بعد القبض علي مسئولي كبري صناديق التحوط وبنوك الاستثمار في بريطانيا وعلي رأسها بنك يو بي إس الأسبوع قبل المنقضي بتهمة كسر قواعد الإفصاح والشفافية في أسواق المال، والتداول بناء علي معلومات داخلية في الأسواق، تكرس سلطة الخدمات المالية حالياً، والتي تعد المنظم الرئيسي للحي المالي بلندن جهودها خلال الفترة الأخيرة، لمنع الغياب والإخلال بقواعد الشفافية في البورصات، حيث تقوم بحملات تفتيش مفاجئة علي المشتبه فيهم، حيث تم القبض علي نحو ستة أشخاص في أكبر عملية لمكافحة التداول الذي يتم بالاعتماد علي معلومات داخلية، والهادف إلي تحقيق المصالح الشخصية، والمجاملات. وقال خبراء أسواق المال إن قيام السلطات في بريطانية بهذا الدور للقضاء علي تلك المشكلة التي تغزو البورصات، بمثابة أمراً رئيسياً من أجل عودة الثقة في الأسواق، وكذا في النظام المالي بعد الضربات التي لقيها خلال الأزمة المالية العالمية الأخيرة، ولم يقتصر الأمر علي بريطانيا، بل قامت جهات التنظيم الرئيسية في العالم بقيادة هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية في نيويورك، باتخاذ أساليب مختلفة وبالتأكيد علي تلك الخطوة البريطانية، حيث تلاحق المخطئين والمتلاعبين بقوة وباستخدام القانون، ثم يتم فرض غرامات كبيرة، وعقوبات بالسجن لجعل هؤلاء عبرة لغيرهم، وفقاً لصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية. ويعلق أحمد زينهم مدير شركة تي إم تي للاستشارات المالية، قائلاً إن اتباع سياسات الإفصاح والشفافية يساعد في معرفة اتجاهات أسواق المال، ومن ثم إمكانية التعرف علي استراتيجيات التعامل معها في أوقات عدم الاستقرار، ولكن عندما نري ارتفاع الأسعار أو تراجعها، دون رؤية أية أسباب، فإن الأسباب في هذه الحالة تتوجه بصفة أساسية إلي توقعات حدوث عمليات تلاعب بالسوق، مما يترتب عليه ضياع أموال صغار المستثمرين، لصالح فئات أخري، ومن ثم فإن أفضل وسيلة لمنع تسرب المعلومات الداخلية من السوق هي ضرورة اتاحتها ونشرها بعدالة لجميع المتعاملين في البورصة. ويوضح أن تلك العمليات تتم عن طريق المعارف والمصالح المختلفة، بمعني أن مدير صندوق معينا يبني علاقات مع مسئولين في الشركات، وفي حال إمكانية حدوث أية أخبار جوهرية في تلك الشركة خلال الفترات المقبلة سواء عقد صفقات أو استحواذات علي شركات أخري، وغيرها، يقوم مسئول الشركة بإبلاغ مدير الصندوق قبل نشر تلك الأخبار علي جموع المتعاملين، وبالتالي يقوم المدير بتكثيف عمليات الشراء في ذلك السهم بناءً علي الأخبار التي عرفها، وعند نشر الأخبار فيما بعد يكون السهم قد ارتفع ومن ثم يقوم مدير الصندوق بالبيع، وتحقيق أرباح في الوقت الذي يتجه فيه المتعاملون في السوق إلي الشراء، وهذا يعتبر كسرا لقواعد الشفافية التي ينبغي أن تتوافر في الأسواق لجميع المتعاملين فيما يتعلق بالأخبار التي يجب أن تنشر علي شاشات التداول سواء قبل الجلسة أو بعدها أو حتي في ذات الجلسة. ويضيف أن تلك العمليات من الاعتماد علي المعلومات الداخلية في التداول تعد من أكبر الجرائم خاصة لدي الدول المتقدمة، وقد يحدث الكثير من تلك العمليات في الأسواق الناشئة، إلا أنها لا تواجه تلك الأحكام الرادعة كما تشهدها نظيراتها في الدول المتقدمة، موضحاً أنه قد يتعرض رئيس دولة في تلك البلدان المتقدمة حال عدم الالتزام بمبادئ الشفافية، كما أن انتشار ظاهرة التداول القائمة علي معلومات داخلية يسبب ضعف ثقة المستثمرين بالأسواق، الأمر الذي دفع القوانين العالمية بالتشدد في تلك العقوبات المتعلقة بهذه الجريمة، لكونها تنافي نزاهة الأسواق. ويقول الدكتور محمد الصهرجتي العضو المنتدب لشركة سوليدير لتداول الأوراق المالية إن أسواق المال في أشد الحاجة لقواعد الإفصاح والشفافية حتي يستقيم أداؤها، خاصة بعد الأزمة المالية العالمية الأخيرة، فضلاً عن إمكانية تتبع مصادر التمويل للصفقات المختلفة، يكون من السهولة احتواء العمليات التي تهدف إلي الضغط علي أسهم بعينها ودفعها نحو تحقيق مستويات سعرية عالية، أو العكس أي دفعها نحو الانخفاض، وهذا يوفر إمكانية الكشف عن حقيقة ما يتم من تعاملات في البورصات، وكذا حتي يتم التأكد من أن التعاملات لا تتم لمصلحة أفراد معينة، وأنه في النهاية تكون بهدف المصالح والمجاملات.