تخفيض التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري بواسطة مؤسسة ستاندرد آند بورز يثير العديد من التساؤلات خصوصا ان هذه ليست المرة الأولي التي تخفض فيها ستاندرد آند بورز تصنيف مصر ولكن الاختلاف هذه المرة ان التخفيض جاء مع سلسلة من التخفيضات للعديد من الاقتصادات الرئيسية وفي مقدمتها امريكا واليونان واسبانيا وغيرها من الدول التي مازالت تعاني من آثار الازمة المالية العالمية التي أوجدها طمع الرأسمالية الجديدة والليبراليين الجدد حين تركت الحكومات أدوات مالية وقطاعات كثيرة بدون رقابة حقيقية. ويأتي تخفيض التصنيف الائتماني للاقتصاد من المصري من BB ???? ???BB سالب أي أن الاقتصاد المصري مازال يحتفظ بنفس درجة التصنيف مع تغيير الرؤية من موجب إلي سالب، ولكن كيف يؤثر هذا التصنيف علي الاقتصاد المصري؟ ان درجة التصنيف للاقتصاد المصري سبق وأن وصل إليها ابان حكم الرئيس المخلوع اكثر من مرة وترافق ذلك بأحداث استثنائية في أغلب الأحوال مثل حادث الأقصر، ثم من بعدها الأزمة المالية في جنوب شرق آسيا، وبالتالي الأمر ليس بجديد علي الاقتصاد المحلي ولكن فاتورة هذا التصنيف تنعكس علي رؤية المؤسسات المالية العالمية للاقتصاد المحلي ودرجة المخاطر فيه وبالتالي تكلفة التمويل اذا اتجهت الدولة للاقتراض ومن المعروف انه اثناء نظام مبارك ووزير ماليته السابق يوسف بطرس غالي تم اصدار سندات دولارية في الأسواق الدولية بقيمة 10 مليارات دولار 5 مليارات دولار لسندات مدتها 5 سنوات انتهت في عام 2006 لأن الاصدار تم في عام 2001 وخمسة مليارات اخري استحقت خلال العام الحالي وسددتها حكومة الثورة بفوائدها مما أثر علي الاحتياطي المصري وكان اسعار الفائدة علي هذه السندات أعلي بكثير من مستوي الفائدة السائدة في الأسواق العالمية طبقا لدرجة المخاطر في الاقتصاد المصري حسب رؤية مؤسسات التصنيف الدولية. وبالتالي فإن خفض التصنيف سيؤثر سلبا علي قدرة مصر علي الاقتراض من المؤسسات الدولية واذا تم ذلك سيكون بأسعار فائدة مرتفعة ولكن معظم المؤسسات الدولية بدأت تنظر إلي مصر بشكل مختلف وبنظرة مختلفة بناءعلي التحول اليدمقراطية في مصر بعد الثورة، ولذلك عرض صندوق النقد الدولي قرض علي مصر قيمته 3 مليارات دولار بفائدة 5.1% لمدة خمس سنوات بفترة سماح 3 سنوات وهي شروط رائعة قياسا علي تخفيض التصنيف وحاجة مصر للسيولة وبالتالي ربما يكون تأثير النظرة المستقبلية للمؤسسات الدولية إلي مصر كدولة في مرحلة تحول عاملا ايجابيا في تسعير القروض وهو ما سيؤدي إلي تحييد تأثير تخفيض تقييم مصر. كما أن تخفيض التقييم لن يكون مؤثرا بشكل كبير، وربما يتم رفع التقييم خلال فترة قصيرة ربما لا تتجاوز 6 شهور اذا عبرت مصر فترة التحول الانتخابات التشريعية والرئاسية بسلام، أما الاقتصاد المصري وبرغم الثورة وتداعياتها مازال أفضل من مراحل كثيرة من حكم مبارك كما أن النظرة المستقبلية لهذا الاقتصاد أفضل مع توقعات بتراجع الفساد والرشوة والمحسوبية وأن يتم تعديل البيئة الاستثمارية لتكون بيئة جاذبة، كما أن معدلات ربحية المشروعات الأجنبية في مصر أعلي من كثير من الدول مما يعطي للسوق المصري جاذبية مع حجم الاقتصاد وتنوع وموقع مصر المؤثر والمحوري في محيطها العربي والافريقي والشرق اوسطي وبالتالي فتخفيض التقييم لن يكون له تأثير كبير علي الاقتصاد المصري أو علي سوق المال ولكن العامل المؤثر الأكبر سيظل طريقه عبور المرحلة الانتقالية وبناء دولة مؤسسات تتسم بالشفافية والعدالة، وتوفير بيئة استثمارية جاذبة فهل تنجح في عبور المرحلة الانتقالية بدون خسائر هل ننجح في تأسيس دولة مدنية تحترم حقوق المواطنين بعدالة وقادرة علي التطور للحاق بركب الدول المتقدمة؟ اجابة السؤال خلال الفترة الانتقالية ستحدد مصير الوطن وتصنيفه.