لا أحد يعرف الي اين تمضي المواجهة بين الجيش والحكومة في تركيا.. هل يخضع الجيش لقواعد الديمقراطية التي وصلت بالإسلاميين الي الحكم.. أم يتحد مع المعارضة العلمانية وتبدأ تركيا مرحلة جديدة من مراحل الحكم العسكري وقد جربتها قبل ذلك كثيرا.. ان تركيا بما حدث اخيرا تقف امام اختيارات صعبة.. ان الشارع التركي الذي اختار حزب العدالة وأعطي الاسلام المعتدل فرصة ان يحكم لن يفرط في تجربته الناجحة خاصة انها حققت انجازات كبيرة في السنوات الماضية علي المستوي الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، ولكن علي الجانب الآخر فإن الاحزاب العلمانية مازالت تنتظر تلك اللحظة التي يعصف فيها الجيش بالحكومة التركية.. هذا الانقسام يجد دعما خارجيا كبيرا. إن أوروبا لا ترتاح كثيرا للإسلاميين في تركيا ولكن نجاح التجربة في الحكم أسكت الجميع.. وفي نفس الوقت فإن تركيا في نظر الغرب تقدم نموذجا اسلاميا متقدما بجانب التشدد الإيراني.. وبجانب هذا فإن تركيا دولة سنية أمام التشدد الشيعي.. ومن هنا فإن نموذج الحكومة التركية الحالية مقبول من الغرب.. قد تكون اسرائيل هي الطرف الاساسي الذي يقف موقفا عدائيا من الحكومة التركية خاصة اننا نعرف مجالات التعاون العسكري بين اسرائيل والمؤسسة العسكرية التركية.. ان موقف الحكومة التركية في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني واقترابها بشدة من المشرق العربي افسد كثيرا العلاقات التركية الاسرائيلية خاصة مع مواقف اردوجان الواضحة والصريحة في رفض مواقف اسرائيل العدوانية في حرب غزة وتهويد القدس والعدوان علي الشعب الفلسطيني. إن المعركة في تركيا الآن بين الشارع الذي اختار حكومته والمؤسسة العسكرية التي تستطيع ان تطيح بالحكومة في أي لحظة.. ومن هنا كانت المحاكمات التي تورطت فيها القيادات العسكرية سواء كانت في صفوف الجيش او تركت الخدمة.. ان الملاحظ اننا امام رتب كبيرة وقادة عسكريين كبار وربما كان هذا هو سر الخوف علي التجربة التركية التي كان البعض يتصور انها يمكن ان تكون درسا لشعوب اخري في وجود حكم اسلامي ديمقراطي رشيد.