كان المؤتمر السنوي لحملة اسهم متاجر وول مارت الامريكية الذي انعقد في ربيع عام 2008 مؤتمرا حافلا بالنجوم حاولت من خلالها الادارة ان تؤكد وضع وول ومارت كأكبر شركة لمتاجر التجزئة في العالم ورغم ذلك لم تنس الادارة ان تجتمع علي هامش المؤتمر لكي تناقش مشكلة الكوادر الشابة بين مديري هذه الشركة العملاقة وهي مشكلة توشك ان تتحول الي ازمة لقد كبرت وول مارت وتسارع نموها الي درجة صارت تهددها بالانفلات الاداري ففي 2008 زادت ايراداتها بمقدار 30 مليار دولار وهو رقم يماثل جملة ايرادات شركة اخري ضخمة مثل كوكاكولا ولذلك كان يتعين علي قادة وول مارت ان يمتلكوا خطة واضحة لتجديد شباب المستويات الادارية المختلفة داخل الشركة. وفي هذا الاجتماع تقدم بيل سيمون رئيس عمليات وول مارت في السوق الامريكية باقتراح غير معتاد وهو ان تضع الشركة برنامجا لتوظيف شباب ضباط الجيش في متسوياتها الادارية المختلفة وهذا علي اية حال اقتراح يتناسب مع سيرة سيمون الذاتية حيث سبق له ان قدم لمدة 25 عاما كمحارب في سلك البحرية الامريكية وقوات الاحتياط الخاصة بها وحدد الرجل فكرته قائلا ان شباب الضباط العسكريين من رتب النقيب والملازمين الذين قادوا الجنود والبحارة ومشاة البحرية ورجال القوات الجوية في الحروب الامريكية خلال العقد الاخير "في العراق وافغانستان" يمثلون نموذجا عالميا في موهبة القيادة المستعدة دائما للاداء وانه لن يكون باقيا سوي ان نعلمهم فنون تجارة التجزئة وهذا امر بسيط وقد وجدت هذه الفكرة انصارا كثيرين في قيادة وول مارت وبدأت تنفيذها بسرعة وفي غضون اربعة اشهر تم اختيار 150 من شباب الضباط العسكرين وبدأ تدريبهم علي فنون تجارة التجزئة ولم يكد يأتي خريف عام 2008 حتي تحقق لقيادة وول مارت انها وضعت يدها علي كنز من المواهب الادارية وفي اكتوبر من العام نفسه قامت الادارة بتعيين العميد المتقاعد جاري بروفيت في صفوف قادة وول مارت الكبار تيمنا بمواهب شباب من الذكور والاناث علي حد سواء وبعد مرور عامين الان علي بدء برنامج وول مارت للاستعانة بالضباط في مختلف هياكله القيادية تقول جينيفر سايد نير وهي مسئولة كبيرة في شئون العاملين في وول مارت ان هذه الفكرة تحولت الي سياسة دائمة وانها تمثل تحولا جذريا في سياسات التوظيف بالشركة وان وول مارت لن يفرق سياسته الجديدة بين العسكريين العاملين وزملائهم من المتقاعدين. وقالت مجلة "فورتشن" ان وول مارت لم تعد سوي مجرد شركة واحدة متحمسة بين عدد كبير ومتزايد من الشركات الامريكية التي وضعت يدها علي منجم الذهب من المواهب الادارية بين العسكريين او أعادت اكتشافه مرة اخري اذا كانت من الشركات التي سبق لها الاستعانة بهذا النوع من المواهب، وتجدر الاشارة الي ان هذه هي اول مرة منذ جيل كامل تتجه فيها الشركات الي استيعاب أعداد كبيرة من العسكريين الموهوبين في صفوف قادتها وموظفيها وفي التقرير السنوي الذي تنشره مجلة وبنك أوف أمريكا وميرك للأدوية. وتذكر شركة التوظيف "هيدها نتج ريكويوت ميليتاري" المتخصصة في توظيف العسكرين انها تعمل حاليا مع اكثر من نصف شركات مؤشر "فورتشن" 100 وان هذا التمول عمرة 3 سنوات وأن المنافسة علي المواهب الافضل من العسكرين تشتد شراسة بين مختلف الشركات، ويقول لاراي سلاجيل نائب رئيس شركة "ريكريود ميليتاري" ان صراع الشركات علي هؤلاء الناس صار اشبه بمعارك اسماك القرش الدامية في قلب البحر. واعترقت أن العلاقة بين عالم الاعمال وبين القطاع العسكري علاقة قديمة وطويلة وغنية وأن سام والتون نفسه كان من العسكرين قبل انخراطه في عالم الأعمال وان كثيرا من القادة التنفيذيين للشركات ممن يتسمون بالطموح كانوا