أين ذهبت واختفت مجالس الأحياء في كل محافظات مصر طوال العام الماضي حتي الآن؟ أين حملات وقف البناء المخالف ومنع الأسواق العشوائية واحتلال أرصفة الطرق. إن مصر في حالة من الفوضي الشاملة التي أصبح معها كل مواطن يعتقد أنه لم يعد هناك قانون يطبق أو ملاحقة أمنية لأي جريمة أو مخالفة. فلا يوجد شارع في مصر حاليا ليس به مخالفات بناء أو اشغال طرق. والعقارات المخالفة ترتفع في كل مكان بلا أي مبالاة أو خوف أو تردد، وملاك العمارات القديمة سارعوا إلي انتهاز الفرصة فقاموا بالتعلية بإضافة طوابق جديدة حتي وإن كانت العمارات لا تتحمل وإن كانت المصيبة ستقع..! وتسأل.. وتحاول أن تجد إجابات فلا تجد أحدا يرد أو يعلق، فالأحياء التي اكتفت بالفرجة والانتظار تدفع بأنها لا تملك إيقاف المخالفات لأنها في حاجة إلي شرطة المرافق لتنفيذ ذلك، وشرطة المرافق غائبة وغير موجودة منذ الثورة. وتسأل الأحياء: وهل قمتم بتحديد مخالفات؟ هل أنذرتم المخالف بأنه سيتم يوما ما إزالة المخالفة، هل قمتم بواجبكم في إخطار الأمن بهذه المخالفات؟ هل رفعتم الأمر إلي المجلس العسكري لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟! وتسمع ردودا مبهمة وتبريرات لا تسمن ولا تغني، وتشاهد استمرارا في المخالفات وغيابا واضحا لأي تدخل أمني من أي نوع يوقف تحول مصر كلها إلي عشوائيات سيستحيل بعدها حتي وإن عاد القانون مرة أخري أن يعود الحال إلي ما كان عليه سابقا. فعلي طول الطريق الزراعي، علي سبيل المثال، هناك عشرات الكافتيريات أقيمت وبدون تراخيص وتستخدم أو تسرق الكهرباء علنا من أعمدة الإنارة الحكومية.. وفي كل شوارع وأحياء مصر فإن الباعة الجائلين ما زالوا يحتلون الأرصفة ومداخل العمارات.. والمقاهي امتدت لتستولي علي الشارع نفسه..! وفي كل أنحاء مصر لايزال السير عكس الاتجاه مستمرا حتي في مطالع الكباري وفي كل المناطق! وفي كل أنحاء مصر يتم تجريف الأرض الزراعية إلي وقتنا هذا ويتم إقامة المباني السكنية فوقها أمام أعين الجميع، وإذا لم يكن هناك رغبة في إقامة المباني السكنية فليكن الشروع في إقامة صالات الأفراح والاحتفالات والمقاهي.. ولتذهب الزراعة والأرض الزراعية إلي الجحيم..! وفي كل عموم مصر، فإن الدولة غائبة وغير موجوده طوال عام كامل لأن الجميع انقضوا علي الدولة يبحثون عن مكاسب فئوية ومصالح مادية ولأن الجميع قراءوا الثورة علي نحو خطأ، والجميع يشاركون بهذا في هدم الثورة لأنهم جميعا يعيدونها إلي الوراء.. وستتحمل الثورة كل هذا..!