تزامنت زيادة ويليام بيرنز أبرز مساعدي وزارة الخارجية الأمريكية لسوريا في 16 من فبراير الحالي مع جولة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية لكل من قطر والسعودية للتباحث حول الشأن الايراني وحشد الدعم العربي ضد ملف إيران النووي. وهو نفس الموضوع الذي ركز عليه بيرنز في لقائه بالرئيس بشار الاسد باعتبار ما تملكه سوريا من أوراق المساومة. هدف أمريكا من الانفتاح ولاشك أن الانفتاح الأمريكي الاخير علي سوريا إنما أرادت إدارة أوباما من ورائه الظفر بدعم سوريا لها في قضايا كانت مثار خلاف بينهما سواء فيما يتعلق بالعلاقة مع إيران أو ما يتعلق بالعراق أو بالصراع العربي الاسرائيلي وجاء لقاء بيرنز بالرئيس الاسد بعيد الاعلان عن تعيين بيترفورد سفيرا أمريكيا جديدا في دمشق وهي خطوة كانت متوقعة منذ أن تسلم أوباما الرئاسة الامريكية في يناير من العام الماضي ويأتي ذلك بعد السنوات الخمس من سحب السفيرة مارجريت سكوبي من دمشق في اعقاب اغتيال الحريري في 14 فبراير 2005. وماذا عن قانون محاسبة سوريا؟ الجدير بالذكر أن سوريا لم تعتبر تعيين السفير مكافأة لها ومن ثم تعاملت مع الموضوع بشكل عادي ونظرت اليه بوصفه تحركا طبيعيا فرضته التطورات بل وقد لا تعد الخطوة كافية اذ يتعين علي أمريكا ان ارادت بالفعل تحسين العلاقات مع سوريا أن تبادر برفع اسمها من لائحة الدول الراعية للارهاب وأن تبادر بالغاء ما أسمته بقانون محاسبة سوريا الذي اصدرته إدارة بوش 2004 وانعكس بالسلب علي قطاع الطيران المدني، غير أن خطوة الانفتاح علي دمشق لم تتبناها إدارة أوباما من أجل عيون سوريا وإنما تبنتها سعيا إلي إيحاد سبل جديدة للخروج من الطريق المسدود بالنسبة لقضايا تتعلق بإيران وحماس وحزب الله وهي الاطراف التي أدرجتها أمريكا في محور المارقين. وبالتالي يأتي التحرك اليوم باتجاه سوريا كمحاولة من إدارة أوباما للامساك بكل ملفات المنطقة في يدها والانفتاح علي الدول ذات الثقل مثل سوريا التي يمكن أن تلعب دورا فاعلا في تذليل الموافف علي جبهات عدة سواء الفلسطينيةوالإيرانية والجبهة العراقية قبل الانسحاب الأمريكي المزمع من أرض الرافدين. ماذ عن الفجوة بين الرؤي؟ تعيين سفير أمريكي جديد في دمشق دليل علي استعداد أمريكا لتحسين العلاقات مع سوريا ومعالجة القضايا التي تشكل مصدر قلق لإدارة أوباما اخذا في الاعتبار أن هناك فجوة في الرؤي بين الدولتين غير أن ما أكدته سوريا دوما هو تمسكها بالثوابت وأولها أن علاقتها مع اية دولة لابد أن ترتكز علي الاحترام المتبادل وعلي الندية والمصالح المشتركة، وعليه فإن امريكا ستخسر الرهان بالقطع لو ظنت أن دمشق في وارد التخلي عن ثوابتها حيال دعم المقاومة سواء في فلسطين أو لبنان أو العراق كما أن أمريكا لن تنجح في الضغط عليها لفك ارتباطها بإيران أو حزب الله أو حماس أو تقديم تنازلات فورية لاسرائيل في عملية السلام فالأساس هو عدم الخضوع للاملاءات الامريكية كتلك التي حملها كولن باول إلي دمشق عندما كان وزيرا للخارجية الامريكية في مايو 2003 غداة غزو العراق ورفضت سوريا تلبيتها. لجوء المضطر لجوء إدارة أوباما إلي سوريا في الوقت الحالي هو لجوء المضطر ويأتي بعد نجاح دمشق في الخروج من إطار العزلة التي حاولت إدارة بوش ودول عربية في المنطقة فرضها عليها بيد أنها استطاعت الخروج منها لتصبح اليوم اقوي مما كانت عليه وكان من الطبيعي أن تحتل سوريا مركزا متقدما لموقعها الجيوسياسي الذي يجعلها قريبة من العراق ولبنان والاردن واسرائيل وتركيا بالاضافة إلي علاقتها الوثيقة بإيران.