أكد أحد خبراء أسواق المال في بنك جولدمان ساكس البريطاني ان عدم ثقة المستثمرين في أسواق المال يعد أكبر تهديد للاقتصاد العالمي، في حال مقارنتها بأزمة الديون السيادية الحالية التي تعانيها كبري الدول الاوروبية، وأبدي تشجيعه لمجموعة دول البريك الممثلة في الصين والهند والبرازيل وروسيا باعتبارها من الاقتصادات الناشئة التي تقضي علي آمال الازمة اليونانية في إخراج التعافي العالمي عن مساره، إلا ان تذبذب الاسواق العالمية وارتفاع معدلات فائدة الاقراض بين البنوك، وتراجع اليورو زاد من صعوبة الاوضاع الاقتصادية خاصة في أوروبا، وفقا لما أوردته صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية. ومن جانبه، يقول الدكتور عصام خليفة العضو المنتدب لشركة الاهلي لادارة صناديق الاستثمار إن هذا الكلام منطقي جدا ومقبول إلي حد كبير لانه في حال وجود ثقة لدي المستثمرين فهي تدفعهم للدخول في السوق والاتجاه نحو الشراء، أما في حال عدم الثقة فيحدث العكس وهو الخروج من السوق، ومن ثم لا يوجد طلب علي شراء الاسهم، ومن ثم فمن المستحيل استقرار حال الاسواق في ظل تراجع الطلب علي شراء الاسهم. ويوضح ان غالبية المحللين في الوقت الحالي يعترفون بعدم ثقة المستثمرين وتخوفهم مما يحدث في الاسواق ولايزال في أذهانهم ما شهدته الاسواق في عام الازمة المالية العالمية الاخيرة ،2008 فضلا عن قلقهم بشأن تعرض دول أخري مثلما تعرضت له اليونان، حيث ترددت أقاويل عديدة بشأن تعثر البرتغال وإسبانيا اقتصاديا، وهذا التخوف هو الذي يقود الاسواق نحو الركود والتراجع، وهذا علي عكس ما يحتاجه السوق في الوقت الحالي من الحاجة إلي التفاؤل، وهو المناخ السليم للاستثمار في سوق المال. ويلفت إلي انه علي النقيض في حال الحذر والتخوف نجد ان المعادلة تختل لأ البورصة عبارة عن عرض وطلب، فإذا اختلت العلاقة، وفي ظل اكتئاب الافراد فيزداد المعروض، ومن ثم تنهار أسعار الاسهم، وهو ما يحدث في الازمات، كما حدث في الازمة المالية العالمية، وكذا في الازمة التي لاحقت العالم مباشرة وهي أزمة اليونان، وذلك يؤثر علي غالبية الدول وليس الدولة محل الازمة. ويشير الدكتور أحمد جلال خبير أسواق المال إلي ان التحدي الاكبر الذي يواجه أسواق المال خلال الفترة الراهنة هو كيفية عودة الثقة في أسواق المال، وهذا يمثل جانبا كبيرا في دور الاجهزة الرقابية، من ناحية الافصاح والشفافية، حيث تكمن قوة سوق المال بشكل كبير في قوة المركز المالي للشركات، والتي تدعم ثقة المستثمرين من خلال البيانات والمؤشرات والتقارير والتحليلات والدراسات وغيرها من المعلومات التي تنشرها للمتعاملين، ومن ثم يمكن القول بأن الازمة الحقيقية التي تعاني منها معظم الاسواق حاليا لا تتعدي ان تكون أزمة ثقة، ويتضح ذلك في حال رؤية سوق ما لا يستجيب لأي أنباء ايجابية سواء داخلية أو خارجية، وذلك في حال صعود الاسواق الاخري العالمية. ويضيف انه يجب توفير مزيد من الرقابة التي تسهل عمل المستثمر الصغير، وتساعد علي معاملته بنفس المستوي الذي يتم التعامل به مع المستثمر الكبير دون تمييز، فضلا عن ان حماية المستثمر الصغير يجب ان تحظي بأهمية قصوي سواء من الجهات الرقابية أو من الشركات المقيدة في السوق لأن المستثمرين الصغار في غالبية الامر يمثلون العمود الفقري للشركات وهم مصدر قوتها وليس المستثمرين الكبار كما يعتقد الكثير، كما يجب العمل علي مساعدة المستثمر الصغير وتحويله إلي مستثمر حقيقي ولا مضارب مثلما يحدث في كثير من الاسواق. ويقول أحمد زينهم مدير شركة "تي. إم. تي" للاستشارات المالية إن الكلام المنشور في الصحيفة البريطانية صحيح جدا، فالثقة تمثل عاملا كبيرا جدا في السياسة الاستثمارية، ولعلها تأتي غالبا من الدور الاساسي لسياسة الافصاح والشفافية في الاسواق، حيث ان اتباع سياسات الافصاح والشفافية يساعد في معرفة اتجاهات أسواق المال، ومن ثم امكانية التعرف علي استراتيجيات التعامل معها في أوقات عدم الاستقرار، كما يعمل اتباعها علي استقامة أداء الاسواق، خاصة بعد الازمة المالية العالمية الاخيرة لأن سوق الاسهم لا يهدف فقط إلي جني الارباح وإنما هو أداة فاعلة من أدوات الاقتصاد المحلي، وكذا أحد الاماكن التي من خلالها يتم توفير السيولة وإشراك الافراد في الانشطة الاقتصادية.