اعترف خبراء ومحللو أسواق المال بأن البورصة المصرية تعاني أزمة "ثقة" فمعظم المتعاملين بالبورصة لم يعد لديهم الثقة بالسوق وبدأت الامور تأخذ اتجاها متباطئا مع عدم تأثر السوق بأية انباء ايجابية. وأكد الخبراء غياب دور المؤسسات والبنوك التي مازالت غير قادرة علي استخدام ما بحوزتها من ودائع وسيولة تفوق ال400 مليار جنيه مصري. وانتقد أولئك الدور السلبي الذي تتعامل به وزارة الاستثمار والحكومة مع البورصة التي تعتبر "مرآة" للاقتصاد المصري وبما أنها سيئة فالاقتصاد سيظهر سلبيا للجميع محليا وعالميا. أكد وائل عنبة رئيس مجلس إدارة شركة الاوائل لإدارة المحافظ أنه لا يوجد أي دور ايجابي للمؤسسات في البورصة بل علي العكس مازال دورها سلبيا للغاية، موضحا أنه إلي الآن لا توجد مؤسسة قامت بانشاء صناديق للأسهم وليس صناديق تستثمر في السندات والاذون والصناديق النقدية ولعل انشاء المؤسسات لصناديق الأسهم سيؤدي إلي عودة الثقة بالبورصة ويتساءل عنبة: كيف نثق في بورصة لا يثق فها أهلها. ويري أنه يجب علي وزارة الاستثمار بعد نجاحها في سداد مديونيات القطاع العام التي بلغت 32 مليار جنيه أن يكون لها دور في تنشيط البورصة وسوق المال الذي يتبع وزارة الاستثمار وذلك عن طريق تشجيع الشركات القابضة والتأمين في انشاء صناديق أسهم ولا سندات واذون. أكد بذلك أن الاقتصاد المصري حقق معدلات كبيرة فكيف تعبر البورصة السيئة عن الاقتصاد الجيد؟ أشار إلي أنه مازال المسئولون يجملون الوقائع ويصرحون بارقام تحت "بند لا اكذب ولكنني اتجمل" موضحا أنه خلال الفترة الاخيرة جاءت تصريحات علي لسان أحد المسئولين ليؤكد أن البورصة لا تعاني نقص سيولة وهذا عكس الحقيقة. ويتساءل ان دور البنوك في انشاء صناديق للأسهم وخاصة أنها تمتلك سيولة لا تقوم بتوظيفها موضحا أن معدل القروض إلي الودائع يصل من 52% إلي 54% في حين أن البنوك تمتلك أكثر من 400 مليار ودائع لا تقوم بتوظيفها علي الاطلاق. ويقول عنبة: مازال القائمون علي البنوك يعانون عدم الوعي الكافي إلي جانب عدم الجرأة في توظيف هذه الودائع غير المستغلة في البورصة مؤكدا أنه اذا تم انشاء صناديق أسهم في المرحلة الحالية وقامت بالاستثمار في الأسهم التي وصلت أسعارها إلي مستويات متدنية للغاية فمن المؤكد انها ستحقق أرباحا طائلة للغاية علي المديين الطويل والمتوسط. ولفت إلي أن المرحلة القادمة ستشهد من المؤسسات العالمية ترتيب أوزان الصناديق في الدول وستقوم بتخفيض أوزان الصناديق في الدول المتقدمة وزيادتها في الدول الناشئة، موضحا أن هذه المؤسسات تري أن الدول الناشئة خلال السنوات العشر القادمة لها مستقبل واعد. يري عيسي فتحي العضو المنتدب لشركة المصريين في الخارج لتداول الأوراق المالية أن السوق يعاني نقص سيولة متعمدا من جانب المؤسسات لاصطياد الأسهم بأسعار متدنية اضافة إلي أن الاجانب يقومون ب"اللعب" في السوق كما يشاءون. أوضح أن هناك مؤسسات تسعي لإنشاء صناديق لكنها تنتظر تراجع أسعار الأسهم أكثر من ذلك حتي يحقق لهم مكاسب رأسمالية. ويتساءل لماذا لا تتدخل المؤسسات الحكومية لضخ سيولة جديدة في السوق وخاصة أنها تمتلك احجام سيولة مرتفعة مما يسهم في تنشيط السوق إلي جانب ارتفاع المؤشرات مؤكدا أن زيادة احجام السيولة تسهم في تنشيط السوق مما يؤدي إلي ارتفاع أسعار الأسهم. يري أنه من أسباب تراجع السيولة زيادة اعداد الأسهم التي يتم عليها التداول في ذات الجلسة مما أدي إلي زيادة المضاربة وزيادة الخسائر للمستثمرين. ويري أن الحكومة ليس بالضرورة أن يكون لها دور في تنشيط البورصة ولكن دورها تحسين المناخ الاستثماري وتحسين البنية التشريعية للقوانين لجذب المزيد من الاستثمارات سواء المحلية أو الأجنبية مؤكدا أن تحسين المناخ الاستثماري سيجعل "مرآة الاقتصاد" وهي البورصة لها صورة واضحة بدلا من الصورة الحالية السيئة. ومن جانبه، يؤكد وائل جودة خبير أسواق المال أن الحكومة تدخلت بطريقة غير مباشرة لضخ سيولة جديدة في البورصة عن طريق قانون التأمينات الجديد وطرح جزء من هذه الأموال للاستثمار في البورصة، مؤكدا أن هذه الأموال ستؤدي بالطبع إلي تنشيط البورصة خاصة أن هناك تجارب في أمريكا وأوروبا حيث إن البورصات تقوم علي صناديق المعاشات ولكن يجب أولا أن تتم تهيئة السوق من خلال وجود بنية اساسية تشريعية جاذبة للاستثمار مؤكدا أنه عند تهيئة المناخ الاستثماري سيؤدي ذلك إلي جذب الاستثمارات من الداخل والخارج.