود في حالة إلغائها يعرضنا للاحتكام للقانون الدولي وقد تضطر الحكومة لدفع مبالغ تعويض ضخمة للمستثمر أو استكمال العقود المبرمة وطالب بإنشاء مجلس اقتصادي مشترك مكونا من قانونيين ورجال اقتصاد ورجال اعمال لمراجعة العقود قبل توقيعها حتي نضمن بيئة استثمار جاذبة تضمن حقوق المستثمرين وحقوق الشعب وتحقق العدالة الاجتماعية المنشودة. ووفقا لتقارير اقتصادية فإن اجمالي حصيلة الخصخصة منذ بدأت في 1992 وحتي توقفها بلغت 50 مليارا و49 مليون جنيه وبلغ ما تم تحصيله من عمليات البيع 48 مليارا و128 مليون جنيه والباقي وقدره مليار و921 مليون جنيه لم يتم تحصيله من المشترين وقد حصلت وزارة المالية من أموال الخصخصة علي 16 مليارا أو 610 ملايين إلا أن تأثير ذلك لم يظهر علي انخفاض الدين العام الذي تفاقم أو عجز الموازنة كما تم استخدام 82 مليون جنيه من هذه الحصيلة لمصلحة شركات توظيف الأموال وهذا يعد مخالفا. وأوضح التقرير انه لم يتم الالتزام بالمبادئ التسويقية السليمة بوضع جدول زمني مناسب يطرح الشركات والأصول للبيع يراعي قدرة السوق والبورصة علي استيعاب ذلك للحصول علي أكبر عائد ممكن إلا أنه تم عرض كثير من شركات قطاع الأعمال العام والمساهمات في الشركات المشتركة في وقت واحد مما أدي إلي انخفاض أسعار بيع بعض الشركات أو عدم القدرة علي بيع البعض الآخر بالسعر المناسب. أحكام البطلان فيما كشف د.صلاح جودة مدير مركز الدراسات الاقتصادية عن عدم إمكانية عودة شركات الخصخصة إلي قطاع الأعمال العام إلا إذا شاب عقود البيع البطلان مشيرا إلي ان عدد الشركات التي تمت خصخصتها من عام 1973 حتي الآن حوالي 173 شركة كانت من أفضل الشركات المصرية ذات الأغراض المتميزة وتحقق أرباحا هائلة وذات عمالة كثيفة بينما يبلغ عدد الشركات التي شابها البطلان ما يقرب من 98 شركة سواء بسعر أقل من سعر التقييم أو هناك مخالفات في بنود العقد. ويضيف انه لا يمكن الرجوع في الاتفاقيات التي تمت بين بعض الشركات الأجنبية أو يتم إلغاؤها لأنها تمت وفقا لمعاهدات وقوانين يجب احترامها والشركات التي يمكن استعادتها في كل عهود الخصخصة بدءا من وزارة عاطف عبيد وانتهاء بوزارة محمود محيي الدين يمكننا فقط استعادة الشركات التي شابها البطلان أو التزوير في بعض الاجراءات في هذه الحالة يمكن للحكومة إما أن تسترد هذه الشركات أو تطالب بفروق الأسعار ولكن في حال قيام الحكومة بتأميم هذه الشركات ستحدث حالة هلع داخل السوق.