أكد الخبير المصرفي حسام ناصر في حوار مطول عن القطاع المصرفي ومايحتاجه خلال الفترة المقبلة أنه لايمكن أن يعود الاستقرار إلا بدستور جديد وانتخابات حرة ونزيهة وأشار إلي الخطر الذي يواجه الاحتياطي النقدي مازال قائماً بسبب ارتفاع فاتورة الاستيراد وجفاف منابع الاستثمار مصحوباً بتراجع مخيف في الصادرات وأوضح ناصر أن الجنيه المصري قد يحتاج إلي تخفيض قيمته خلال الفترة المقبلة وقال: إن التيار الاسلامي ليس مخيفاً لكن الاهم أن يتوقف عن التدخل في شئون الناس الشخصية وهذا هو المخيف وقال إن البنوك الإسلامية مؤسسات لكن لايمكن أن تتحول البلد إلي بنوك إسلامية فقط فالسعودية علي سبيل المثال لديها بنوك تقليدية منافسة إلي جانب الإسلامية: * تري أننا مازلنا نمر بأزمة ؟ وإن وجدت فكيف نعبرها ؟ ** الأزمة موجودة واسبابها معروفة ، فلا توجد دولة بدون اقتصاد، ولا يكون هناك اقتصاد سليم بدون استقرار سياسي ، فمازلنا حتي الآن بدون رئيس للجمهورية بعد مرور 18 شهراً من نجاح الثورة ، والمشكلة الأكبر الآن التي تواجهنا هي غياب الأمن وهذا هو مربط الفرس، فعند غياب الدستور ورئيس الجمهورية وغياب الكيان السياسي فمعناه أنه لا توجد دولة ولحل الأزمة يجب أن يوضع دستور يحترم من جميع القوي السياسية والشعب ، والأمر الثاني هو ضرورة تطبيق الأمن بكل حسم وقوة حتي تستقر الأوضاع . * يلقي البعض باللائمة علي الثوار والإضرابات المتكررة بأنها السبب في انخفاض الاحتياطي النقدي الأجنبي ما رأيك ؟ ** هذا حقيقي ، ولكن ماذا نتوقع لمجتمع موارده من العملات الأجنبية تقل كل يوم ، بسبب ما يحدث من أوضاع ؟ حتي فاتورتنا من الاستيراد كما هي، كأننا نعيش في السنوات السابقة والتي كانت فيها بعض من الاستقرار السياسي والاقتصادي ، فصادراتنا قلت وموارد السياحة إنخفضت والاستثمار انعدم فماذا نتوقع بعد كل هذا ؟! ، فكل هذه الأمور تضطرنا إلي اللجوء إلي الاحتياطي النقدي الأجنبي لمواجهه العجز الذي تمر به الحكومة ، وإذا استمررنا علي هذا الوضع واستهلكنا من احتياطينا النقدي فسنمر بكارثة حقيقية . * تخشي من صعود التيار الإسلامي وتصدره المشهد السياسي ؟ ** أنا لا أخشي من أي تيار يتولي حكم البلاد طالما أنه يطبق سياسات، ولكن عندما يوجد تيار يتدخل في حياة الناس الشخصية فهنا مكمن الخطورة، ولا أعتقد أن أي تيار يتمتع بالرشادة سوف يتدخل في حياة الناس الشخصية وإذا حدث ذلك، فطبيعة المجتمع المصري سترفضه بلا شك وستقضي عليه في أقل من شهر كما حدث مع نظام مبارك. * الصكوك الإسلامية التي ترددها بعض التيارات الإسلامية فهل من الممكن تطبيقها في المجتمع المصري ؟ ** البنوك بصفة عامة هيئات اقتصادية وليست هيئات خيرية، ولا تأخذ تعليمات بتوظيف أمواها من جهات أخري ، بل كل مؤسسة تحاول أن تحقق صالح المساهمين فيها، وإذا طبقت البنوك الإسلامية النظم الإسلامية في الصيرفة سواء في تلقي الإيداعات أو توظيفها ستعود بالفائدة علي العملاء فإن البنوك لن تمانع في تبني هذا النظام ، وأنا أري أنه لن يصدر قرار يلزم البنوك بأن تعتمد النظام الإسلامي في البنوك المصرية ، لأنه لو حدث ذلك فسنكون في مجتمع ديني لا تحكمة إلا القواعد الدينية ، ولن نكون في دولة ، ويكفي أن أؤكد أن كثيراً من الدول الإسلامية التي تعد أكثر منا تشدداً مثل السعودية مازالت البنوك فيها غير إسلامية فعدد البنوك التجارية هناك أكثر من البنوك الإسلامية. * متي يكون لدينا سياسة نقدية سليمة تسهتدف الحد من التضخم ؟ ** لا يجوز عندما نتحدث عن التضخم أن نجد 4 جهات بأربعة مؤشرات مختلفة تصدر بيانات مختلفة ، فالبنك المركزي والجهاز المركزي للمحاسبات ومجلس الوزراء كل منهم لديه مؤشراته الخاصة ، فلابد أن تكون هناك جهة واحدة فقط تتحدث نيابة عن الدولة وتظهر المؤشرات الحقيقية مع الاستعانة بالخبراء في جميع الجهات التي سبق وان ذكرتها لترد هذه الجهة عن الدولة . * توظيف الودائع يواجه مشكلة كبيرة فكيف نحلها في رأيك ؟ ** رجل الأعمال متخوف في أن يتوسع في عمله ، أو يتردد عند إنشاء استثمارات جديدة، فيتوقف عن الاقتراض لكي لا تواجهه مشكله في ردها ، فجميع مشاكلنا في مصر معروفة، ولكن لن تحل هذه المشكلات إلا بعد أن يعود الأمن إلي المجتمع وأن يكتب دستور جديد للبلاد يحترمه الجميع . نعاني من عدم وجود سياسات واضحة لإعطاء الائتمان بعد أن انحصرت المعايير فيما يعرف بالإئتمان السياسي والذي انتشر في ظل النظام السابق؟ كيف نتغلب علي هذه الأزمة ؟ البنك الذي لا يعرف لمن يقرض، عليه أن يغلق أو يغير إدارته ، فلايجوز أن أكون رجلاً مصرفياً محترفاً ولا أعلم كيف أحقق مصالح المساهمين في البنك، والنقطة المهمة هنا ، أنه لا يوجد مجالات لاستثمار الودائع بالشكل الواجب، وهذا يجعل البنوك تؤثر السلامة وتفضل أن تستثمر ودائع عملائها في سداد عجز الدين ، والبنوك الآن لديها ودائع كثيرة لا تستطيع توظيفها ، ويرجع هذا إلي عدم وجود مجالات استثمار مفتوحة. ما تفسيرك لطرح البنوك شهادات استثمار لتقوم بتمويل عجز الحكومة وتحصل علي فوائد مرتفعة؟ الدولة اليوم تعاني عجزا كبيرا في الموازنة ولابد من تمويل عجز الموازنة ولا يتم مواجهة هذا العجز إلا بالاقتراض الخارجي أو الداخلي ، وبما أن الحكومة الأن تجد صعوبة في الاقتراض الخارجي فتعول علي الاقتراض الداخلي ، عن طريق أذون الخزانة ، لنجد أن الفوائد علي أذون الخزانة أكبر من الفوائد علي القروض ، مما يجعل البنوك تطرح شهادات الاستثمار بفائدة أعلي من فوائد الإيداع لكي تشارك في تمويل العجز الحكومي مما يعود عليها بالفائدة . لماذا أتخذ قرار بتخفيض الاحتياطي القانوني الذي يفرضه المركزي علي البنوك؟ أتخذ القرار من أجل تشجيع البنوك علي الاقراض، وأري أن هذا القرار لن يحقق الهدف المرجو منه ، لأنه لا يوجد سوق سليم للاقتراض بسبب المشاكل في الدولة ، وهذه الأموال ستذهب إلي مكانها الطبيعي في تسديد عجز الموازنة. ألا تري أن فرض ضرائب علي أذون الخزانة سيكون أمرا مجديا لكي تتعقل البنوك في شراء هذه الأذون؟ الحكومة تريد أن تلعب البنوك هذا الدور ، لأن الحكومة تمر بضائقة مالية شديدة ومطلوب منها أن تواجه الأزمة .والحكومة لا تجبر البنك علي شراء اذون الخزانة ، ولكنها تلجأ إلي رفع أسعار الفائدة علي هذه الأذون ، فالحكومة تلجأ إلي سياسة الجزرة لتغري البنوك علي شراء في أذون الخزانة. * نحن أمام أزمة تعثر جديدة كما حدث في التسعينيات ؟ ** التعثر هو التعثر ولكن مسببات التعثر هي الأمر المختلف، فأزمة التعثر في التسعينيات كانت بسبب زيادة المخزون السلعي في مصر ، بعد أن عانت الدول الأسيوية بالتعثر ليبيعوا السلع لديهم بثمن بخس ، مما أدي إلي تكالب المستثمرين علي شراء هذه السلع وتخزينها نظراً للسعر المغري ، مما خلق نوعا من التعثر في مصر لعدم استطاعة التجار لتصريف منتجاتهم ، اما أزمتنا الآن فهي بسبب الدخول الضعيفة وقلة الاستثمارات والزيادة السكانية ، فالأمر الطبيعي أن تحدث أزمة تعثر . * البعض يؤكد أن الثورة لم تصل إلي قطاعين في الدولة كالقطاع المصرفي والقطاع الرياضي؟ ** هناك قانون يناقش الآن في مجلس الشعب يقضي بعدم السماح لرؤساء البنوك بأن يستمروا في إدارة البنوك لمدة أكثر من 8 سنوات، وهذا جزء من ثمار الثورة، وهناك أمور كان يجب أن تحدث بعد الصورة لتصحيح المسار ولكنها لم تحدث بالشكل الواجب . أين يذهب الجنيه المصري؟ مع نضوب الاحتياطي النقدي فنحن نحتاج إلي تحفيز الموارد من العملة الأجنبية ، وهذا قد يتطلب أن نقلل من قيمة العملة المحلية لكي نشجع التصدير إلي الدول الأجنبية ، فقد نضطر أسفين إلي تقليل قيمة العملة المحلية . * ما درو البنوك في دعم المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر خصوصاً الغلط المسيطر علي تعريفها ؟ ** المشكلة أننا عدنا إلي التعريف المغلوط فيما يخص المشروعات الصغيرة والمتوسطة فهذه المشاريع لا توجد لديها مشاكل ، فمن يواجهه المشاكل هي المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة، وهذا القطاع هو الذي يحتاج إلي تنمية، والبنوك قد فشلت في لعب هذا الدور ونجحت فيه الجمعيات الأهلية ، فيجب أن ننمي دور هذه الجمعيات وندعم تأسيسها ، ونقلل فرض الرقابة عليهم، ونشجعهم لكي نستطيع أن نوصل اليهم المقرضين بسهولة ويسر . * ما رأيك في دور الصندوق الاجتماعي والذي يوصف بانه ولد فاشلاً ومات فاشلاً ؟ ** القيادات التي تم اختيارها لإدارة هذا لم يكن لديها الخبرة المناسبة للإدارة وكانت قراراتهم سياسية بالدرجة الاولي. وأتمني أن تستطيع القيادة الجديدة تلبية ذلك. * اين ميزانية المصرف المتحد؟ ** يسأل في ذلك البنك المركزي المصري خاصة أن المركزي هو صاحب رأس المال .