حالة الترقب لفعاليات قمة العشرين التي عقدت علي مدار يومين في مدينة بتسبرج بولاية بنسلفانيا الأمريكية انتهت إلي حالة ترقب جديدة، وجاء ذلك بعد الجدل الكبير حول النتائج التي انتهت إليها، يتوقع أن تكون امتداداً للقمم السابقة التي حاولت إيجاد مخرج من الأزمة المالية التي ضربت العالم منذ أكثر من عام ونصف العام وجاءت نتائج القمة لتؤكد صدق هذه التوقعات حيث لا تختلف كثيراً عن سابقتها من القمم إلا في أنها حاولت إعادة هيكلة نظام بريتون ووذ، وتزايد الجدل حول هذه النتائج حيث قال المتشائمون إن هناك شكوكاً حول نجاح قمة العشرين في الخروج من الأزمة في حين أكد المعارضون أن ذلك الاجتماع إرهاص ببداية عصر جديد يشارك فيه الجميع في صياغة النظام الاقتصادي العالمي الجديد. وفي تعليقها علي نتائج قمة العشرين رأت صحيفة الجارديان أنه علي الرغم من آلام الولادة فإن عالما جديدا جميلا أقل ليبرالية وأقل أنجلوساكسونية يبرز من تحت أعيننا في بتسبرج. ويلخص سايمون جونستون كبير الاقتصاديين سابقا لدي صندوق النقد الدولي والأستاذ في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الوضع بقوله: لقد شهدنا للتو انهيارا هائلا في القطاع المالي لأن البنوك لم يكن لديها رأسمال احتياطي. وأضاف أنه ينبغي أن تضاعف الضوابط الجديدة ثلاث مرات قواعد رأس المال الاحتياطي الملزم للبنوك. ضوابط جديدة ويأمل جونستون وغيره أن تمنع الضوابط الجديدة تكرار حدوث الأزمة التي نعيشها اليوم بسبب عدم كفاية رءوس أموال البنوك لتغطية قيمة موجوداتها. والتي سبق وأن تسببت قلة هذه الرءوس في إفلاس بنك الأعمال الأمريكي ليمان براذرز وتقليص حجم الائتمان في العالم بأسره وتأخير مشاريع البنية التحتية وخنق الشركات ومطالبة الحكومات والبنوك المركزية بضخ آلاف المليارات من الدولارات في النظام الاقتصادي. وقال مايكل ديكس مدير الأبحاث وخطط الاستثمار في باركليز ويلث: إن هناك عدم تيقن حقيقي يخيم علي وضع السياسة التي يمكن معها تنفيذ نتائج القمة ويزيد هذا من صعوبة استمرار موجة الصعود. ولكن الميزة الوحيدة التي بدأت تدركها هذه القمة هو ضرورة إدخال أطراف دولية أخري لاسيما الدول ذات الاقتصاديات الناشئة مثل البرازيل والهند والمكسيك والصين. ولكن معارضي تعزيز الضوابط التي توصلت لها القمة يؤكدون أن الإفراط في الحرص يمكن أن يجهض الانتعاش الاقتصادي لأنه سيخفض أرباح البنوك الأربعة الأمريكية الكبري ب 30% علي الأقل وفق تحليل نشرته صحيفة وول ستريت جورنال. وتقول نانسي بوش مؤسسة الشركة الاستشارية المتخصصة في القطاع المالي ناب ريسرتش: إن هناك عديداً من التصريحات وإعلانات النوايا المتوافقة التي تتوقع تغيرات عميقة في القطاع المصرفي الأمريكي تترافق خلال السنوات المقبلة مع زيادة غير مسبوقة في رأس المال. ويري كريستوفر لو كبير الاقتصاديين لدي اف.تي.