بعد غد تشهد اسطنبول فاعليات الملتقي الاقتصادي التركي العربي الخامس. السياسة حاضرة، لكن الاقتصاد صاحب الصوت الأعلي.. وبينما يحتشد 14 وزيرا عربيا في الملتقي، فإن الطرف التركي واحد، بمعني أن هناك استراتيجية تركية محددة وواضحة، مقابل حضور عربي قطري أي أن كل دولة عربية من الدول المشاركة لها أهدافها ومصالحها ورؤيتها فلا استراتيجية عربية واحدة تترجم هدفا أو أهدافا قومية، فمن يكسب أكثر؟ بالطبع لا داعي لطرح السؤال من الأساس، فتركيا التي تتقدم، ويتنامي دورها الإقليمي وسط ترحيب عربي ربما يعكس نوعا من الراحة لأن الدور التركي "يوازن" الدور الايراني الذي يحظي بالكثير من التحفظات من جانب دول عربية في أحسن الأحوال، بينما الرفض نصيبه من جانب عواصم عربية أخري، من ثم فإن اللاعب التركي ودوره ووجوده أسباب تدعو للراحة بغض النظر عن الثمن ومن يدفعه؟ حكومة تركيا تتمتع بذكاء يكفي لكي تكسب من العرب أكثر مما يعود عليهم بالنفع، فهي تجيد لعب كل أوراقها، كما تجيد اختيار التوقيت المناسب لوضع الورقة المناسبة علي الطاولة في الوقت الذي يضمن لها باستمرار تعظيم مكاسبها، بينما يكتفي العرب بابداء الاستحسان والاعجاب والتصفيق لكل "نقلة" تركية علي رقعة المنطقة! وتركيا بوجهها العثماني الجديد تلعب سياسة وتكسب في الاقتصاد تعلن المواقف المعنوية، وتنتظر عائدات ومنافع استثمارية من العرب خاصة ان الشارع العربي يؤيد أي خطوات باتجاه دعم الدور التركي المؤيد للحقوق العربية، بأكثر مما يجده من جانب كثيرين من العرب! بالتأكيد لا يمكن أن تلوم دولة تبحث عن تعزيز مصالحها وتحقيق اهدافها في محيطها الإقليمي لكن عندما يتعلق الأمر بالحديث عن "شراكة" فلابد أن يبحث كل شريك عن الآليات التي تعزز دوره وتعظم مشاركته والعوائد الفعلية من تلك الشراكة لا أن يستأثر أحد الشركاء بمعظم الغنائم، بينما شريكه أو بدقة شركاؤه يسعدون ويفركون اكفهم سعداء بما يقدمه الرابح الاكبر من دعم معنوي لقضاياهم في حين تصب العائدات الاقتصادية والاستثمارية في قنواته وخزائنه ومرة أخري لا يمكن لومه ولكن كل اللوم لمن لا يعي المعني الحقيقي لمفهوم الشراكة!