شهدت الاوساط العمالية خلال عام 2009 ما يقرب من 1200 احتجاج في عدد من المواقع في القطاع العام والاعمال العام والخاص وذلك حسب ما اكدته تقارير مراكز لحقوق الانسان مثل الارض واولاد الارض والمصري للحقوق الاجتماعية والاقتصادية. تأتي هذه الاحتجاجات للمطالبة بزيادة الاجور والتثبيت في العمل، وصرف الحوافز والعلاوات وغيرها من المطالب. وفي نفس السياق اكد تقرير لوزارة التنمية الاقصادية ان الازمة المالية العالمية هددت العمالة حيث فقد 100 ألف عامل وظائفهم من اكتوبر 2008 وحتي مارس 2009 وان معدل البطالة قفز الي 9.37% خلال الربع الثالث من 2009. كما انه بسبب تراجع معدل النمو في الناتج المحلي الاجمالي الي 4.3% خلال 2009 مقابل 7.4% خلال العام السابق عليه تناقصت فرص العمل، حيث اعترفت وزارة القوي العاملة في بيان لها امام منتدي التشغيل في بيروت في اغسطس الماضي بتراجع فرص العمل التي تم شغلها خلال الفترة من 1/1/2009 حتي 31/8/2009 بالداخل من 320219 إلي 208616 فرصة عمل في الفترة نفسها من العام السابق عليه. الأجور خالد علي مدير المركز المصري للحقوق الاقتصادية والعمالية وأحد مؤسسي اللجنة التنسيقية للدفاع عن العمال قال ل "العالم اليوم" ان الوسط العمالي خلال عام 2009 شهد العديد من الاضطرابات وكان العامل المشترك هو مشكلة الاجور، فالمجلس الاعلي للاجور الذي جري تشكيله منذ عام 2003 لم يحدد حتي الان الحد الادني للاجور وترك المسألة حسب اهواء كل قطاع. اضاف خالد علي أن الحكومة أعلنت أكثر من مرة خلال عام 2009 عن ارتفاعات شهدتها الأجور بنسبة 115% خاصة خلال السنوات الأربع الماضية، وهذا يمكن الرد عليه بالقول بأن الأسعار ارتفعت بنسبة 200% وهو ما لايتناسب مع منظومة الأجور في مصر. وتطرق المحامي العمالي إلي بيانات صادرة عن البنك الدولي والتي تشير إلي أن الحد الأدني للأجور في مصر يبلغ 425 دولارا سنويا في مقابل 875 دولارا سنويا للعامل الجزائري و1675 للمغربي و1775 للتونسي، و1850 للسنغالي مع ملاحظة أنه يزيد من انخفاض الحد الأدني للأجور في مصر زيادة ساعات العمل التي تتراوح بين 54 و58 ساعة اسبوعيا وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء. من جانبه، يري حسين مجاور رئيس اتحاد عمال مصر أن هناك قضايا عديدة شغلت الرأي العام المهتم بالقضايا العمالية خاصة الدعوات والنصائح القادمة من منظمة العمل الدولية بضرورة استقلالية التنظيم النقابي الرسمي وعدم تدخل الحكومة في شئونه. وقال مجاور إن الاتحاد يستعد حاليا لتقديم مشروع قانون جديد للنقابات العمالية يتمشي مع ما وقعت عليه مصر من اتفاقيات دولية تدعو إلي الاستقلال، موضحا أن القانون 35 لسنة 76 وتعديلاته يسمح للجهة الادارية المتمثلة في وزارة القوي العاملة بالتدخل في بعض الشئون الادارية والمالية، الأمر الذي يتطلب بعض التعديلات المرتقبة لوضع معظم السلطات في قبضة الجمعيات العمومية للنقابات العمالية. واشار مجاور أيضا إلي ظهور ما يسمي بالنقابات المستقلة والاتحاد الموازي، وقال إن كلها خارج اطار القانون والدستور الذي يجرم التعددية النقابية خارج التنظيم الرسمي حيث إن ظهور أكثر من نقابة داخل المصنع سوف يؤدي إلي بلبلة وعدم وجود حل حقيقي لمشكلات العمال والنهوض باقتصاد الشركات سواء العامة أو الخاصة. ويؤكد محمد عبدالحليم رئيس النقابة العامة للزراعة وأمين عمال الحزب الوطني أن أخطر معركة عمالية شهدها عام 2009 هي مشكلة عمال شركة النوبارية للميكنة الزراعية حيث كشفت هذه المشكلة عن قضايا خطيرة وقال عبدالحليم إن عدد عمال هذه الشركة يقترب من ال200 عامل وقام صاحب الشركة منذ شرائها من الحكومة باغلاقها، وطرد العمال وحرمانهم من الأجور فقامت وزارة القوي العاملة والنقابة العامة للزراعة بتقديم بلاغ إلي النائب العام فاصدر قرارا بفتح الشركة وصرف أجور العمال، والغريب في الأمر كما قال لنا محمد عبدالحليم أن صاحب العمل لم يلتزم بقرار النائب العام ويقوم العمال بصرف أجورهم من صندوق طوارئ الوزارة أو النقابة العامة، الأمر الذي يضع علامات استفهام عديدة تؤكد طبيعة العلاقة بين اصحاب الاعمال والحكومة والعمال، الأمر الذي يتطلب وضع قوانين ولوائح أكثر قوة لإجبار جميع الاطراف علي تنفيذ القانون. الأسوأ ويري حمدي حسين مدير مركز افاق بالمحلة الكبري وخبير عمالي ونقابي سابق في قطاع الغزل والنسيج أن عام 2009 هو الاسوأ حيث أكد أن الازمة المالية العالمية تسببت في قيام عدد من رجال الاعمال بالتقدم بطلبات إلي لجنة الشكاوي بالمجلس الاعلي للأجور مطالبين بالغاء العلاوات والأرباح تطبيقا لقانون العمل الجديد رقم 12 لسنة 2003 والذي تعطي مواده الحق في الغاء العلاوات والأرباح في حالة تعرض الشركات لأزمات مالية وعدم استقرار وقال حمدي حسين إن هذا أمر خطير للغاية دفع ثمنه العديد من عمال الغزل والنسيج والاسمنت والصناعات المعدنية. وتطرق حمدي حسين ايضا إلي قرار الحكومة برفع اسعار الطاقة، الأمر الذي ترتب عليه خسائر بلغت أكثر من 4 مليارات جنيه في 15 شركة للصناعات الثقيلة خاصة الألومنيوم والحديد والصلب والسبائك الحديدية. وبرصد أخطر الاحتجاجات العمالية خلال عام 2009 لوحظ أنها تركزت في عدد من الشركات منها مصر للغزل والنسيج واسمنت طرة وحلوان والنوبارية للميكنة الزراعية ومصر الحجاز للبلاستيك والنيل لحليج الاقطان، وطنطا للكتان والزيوت والمشروعات الصناعية والهندسية وعمال هيئة النقل العام، واداريو التربية والتعليم وغيرها، وطالبت معظم هذه الاحتجاجات بأجور عادلة وصرف العلاوات والحوافز والمكافاَت ووقف سياسات الفصل والنقل التعسفي، واصدار تشريعات جديدة تحقق التوازن في علاقات العمل بين اطراف العمل الثلاثة.