من أصول الخير في الإسلام وجوب التعاون عليه، فالمرء قليل بنفسه كثير بإخوانه وأعوانه، وما لا يستطيعه الفرد قد تستطيعه الجماعة. أما من لم يكن لديه قدرة علي فعل الخير فليجعل ذلك من نيته، فربما كانت نية المرء خيرا من عمله، كما في الحديث الشريف: إنما الدنيا لأربعة نفر، عبد رزقه الله مالا وعلما، فهو يتقي فيه ربه، ويصل فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقا، فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا، فهو صادق النية، يقول لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان، فهو بنيته، فأجرهما سواء، وعبد رزقه الله مالا، ولم يرزقه علما، يخبط في ماله بغير علم، ولا يتقي فيه ربه، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم لله فيه حقا، فهذا بأخبث المنازل؛ وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما، فهو يقول: لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيته، فوزرهما سواء . وكما مدح القرآن فاعلي الخير والداعين إليه، ذم أبلغ الذم الذين يمنعون الخير، فجعل من أوصاف المشرك الذميمة جملة من الرذائل مثل كثرة الحلف، والمهانة حقارة النفس، والهمز الطعن في الآخرين والمشي بين الناس بالنميمة، وكثرة المنع للخير، والاعتداء، والإثم، وهكذا نجد صفة أو رذيلة "مناع للخير" ضمن ما ذمه القرآن الكريم. ومن التعاون المطلوب هنا تعاون أرباب الأموال مع الجمعيات الخيرية والجهات المعنية بالضعفاء والمرضي والمعوقين وذوي الحاجات الدائمة أو الطارئة من الناس، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه . من أصول عمل الخير إثابة كل من يقوم بجهد ما في عمل الخير، وتوصيله إلي أهله، فعن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه قال العامل علي الصدقة بالحق لوجه الله تعالي كالغازي في سبيل الله عز وجل حتي يرجع ، فجعل العامل علي الصدقة تحصيلا أو توزيعا كالمجاهد في سبيل الله، وذلك إذا توفر فيه أمران: تحري الحق، وابتغاء وجه الله بعمله، وإن كان يأخذ عليه أجرا. وعن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة، كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها بما اكتسب، وللخادم مثل ذلك، لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئا، فأشرك مع الزوجة التي تنفق الزوجَ صاحب المال، والخادم الذي يساعد. يدخل في هذا العاملون في الجمعيات الخيرية والإغاثية، وإن كانوا يأخذون أجرا علي أعمالهم، إذا صحت نياتهم، وقصدوا بعملهم في الأساس وجه الله تعالي، ولهذا اعتبر الحديث الشريف العامل علي الصدقة كالغازي المجاهد في سبيل الله، مع أن القرآن فرض له أجره من الزكاة نفسها من مصرف العاملين عليها .