لتجنب الاقتراض الخارجي وضخ 10 مليارات دولار للاحتياطي خبراء يؤكدون قدرتها علي تعزيز الملاءة المالية للبنوك ودعم السيولة في محاولة لتجنب أعباء الاقتراض الخارجي ودعم الاحتياطي النقدي وإنعاش الاقتصاد المحلي، طرح حزب "الحرية والعدالة" مبادرة تحمل اسم "وديعة الكرامة"، لحث المصريين في الخارج علي الاسهام بها بحد أدني ألف دولار للمساهم الواحد، لجمع أكثر من 10 مليارات دولار، يمكن استغلالها كقوة دفع للاقتصاد في الفترة المقبلة. وأكد خبراء الاقتصاد أن مثل هذه المبادرات يمكن أن تكون بمثابة طوق نجاة لإنقاذ الاقتصاد المحلي من الغرق في الديون الخارجية، فضلا عن دعم المراكز المالية للبنوك المحلية، وتعزيز أدوات الاستثمار بضخ سيولة جديدة في شكل تحويلات ومدخرات. وقال أحمد عبدالفتاح الخبير المصرفي: إن المصريين بالخارج بمثابة كنز إستراتيجي يمكن الاستفادة من تحويلاتهم، مضيفا أن زيادة معدل التحويلات من العاملين بدول الخليج والدول الأوروبية سيدعم الاحتياطي النقدي الذي يعاني من الاضطراب بسبب عجز الميزان التجاري، وتراجع إيرادات العديد من الأنشطة الأساسية مثل السياحة. وتوقع عبدالفتاح أن تشهد معدلات التحويل ارتفاعا مستمرا، خاصة أن الدولة بدأت تنظر إلي المصريين في الخارج، وقامت بطرح أراضٍ لهم وشهادات ادخار بالعملة الصعبة. وأضاف أن زيادة التحويلات سينعكس تأثيره علي قيمة الجنيه المصري المتوقع انخفاضه بدرجة كبيرة نتيجة الضغط المستمر عليه؛ بسبب زيادة الطلب علي العملة الصعبة، وانخفاض معدل السيولة النقدية. وتابع: إن الجنيه المصري سيتعافي مرة أخري أمام العملات، خاصة بعد تراجع معدلات الضغط عليه، بعدما تتوفر السيولة الأجنبية بسعر مناسب للجنيه المصري. وأرجع عبدالفتاح ارتفاع العائد من التحويلات إلي زيادة مرتبات العاملين بالخارج؛ حيث أعلنت أكثر من دولة عن ارتقاع أجور العمال والموظفين بنسبة 100%، موضحا أنه من الطبيعي أن تشهد أجور المتعاقدين ارتفاعا بنسبة أسهمت في ارتفاع قيمة عوائدها. من جانبه، قال أحمد سليم الخبير المصرفي: إن تحويلات المصريين في الخارج تعتبر من أهم مصادر تدفق العملات الأجنبية، وهذا ما يظهر خلال أشهر الصيف؛ بسبب عودة العاملين بالخارج لقضاء إجازاتهم وشراء العقارات فضلا عن السلع المعمرة. وأكد سليم أن هذا كله سيصب في مصلحة الاحتياطي النقدي والاقتصاد المصري في المستقبل القريب. واقترح عددا من الخطوات والآليات لربط المصريين بالخارج بوطنهم وزيادة انتمائهم إليه؛ مثل: طرح البنوك لمزيد من الأوعية والشهادات الادخارية بفئات العملات المختلفة التي تتواءم مع قدرات وتنوع الفئات العاملة بالخارج، فالعاملون علي سبيل المثال بدول الخليج يختلفون عن الآخرين العاملين بالدول الأوروبية، وكذلك الأمر بالنسبة للعاملين بدول شمال إفريقيا. وأكد سليم أن المبادرة ستعزز من المراكز المالية للبنوك المحلية ورفع ملاءتها المالية، لا سيما في ظل دخول أموال كبيرة في شكل ودائع يمكن استثمارها في العديد من المشروعات التنموية. وأشار إلي أن طرح الأراضي للمصريين العاملين بالخارج كان بمثابة خطوة علي هذا الطريق في جلب تدفقات نقدية وسيولة للاقتصاد المحلي، مشددا علي ضرورة أن يكون هناك اهتمام