تزايد الأزمة المالية.. وخروج الكثير من الاستثمارات الأجنبية.. دفع البنك المركزي إلي التوسع في طرح أذون الخزانة بمليارات الجنيهات.. لسد عجز موازنة الدولة. خبراء الاقتصاد والبنوك تعالت أصواتهم مع الدكتور حازم الببلاوي وزير المالية السابق تطالب بالحرص في التعامل مع استثمار الأجانب في أذون الخزانة.. باعتبارها إحدي صور الدين العام الخارجي.. الذي يسمونه الأموال الساخنة! إلي أي مدي يمكن أن يمثل هذا الاستثمار الأجنبي قنبلة موقوتة.. ولماذا لا نفرض قيودا تمنع الأجانب من الاكتتاب فيها إلا بشروط تمنع الخروج المفاجئ لهم..؟! يمكن القول أن خبراء الاقتصاد والعمل المصرفي يرفضون فرض قيود بصورة مطلقة علي اكتتاب الأجانب في أذون الخزانة، ولكن ذلك لم يمنعهم من البحث عن سبل لتفادي أي اثار سلبية محتملة. استعادة التوازن المالي د. سلطان أبوعلي وزير الاقتصاد الأسبق يقول ان الظروف التي يمر بها الاقتصاد حاليا ظروف استثنائية، وهذا يتطلب إجراءات استثنائية بغض النظر عن القواعد والاتفاقيات الدولية لأن معظمها يسمح بإجراءات استثنائية في مثل هذه الظروف، فإذا نظرنا إلي وضعنا الحالي فسنجد ان لدينا دينا محليا كبيرا لدرجة تنعكس علي الموازنة العامة وعلي قدرة الدولة علي أداء مهامها فربع الموازنة يوجه لسداد تكلفة الدين العام وربعها لدفع الأجور ثم الربع للدعم وأخيرا يتبقي ربع يوجه لكل مهام الدولة الأخري هذا الوضع لا يحقق الاستدامة المالية للدولة، وهو يحتاج لإعادة هيكلة من خلال حزمة متكاملة من الإجراءات لنستعيد التوازن المالي.. في ضوء تلك الظروف فإن فتح الاكتتاب في أذون الخزانة للأجانب يحقق عدة مزايا منها انه يساعد علي زيادة المعروض من النقود مقابل الطلب المستمر من الحكومة لسد عجز الموازنة وبالتالي يساعد علي الحد من ارتفاع تكلفة سعر الفائدة علي أذون الخزانة، وفي نفس الوقت فإن الاكتتاب في أذون الخزانة وإن كان يتم بالجنيه إلا ان مصدر تلك الأموال يكون بالنقد الأجنبي وهي بذلك تحسن وضع احتياطي النقد الأجنبي، ولكن لتفادي احتمالات الخروج المفاجئ لهذه الأموال يمكن عقد اتفاقيات خاصة مع البنوك المركزية لدول أخري لايداع مبالغ معينة لدي البنك المركزي المصري لفترة زمنية معينة توجه للاكتتاب في أذون الخزانة، وبذلك نتفادي انسحابها بشكل مفاجئ لأنها ملتزمة بفترة بقاء متفق عليها، وخلال تلك الفترة يتم العمل علي تحسين الأوضاع المالية للدولة. التعامل بحرص اسماعيل حسن محافظ البنك المركزي الأسبق ورئيس بنك مصر ايران يري ان الظروف التي يمر بها الاقتصاد تقتضي رفض فكرة فرض قيود علي الاكتتاب في أذون الخزانة ويقول ان ذلك سيجعل المعروض من الأموال ينخفض أمام الطلب المتزايد من الحكومة علي الاقتراض وبالتالي سيرتفع سعر الفائدة علي أذون الخزانة بشدة وسيؤثر سلبا علي الاقتصاد ككل، ويؤكد انه لا داعي للقلق من اكتتاب الأجانب في أذون الخزانة، فهي تدخل ضمن حسابات الدين العام، ويكون معلوما وبوضوح للبنك المركزي نصيب الأجانب منها ويتم التعامل معه بحرص شديد، فمن المتعارف عليه أن أموال الاستثمارات الأجنبية في أذون الخزانة هي أموال ساخنة وهي عرضة للانسحاب في أية لحظة، لذلك فإن إدارة البنك المركزي، تتخذ التدابير اللازمة لردها حال طلبها، خاصة أن أذون الخزانة تكون قصيرة الأجل فهي تتراوح بين ثلاثة شهور وسنة تقريبا وبالتالي فإن البنك المركزي يوجهها إلي استخدامات محددة جدا تضمن القدرة علي سدادها عند طلبها سواء كان الطلب في نهاية مدتها أو قبل ذلك، وقد يلجأ البنك المركزي الاحتفاظ بها في أحد البنوك المحلية للتأكد من توفرها عند طلب ردها. ارتفاع سعر الفائدة د. فائقة الرفاعي نائب محافظ البنك المركزي سابقا تري ان وضع شروط علي اكتتاب الأجانب في أذون الخزانة قد يضعف المعروض من الأموال بشدة وقد يزيد من عزوف الأجانب عن الاستثمار، وهذا سيزيد من ارتفاع سعر الفائدة علي أذون الخزانة، ويؤثر سلبا علي وضع الموازنة العامة، ويزيد من سحب الحكومة لأموال البنوك.. وكلما سحبنا من البنوك قللنا الائتمان الموجه للقطاع الخاص.. لابد من توفير قدر أكبر من السيولة للبنوك حتي لا ترتفع أسعار الفائدة لأكثر مما هي عليه.. البديل للاقتراض من البنوك هو الاقتراض من الخارج بإتاحة المجال للأجانب للاكتتاب في أذون الخزانة ولا داعي للقلق من ذلك فالأذون بطبيعتها قصيرة الأجل. الاتفاق مع الاصدقاء وتؤيد د.فائقة فكرة الاتفاق مع بعض البنوك المركزية لدول صديقة، وتقول في التسعينيات كان الاتفاق مع المركزي الليبي، وهذا الأسلوب من شأنه ان يزيد المعروض من النقود في السوق المحلي ويساعد علي خفض تكلفة الاقراض، وأيضا توفير نقد أجنبي، ولكن ينبغي أن توجه تلك الأموال لاستثمارات تدر عائدا بالنقد الأجنبي ولاتوجه لانفاق استهلاكي في الموازنة، ولابد ان نعي ان المسألة لا تتوقف عند تدبير احتياجات الموازنة العامة فلابد من العمل علي علاج مشكلة العجز في الموازنة العامة من جذورها. وتري د. فائقة ان فرض قيود علي اكتتاب الأجانب في أذون الخزانة في ظل الظروف الحالية قد يعطي انطباعا للمستثمرين الأجانب بإمكانية فرض قيود علي الاكتتاب في البورصة ويدفعهم للخروج من السوق المحلي بل ويزيد من عزوفهم عن الاستثمار في مصر وتضيف قائلة رغم انه كان يحق لنا فرض قيود علي خروج الاستثمارات الأجنبية سواء في أذون الخزانة أو في البورصة بشكل عام، إلا ان عدم اتخاذنا لهذه الإجراءات من قبل يجعل تطبيقها حاليا غير مرغوب.