* لا خوف من الاقتصاد الإسلامي لأنه علم وليس نية * دعم الجنيه والتوسع في الأموال الساخنة من أجل الدين المحلي فقط * خفض الاحتياطي القانوني يعني بداية أزمة في سيولة البنوك * أوروبا انهارت بسبب شراهة الاستثمار في أدوات الدين * غياب المجلس التنسيقي كان لخدمة رجال الأعمال.. والحكومة ثبتت الدولار لتشجيع المضاربات * 2013 الأصعب.. والذهب والفضة العملتان الرسميتان في 2019 تساءلت: * كيف يفضَّل المضارب علي المستثمر الحقيقي؟ أفلا تعقلون؟ * لماذا تم إفشال تمويل بنك القاهرة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة؟ "الخطيئة هي ألا تعترف بالخطأ أو أن تعالجه بالخطأ".. هذه هي الحكمة التي تصف في كلمات بسيطة الوضع الاقتصادي والسياسي المأزوم الذي نعيشه؛ فالتخوف والضبابية مما هو قادم سيناريو لايزال قائما في ظل فوضي سياسية واضطرابات اقتصادية عالمية بسبب أذيال الأزمة المالية العالمية تضع الاقتصاد المصري بين طرفي كماشة، هذه التعبيرات التي استخدمتها الخبيرة المصرفية الدكتورة "بسنت فهمي" وينطبق عليها ما قل ودل في حوارها مع "العالم اليوم الاثنين" الذي حاولت فيه تقديم توصيف صحيح لاقتصاد مهترئ يلملم أشلاءه بعد طول فترة انتقالية سبقتها عقود من الظلم والطغيان فتراكمت أخطاء سياسات اقتصادية وولدت ما نشهده حاليا وقدمت أيضا روشتة العلاج للدين المحلي ومستقبل الجنيه والاستقرار داخل القطاع. * إلي أين يذهب الجنيه المصري الذي يعاني الأمرين ويشكو قلة حيلته؟ ** الحكومة والسياسة النقدية تتذرع دائما بأن الحفاظ علي قيمة الجنيه واجب مقدس يجب أن يرحب به من الجميع، وإذا نظرنا إلي وضع الجنيه بما يسمي بقوته الحالية لاسيما بعد الثورة يمكننا أن نعرف أننا نقع في خطأ كبير وأننا سنضطر إلي تخفيض قيمته بشكل كبير جدا خلال الفترة المقبلة ولذا فأنا أري أن يتم تخفيضه بشكل تدريجي فدعم الجنيه كلف الدولة الكثير، فالبنك المركزي ذكر سابقا أن هناك 20 مليار جنيه من الاحتياطي ذهبت في محاولة لدعم الجنيه الفترة السابقة، ولم أكن أتمني أن يتم الأمر بهذه الصورة، فهناك ألف طريقة غير ذلك كالاحتفاظ باحتياطي نسبته أعلي، لأن من وجهة نظري الشخصية حجم الاحتياطي النقدي للدولة أهم بكثير من قيمة الجنيه المصري فكيف في أعتي النظريات الاقتصادية والتطبيق العملي نتحدث أمام العالم والجميع أن عملتنا قوية في حالة ثورة.. هذه مبالغة كبيرة مغلفة بأكاذيب تتعلق في النهاية بالدعم غير المبرر؛ فالاحتفاظ بقيمة الجنيه بهذا الشكل كان خطأ وكان يجب أن نتركه ينخفض تدريجيا؛ لأنه كلف الدولة الكثير والكثير وسواء قبل أو بعد الثورة أنا ضد دعم الجنيه في أي وقت من الأوقات لأنه ببساطة فشل ويعني دعم الواردات علي حساب الصادرات والدول القوية قامت في بداية نهوضها بإضعاف عملتها الخاصة لتجعل اقتصادها قويا لكن الحديث أن الجنيه المصري صامدا ولايزال قويا علي الرغم من أنه لم يكن كذلك مبرره واحد وهو دعم تمويل عجز الموازنة عن طريق أذونات الخزانة، والتي أفرطنا فيها لدرجة أصبح فيها الدين لا يقوي علي سداده أحد ولا الأجيال القادمة وما بعدها. * لكن الحكومة تقول دوما إن دعم الجنيه يأتي في إطار مواجهة التضخم الذي تبنته السياسة النقدية منذ ثماني سنوات؟ ** هذا كلام مضحك لأن من يقول إننا ندعم الجنيه لمواجهة التضخم أقول له إن التضخم لم يقل منذ 2004 حتي الآن، وكان يجب إعادة النظر في هذا الأمر لأن الخطيئة هي عدم الاعتراف بالخطأ ولم ينتج عن ذلك إلا إرباك الصناعات في مصر، فمثلا اتجه المصنعون للاستيراد لأن هذا من وجهة نظرهم أربح بكثير من التصنيع لأن المنتج المستورد أرخص من المصنع وهو ما سببه دعم الجنيه. * ألا تعتقدين أن هذا هو دور البنوك المتخصصة؟ ** البنوك المتخصصة مثل بنك الائتمان الزراعي وبنوك أخري تم تحويلها لبنوك تجارية لزيادة الربح وتناسي الكل دورها الرئيسي وهو تنمية الاقتصاد المصري، ليتبقي الهدف الرئيسي لهم هو دعم الموازنة العامة. * هل ترين أن هناك فائدة مرجوة من وجهة نظرك من تخفيض الاحتياطي القانوني من 14 إلي 12 ثم 10 حتي الآن؟ ** الهدف من تخفيض الاحتياطي هو رفع نسبة السيولة في البنوك وهو ما يعني أن البنوك تعاني عجزا في السيولة وأتمني ألا يؤخذ التخفيض لعجز الموازنة العامة علي الرغم من أني أتوقع هذا، فالغالبية العظمي من البنوك التي يعلمها البعض تأتي أرباحها من الأذونات مما أدي إلي تخفيض الجدارة الائتمانية ثلاث مرات، وكان السبب الرئيسي هو الاستثمار في أذونات الخزانة. * لدينا انكماش في توسع البنوك، وانكماش في الائتمان.. ما المبرر لهذا من وجهة نظرك؟ ** سأعقب علي ذلك بشيء واحد: السبب الذي أدي إلي سقوط دول داخل الاتحاد الأوروبي هو أنها كانت "تستسهل" شراء أدوات مديونية حكومية لضمان الربح، وتناست هنا أن الهدف هو الاستقرار والاستمرارية وليس الربحية فقط. * هل ترين أن انتخاب رئيس جديد سيكون له دور واضح في خدمة القطاع المصرفي؟ ** الرئيس مهم جدا للاستقرار والاستقرار من أهم عوامل الاقتصاد، ولا يهم أن يكون توجهه إسلاميا أو اشتراكيا بل يجب الاستقرار والرؤية الاقتصادية. تشابك السياستين * انتهت الفترة الماضية التي كان الأساس فيها تشابك السياستين النقدية والمالية فمن وجهة نظرك ما السبل التي يمكن بها تقليل هذا التشابك في الفترة القادمة؟ ** سأجيب عن هذا بتساؤل آخر: أين المجلس التنسيقي الذي يحقق التوازن بينهما دون تدخل أو العمل الانفرادي لخدمة المصلحة الاقتصادية لها؟ فمثلا الدكتور الجنزوري أكد سابقا أن هناك 60 مليار جنيه ضرائب علي رجال الأعمال، فلماذا لا يقوم هو بتحصيلها؟! * لكن برأيك لماذا فشل عمل هذا المجلس الموجود منذ سنوات طويلة ولم ينعقد؟ ** الإجابة: المصلحة الشخصية لبعض الفئات المستفيدة من ذلك. * طرح أحد الخبراء في وقت سابق أن هناك 4 طرق لحل الديون "تقشف تقليل الإنفاق الحكومي أو طبع البنكنوت أو زيادة علي الضرائب" بالرغم من أن الطرق السابقة فاشلة.. أتوافقين علي هذا الرأي؟ ** ليست كل الطرق فاشلة، فكل منها لديه مميزات وعيوب، فأسهل أسلوب منها هو التقشف في الإنفاق الحكومي ومن الممكن الاستعانة بالضرائب ولكن ليس بمعني أن تكون كبيرة علي المواطن أو طبع البنكنوت.. نحن نحتاج لها جميعا بشكل متوازن دون إضرار. * ما رأيك فيما يقوله الدكتور سمير رضوان حول نيته إنشاء بنك متخصص في المشروعات الصغيرة والمتوسطة؟ ** مؤيدة جدا لهذه الفكرة، حيث إنه لن يكون هناك مستقبل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة إلا من خلال بنك خاص لها، ولكن لن يوافق السيد فاروق العقدة علي ذلك. * لماذا من وجهة نظرك؟ ** لأنه تعهد في وقت سابق بهذا في أمريكا عقب الثورة، ولكنه عقب حضوره لمصر حتي الآن لم يفعل شيئًا، حيث إنه لا يريد إضافة مسئوليات جديدة للبنك المركزي وإدخال أشياء ليست علي هوي البعض. * القطاع المالي هو أيضا يعاني عدم التنسيق بين شقيه؟ ** البورصة لم تقم بدورها حتي الآن، فاقتصاد قبل الثورة كان قائما علي المضاربات في البورصة حيث كان يتم تثبيت الدولار، والمضاربات علي الأراضي، ولم تكن هناك أي تنمية بل جميعها مضاربات فهل يعقل أن ينال المستثمر في البورصة مكاسب مهولة إثر مضارباته ولا يدفع أي ضرائب وفي المقابل نجد أصحاب المصانع علي سبيل المثال يقومون ببناء المصانع ودفع أجور عمال وتنمية اقتصاد ويدفعون ضرائب كبيرة بجانب "بهدلته"؟! لا أعلم أين العقل في ذلك. * إذن أنتِ مع فرض ضرائب رأسمالية؟ ** يجب وضع ضرائب علي الأرباح الرأسمالية جميعها بالبورصة لأنها ببساطة طاولة قمار أكثر منها بورصة. * في أي اقتصاد في العالم تأثير الأموال الساخنة معروف.. ما تبريرك لاستمرار دعمها حتي الآن؟ ** يريدون الإبقاء عليها لتساعد في ربح أذون الخزانة، فيجب للقضاء عليها تنفيذ الضرائب بأسرع وقت. * رغم أنها كانت في بدايتها مشروعا نبيلا لمساعدة المشروعات الصغيرة والمتوسطة فإنها الآن أصبحت هامشية، ما رأيك في هذه المقولة التي تقال علي بورصة النيل؟ ** يجب أن تكون بدايتها صحيحة ولكن كما هي العادة فقد كانت بدايتها خطأ، فقد تم تحريف مسارها لخدمة البعض، والآن سقط النظام فأرجو ألا يتم إعادته مرة أخري بأخطائه. * هناك حرب عملات قائمة بين أمريكا والصين وتقف في المنتصف مصر والدول النامية، ما تأثير هذه الحرب علي مصر؟ ** السوق المصري الآن أشبه بسلة مهملات تدر الربح لمن يلقي فيها هذه المهملات لأننا سوق لما هو رخيص لأن الجنيه المصري قوي حسب تصريحات المسئولين بالرغم من ضعفه وهشاشته فالصين لديها أقوي احتياطي نقدي في العالم، ورغم ذلك عملتها الرسمية تتدهور كي تستطيع العمل، ونجد مصر في الوقت ذاته تحاول أن تقوي عملتها بشتي الطرق. * التشنج الائتماني، هل سيستمر؟ ** سيستمر حتي نصل لثبات سياسي وتغيير السياسة النقدية، فهناك الكثير من القرارات السيئة قد حدثت قبل الثورة دمرت مصر مثل الائتمان السياسي وقد صرح من قبل طارق عامر رئيس البنك الأهلي بأن حجم الائتمان الذي منح بأمر من السلطات حوالي 120 مليار جنيه، فكيف سيتم سدادها؟! * عام 2013 هو عام الفصل في الاقتصاد العالمي والمصري، ما توقعك لهذا العام؟! ** بالطبع 2013 هو عام فاصل لأزمة اليورو وللكثير من القضايا الاقتصادية والمالية العالقة، وأري أن السيناريو الأسوأ في العام القادم هو أن تزداد الأزمة العالمية وأن تلغي عملة اليورو وينفض الاتحاد الأوروبي ويتفكك، كما أتوقع أن تكون العملة الموحدة في العالم سنة 2019 هي الذهب والفضة لأن هذا ما سيبين بوضوح القوة لدي الدول جميعها وسيسهل التعاملات المالية بينها. * هل تتوقعين موجة من الاندماجات والاستحواذات بين البنوك في الفترة القادمة؟ ** بالفعل أتوقع هذا في ،2013 فهناك موجة هائلة من الاندماجات والاستحواذات بين البنوك جميعها وستطول المشرق والمغرب، خاصة مع تطبيق بازل 3 واشتداد الأزمة المالية فهناك الكثير من البنوك ستسقط لذا سيتم الاندماج والاستحواذ للسيطرة علي الموقف. * لماذا التخوف من المعاملات الإسلامية الآن في البنوك علي الرغم من أن بعض البنوك بالفعل لديها فروع إسلامية تابعة لها؟ ** الاقتصاد الإسلامي علم وليس نية، وأنا أري أن المستقبل سيكون للاقتصاد الإسلامي والبنوك الإسلامية، حيث إنه لا يوجد أي نظام حقق العدالة الاجتماعية في المعاملات سواه وأنا ضد مبدأ عمل بنك عادي بفرع إسلامي.. التخصص مطلوب ولأن التعامل مختلف هنا يحدث الخلط ويثير الشكوك بأنهما سواء.