حالة من التفاؤل تسود الأوساط الاقتصادية المصرية مع إعلان نتائج أعمال الشركات المقيدة في البورصة خلال الربع الثالث من العام المالي الجاري، وذلك بالتزامن مع الإعلان عن ارتفاع مؤشرات الاقتصاد المصري خلال العام المالي الحالي "2011-2012"، ليحقق معدل نموبلغ نحو 2.2 % في مقابل 1.8 % خلال العام المالي السابق له، "2010 2011"، حسبما أعلنت وزارة التخطيط والتعاون الدولي المصري. وأشار خبراء ومراقبون اقتصاديون إلي ان هذه الإيجابيات والتي جاءت بعد فترة طويلة من الصدمات السياسية والتوترات التي شهدتها البلاد علي مدار العام ونصف العام الماضية ومنذ إندلاع ثورة"25 يناير"، تعكس تحسنا أوليا في نتائج أعمال الشركات، وذلك في ظل الظروف التي تعانيا مصر اقتصاديا وسياسيا خلال الفترة الحالية، حيث تعكس الأزمة الحالية أبعادا متعددة لوضع الشركات المدرجة بالبورصة المصرية من الناحية المالية، فالشركات المدرجة بقطاعات السوق أصبحت تحت ضغوط. ويقول خبير أسواق المال والاستثمار محسن عادل، إن نتائج أعمال الشركات خلال الربع الثالث من العام الجاري ستعزز من صعود مؤشرات البورصة خلال الفترة المقبلة. وأضاف أن المراكز المالية القوية للشركات ستكون المحفز الأكبر لأداء أسواق الأسهم بعد فترة طويلة تأثرت فيها السوق بالعوامل الخارجية سواء السياسية أم الاقتصادية. وتوقع عادل أن تعود السوق خلال الفترة المقبلة للتأثر بالعوامل الداخلية وأن ترجع السيطرة للمشترين مجددًا، منوها إلي أن التأثير الفعلي للإصلاحات الاقتصادية والسياسية المرتقبة سيكون علي المدي المتوسط مع ارتفاع شهية المخاطر وتوافر رؤوس الأموال لدي المستثمرين. وأشار إلي أن نسبة الاستثمار متوسطة وطويلة الأجل آخذة في التزايد، مقارنة ببدايات العام، وهو ما لوحظ في الأسواق مؤخرًا، حيث تتواجد شريحة من المستثمرين يستهدفون الأحتفاظ بأسهمهم لمدة عام أو أكثر، وليس المضاربة اليومية، الأمر الذي يعتبر إيجابيا للبورصة التي تحتاج إلي مثل تلك النوعية من المستثمرين، بهدف تمكين مؤشراتها من التماسك ومواصلة مسارها الصاعد. من جهتها أكدت مريان عزمي المحلل المالي بإحدي بنوك الاستثمار، أن نتائج أعمال الشركات تعد في الأحوال الطبيعية المحرك الأساسي لأسهمها، فعندما يتم الإعلان أن الشركة ستنشر نتائج أعمالها خلال 15 أو 20 يوما تبدأ التوقعات سواء بالسلب أو الإيجاب وتشهد حركة الأسهم صعودا وهبوطا بناء علي توقعات المحللين. وأضافت مريان أن الأمر مختلف في الظروف السياسية الحالية، حيث تتأثر الاسهم المتداولة بالحالة السياسية بصورة أكبر، مشيرة إلي أن الأزمة الامريكية اضافت عاملا جديدا مؤثرا في حركة التعاملات في السوق، وتوقعت ان يستمر تأثير الأزمة الأمريكية علي أسواق العالم حتي يتم الإعلان عن إجراءات قوية لتخطيها، وتستبعد ان يكون لنتائج الأعمال أي تأثير علي الأسهم حتي وان كانت بعض هذه النتائج جيدة. من جهته أكد خبير سوق المال أحمد حنفي ورئيس قسم البحوث الفنية بإحدي شركات الاستشارات المالية، أن السوق المصري غير مستقر لعوامل عديدة بعضها داخلي والاخر خارجي وان هذه العوامل تلقي بظلال من القلق والخوف علي قرارات المستثمرين، فضلا عن أن بعض الشركات تأخرت في الإعلان عن نتائج أعمالها لافتاً إلي أن ظروف السوق جعلت المستثمر لا يهتم بنتائج الأعمال لان الظروف السياسية اصبحت المتحكم الرئيسي في حركة التعاملات، بالإضافة إلي أن قرار خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدةالأمريكية أعاد ارتباط السوق بالأسواق العالمية. في سياق متصل، أكد عصام مصطفي العضو المنتدب لشركة "بريمير" لتداول الاوراق المالية ان السوق لا يمكن تجزئته في الوقت الحالي حيث أصبحت التوترات السياسية المؤثر الأول علي النشاط الاقتصادي، وأشار مصطفي إلي أنه ليس هناك ارتباط حاليا بين البورصة وأداء الشركات، موضحا أن السوق يعيش حالة رخوة إذ لا توجد منطقيات مترابطة نستطيع تحليل أداء الاسهم والشركات بها. وأضاف أن العوامل الداخلية والعالمية تتزايد وتتداخل كل يوم، فبعض التطورات السياسية بعد ثورة الخامس والعشرين في مصر والأزمة المالية في مصر ثم الآن الحديث عن الاضرابات في إسرائيل ثم الحديث عن احداث الشغب في لندن فأصبحت جميع أيام الأسبوع تشهد مليونيات ليس فقط مليونية الجمعة في مصر. ويقول محمد إبراهيم مسئول ادارة السندات والخزانة بشركة بلتون القابضة، إن نسبة الاستثمار متوسطة وطويلة الأجل في ارتفاع مقارنة ببداية العام، وهو ما لوحظ في الأسواق أخيرا، حيث توجد شريحة من المستثمرين يستهدفون الاحتفاظ بأسهمهم عاما أو أكثر، وليس المضاربة اليومية، الأمر الذي يعتبر إيجابيا للبورصة، التي تحتاج إلي مثل هذه النوعية من المستثمرين، بهدف تمكين مؤشراتها من التماسك ومواصلة مسارها الصاعد. ومن ناحية اخري، توقعت "الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار"، ان تكون تقديرات نتائج الشركات المقيدة بالبورصة خلال الربع الثالث من العام المالي الحالي 2012 المحفز الاكبر لأداء أسواق الاسهم المحليه خلال الفترة المقبلة. واضافت الجمعية في بيان لها قبل أيام، ان هذه التوقعات تشجع علي اختيار اسهم الشركات القوية ماليا، التي تباع بأقل من قيمتها العادلة. واشارت الجمعية إلي أنه بعد فترة طويلة تأثر فيها السوق بالعوامل الخارجية، سواء العوامل السياسية أو الاقتصادية، فانه من المتوقع ان يظهر التاثير الفعلي للاصلاحات الاقتصادية والسياسية المرتقبة علي المدي المتوسط.