من مؤسسة الرئاسة بالترويج لهذه المبادرات خارجيا. وأضاف أن زيادة حجم الإيرادات من العملات الأجنبية من خلال العاملين بالخارج سيسهم في خفض عجز الموازنة العامة للدولة من جانب، وجذب الاستثمارات لإنشاء مشروعات جديدة، وتوفير فرص عمل للقضاء علي البطالة. ولفت إلي ضرورة تبني الحكومة خطة استثمارية تحتوي علي الفرص المتاحة؛ لجذب وربط المصريين بالخارج، وبصفة خاصة في المشروعات الصناعية. وأكد أن هذا الاتجاه سيدفع رجال الأعمال المصريين وغيرهم من العاملين بالخارج إلي ضخ ما لديهم من مدخرات للاستثمار في مصر في ظل الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها دول الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة والتحفظ في الاستثمار بها حاليا. وفي السياق نفسه، أكد حمدي عبد العظيم الخبير الاقتصادي أن نجاح أية مبادرات لجذب مدخرات وودائع العاملين بالخارج، تشترط العمل علي إطلاق منتجات تجزئة مصرفية وأوعية ادخارية جديدة تتواءم مع قدراتهم. وطالب عبدالعظيم بضرورة أن تتمتع هذه المنتجات المصرفية بخصائص جديدة لجذب الودائع، مع تفادي الأخطاء التي كشفت عنها الشهادات والأوعية التي تم إطلاقها مؤخرا، وربطها بمعدلات زمنية تتناسب مع طريقة تقاضي المصريين بالخارج لرواتبهم. وأشار إلي أهمية مراعاة الخطط الرامية إلي جذب ودائع المصريين بالخارج أن هناك قنوات غير رسمية لتحويل جزء كبير منها، عبر إرسال مبالغ نقدية مع الأصدقاء خلال نزولهم في إجازات أو خلال اصطحاب الكثيرين لجانب من التحويلات خلال عودتهم، وهي المبالغ التي لا تتضمنها البيانات الرسمية للتحويلات. وأضاف أن تحويلات المصريين العاملين بالخارج تعد من أهم الموارد الأكثر إفادة للمصريين من بين موارد النقد الأجنبي؛ حيث إن موارد النقد الأجنبي تحتاج إلي تكلفة للحصول عليها، بينما تحويلات المصريين العاملين بالخارج لا تكلف الاقتصاد المحلي شيئا. وأكد ضرورة النظر إلي تجارب الدول المصدرة للعمالة، مثل الهند والفلبين التي تؤسس مشروعات قومية يتم استثمار أموال أبنائها العاملين بالخارج بدلا من تركها عرضة للضياع في الصرف علي الجوانب الاستهلاكية مثلما يحدث في مصر. وطالب عبدالعظيم بالاستفادة بما قامت به الجاليات المصرية بالخارج عقب الثورة، بالدعوة إلي دعم الاقتصاد، وزيادة الودائع بالبنوك المحلية بالنقد لمنع تآكل احتياطات النقد الأجنبي. وشدد علي أن إيداعاتهم بالبنوك المحلية يمكن أن تحسن موقف الاحتياطيات، لا سيما مع وجود عجز بالموازنة وصعوبات في الاقتراض من الداخل والخارج. وأشار إلي أن المصريين بالخارج أعربوا عن استعدادهم لشراء صكوك التمويل المصرية لسد عجز الموازنة، وشراء أراض بما يحقق موارد للحكومة خاصة مع تراجع السياحة. وأوضح أن الدراسات تؤكد أن 74% من المصريين المهاجرين موجودون بالخارج بهدف العمل، وذلك في الدول العربية مثل: ليبيا، والسعودية، والأردن، والكويت، بينما هاجر 26% بشكل دائم إلي دول أخري ك: الولاياتالمتحدةالأمريكية، وكندا، وإنجلترا، وإيطاليا. وأضاف أن نمو التحويلات سيسهم أيضا في تحريك الأسواق المحلية في ظل حالة الركود التي تعاني منها حاليا، باعتبار أنها تسهم بشكل فاعل في دوران حركة رأس المال.