ان فايننشال في نيويورك إن النتائج التي توصلت لها قمة بتسبرج سوف تسهم بشكل كبير في إيجاد كيان دولي يشرك جميع الدول الناشئة دون أن يكون هذا الكيان مقصوراً فقط علي الدول الكبري. وقال محللون في بنك سوسيتي جنرال الفرنسي إنه من غير الواضح كيف ستعمل هذه الخطة لكنها ستتضمن تدابير مثل خفض العجز الأمريكي وزيادة الادخار وتقليل الصين اعتمادها علي الصادرات وإجراء أوروبا تغيرات هيكلية بهدف زيادة استثمارات الشركات. بديل الدولار وقال ريتشارد كوبر أستاذ الاقتصاد الدولي في جامعة هارفارد إن هذه الدول تدرك أنها ستمني بخسائر إذا قضي التضخم علي قيمة السندات الأمريكية بالدولار. وأضاف إنه لا توجد بدائل مجدية للدولار الأمريكي كعملة مستخدمة علي نطاق عالمي مستبعدا حتي حقوق السحب الخاصة لدي صندوق النقد الدولي التي تضم سلة من العملات هي الدولار واليورو والين والجنيه الاسترليني. ويقول أرفين ستلزر مدير بحوث السياسة الاقتصادية في معهد هدسون في واشنطن إن الدولار سيبقي العملة العالمية المسيطرة بفضل استقرار نظامنا السياسي وحكم القانون الذي لا يشكل إحدي مزايا كثيرة من الاقتصادات الأخري. وقال إن بعض الدول تشتري اليورو وعملات أخري من وقت لآخر ولكن ليس بكميات تهدد سيطرة الدولار. وتقول كاثي لين كبيرة الاستراتيجيين لدي جلوبال فوركس تريدنج إن هذه التعليقات تعزز رغبتهم في التنويع بعيدا عن الدولار وتشجع دولا أخري علي فعل ذلك. وإبرام عدد من الصفقات الصينية في الفترة الأخيرة بعملة المشتري بدلا من الدولار وخصوصا مع البرازيل التي تعمل الصين علي التقارب معها للحصول علي النفط. إضافة إلي ذلك اتخذت الصين أول بلد يوقع اتفاقا لشراء سندات صندوق النقد الدولي خطوة غير معتادة عندما استخدمت عملتها اليوان لتسديد 50 مليار دولار هي قيمة تلك السندات بدلا من استخدام الدولار الذي تستخدمه بكين في معظم تعاملاتها التجارية والخارجية. ويقول كارل واينبرج كبير الاقتصاديين لدي هاي فريكوينسي إيكونوميكس إنه فوجئ بحركة الصين تلك لكنه لم يلمس لها أي تأثير علي الدولار. ويقول: يمكننا الآن أن نري بوضوح تلك الصفقة بوصفها خطوة سياسية قامت بها بكين لتعزيز مكانتها في إدارة صندوق النقد الدولي وليس كمحاولة من المصرف المركزي الصيني لتقليل حصة الدولار في احتياطيه من العملة. اجتماعات مستمرة وأشار تقرير أوردته صحيفة الفايننشال تايمز عبر موقعها الالكتروني إلي أنه علي الرغم من أن براون يري أهمية أن يكون لمجموعة العشرين الدور المركزي المنسق للنظام المالي الدولي إلا أنه أكد علي أن المجموعة لن يكون لها سكرتارية وستعتمد علي التحليلات الفنية الصادرة عن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومجلس الاستقرار المالي. وأضاف التقرير أنه في ظل ذلك الإطار الجديد يعمل زعماء دول مجموعة العشرين حيث سيجتمعون مرة أو مرتين في العام علي إرساء الأهداف الأساسية المرجو تحقيقها للاقتصاد العالمي. كما ستقدم الدول تقارير حول استراتيجيتها علي الصعيد المحلي إلي مجموعة العشرين في ضوء الأهداف الأساسية الموضوعة علي أن يتولي صندوق النقد الدولي ومجلس الاستقرار المالي تقييم تلك السياسات المطبقة في الدول والتحقق من مدي تماشيها مع الاهداف الموضوعة. يذكر ان مجموعة العشرين تأسست في العام 1999 وكانت وقتها تضم في الاساس وزراء مالية ورؤسا المصارف المركزية في اهم 20 اقتصادا في العالم. وتمثل هذه الدول نحو 90% من الناتج الاجمالي العالمي. ووضعت الازمة المالية والاقتصادية هذه المجموعة في الواجهة اذ عقدت 3 قمم لقادة حكومات دول المجموعة في أقل من عام.