لن يكون هناك جديد حتي بعد اللقاء الذي يزمع جورج ميتشل إجراءه مع نيتانياهو في اسرائيل قريبا، فاسرائيل بعد ان تحدثت عن تجميد مؤقت للاستيطان عادت ادراجها للحديث عن أن الاستيطان لا يمكن ان يتم تجميده حتي لا يتم خنق المستوطنين وانبري نيتانياهو يقول: لا يمكننا تجميد الاستيطان بلا مقابل لاننا لسنا مغفلين وكأن اسرائيل عندما تطرح التجميد المؤقت للاستيطان تريد في المقابل تطبيع العلاقات مع كل العالم العربي. ** أكذوبة الرهان علي اسرائيل.. اسرائيل علي ثقة بأن إدارة أوباما لن يكون بإمكانها الاستمرار في مطالبتها بتنفيذ بوادر حسن نية مثل تجميد الاستيطان دون الحصول علي تطبيع العلاقات مع العرب.. وان ما تسعي إليه امريكا عبر محادثاتها مع الدول العربية هو الحصول علي بوادر حسن النية تجاه اسرائيل تتمثل في إجراءات عملية علي ارض الواقع مثل اعادة فتح مكاتب المصالح التجارية الاسرائيلية التي كانت قد اغلقت، والسماح بتحليق الطائرات الاسرائيلية في الاجواء العربية والسماح لرجال الاعمال الاسرائيليين بالعمل في الدول العربية حتي اذا حدث هذا، عندئذ يمكن لاسرائيل ان تدرس إمكانية الموافقة علي تجميد مؤقت لاعمال البناء في المستوطنات دون ان يشمل ذلك اعمال البناء لالفي وحدة سكنية جار بناؤها حاليا. ** ثقة اسرائيل في تحدي العالم.. اسرائيل تري ان لها الحق في ان تمضي قدما في الاستيطان الذي لن تتخلي عنه وان تظاهرت احيانا بمسايرة المواقف عبر تصريح من هنا وهناك. والسبب انها تحظي بدعم المجتمع الدولي وعلي رأسة امريكا وأوروبا والمنظمة الدولية وهو ما يشكل غطاء لتبرير جرائم اسرائيل.. وتكفي تحركات بان كي مون أمين عام الاممالمتحدة ازاء اسرائيل التي تتقاطع مع مواقف امريكا المنحازة.. ولهذا كانت اسرائيل واثقة من قدرتها علي تحدي العالم كله. ولا يعتقد بأنها ستتخلي عن الاستيطان فحتي لو وافقت علي تجميد مؤقت له ستعاود استئنافه من جديد. ** لا لتجميد الاستيطان.. غريبا في اعقاب مطالبة أوباما لاسرائيل بتجميد الاستيطان ان بادرت في تحد صريح للمطلب الامريكي لتصادر عشرات الآلاف من الدونامات في الضفة الغربية من اجل بناءا وحدات سكنية وان تعلن وزارة الدفاع الاسرائيلية أنه تمت المصادقة اخيرا علي بنآء ألف واربعمائة وخمسين وحدة سكنية جديدة في الضفة وذلك عشية لقاء باراك مع ميتشل في الثلاثين من الشهر الماضي وكأنما لسان حال اسرائيل يقول لامريكا بان الكيان الصهيوني ماضي في طريقة لفرض واقع استيطاني جديد، وان الاستيطان سيتواصل رغم ما يعلن من تصريحات حول تجميده احيانا فهذا لن يكون له ترجمة علي ارض الواقع. ** امريكا ووعودها الهلامية .. اسرائيل تتصرف وهي تدرك أنه لن يكون في جعبة إدارة أوباما اكثر من اعطاء الوعود الهلامية للعرب وبالتالي فهي ان صرحت بوجوب تجميد الاستيطان فإنها لن تملك الآلية لاجبار اسرائيل علي تنفيذه، ولذا رأينا مندوب اسرائيل في الاممالمتحدة يقول بأن الخلاف حول المستوطنات لن يمنع أوباما من دعم اسرائيل أي أن الخلاف الذي يطغو علي السطح لا يتعدي الشكل إلي المضمون، وعليه فإن اسرائيل ستستمر في تنفيذ مخططها القديم والجديد: تجرف الارض وتستولي عليها وتطرد الشعب الفلسطيني ولا اظن ان أوباما سيكون بمقدوره ان يعبر الجسر ما بين وعوده ولغته الجديدة، وبين تفعيل ذلك علي ارض الواقع ولو أدي الامر إلي مجابهة مع اسرائيل فهذا أحد التابوهات التي لا يمكن لامريكا الاقتراب منها. ** الاستيطان والمشروع الصهيوني.. ولا يخفي فإن الاستيطان يظل هو الركيزة الاساسية للمشروع الصهيوني الذي يعكف نيتانياهو علي تطبيق واخراجه إلي حيز الوجود وهو ترجمة دقيقة لما وضعه استاذه زائيف فلاديمير جابوتنسكي والذي يتضمن حق اسرائيل كدولة يهودية في الوجود، ولهذا عندما وجد نيتانياهو نفسه مضطرا إلي الحديث عما اسماه بالدولة الفلسطينية جردها من كل شيء، فهي دولة هلامية بلا ارض بلا سيادة بلا حدود بلا هوية بلا جيش بلا سلاح، فالمشروع الصهيوني استعماري استيطاني ومن ثم سعي نيتانياهوإلي تجديد طرحه حيث لا مجال لتنفيذه إلا بفرضه علي الفلسطينيين ومعني ذلك ان الحصار بكل اشكاله سيظل مفروضا علي الفلسطينيين وستستمر اسرائيل تتحكم تحكما كاملا في حياة ماتسميها بدولة فلسطينية بذريعة تأمين عدم وصول السلاح اليها والغريب ان جورج ميتشل مبعوث أوباما في الشرق الاوسط قد وافق علي هذا الشرط الاسرائيلي كما سبق ووافق علي تصنيف اسرائيل كدولة يهودية! أما الاغرب فهو اننا لم نسمع أي رد فعل عربي رسمي مناهض لقبول ميتشل بذلك أو علي الاقل رد فعل يعترض علي مبعوث أوباما تماشيا مع ما طرحه نيتانياهو..!! ** السلاح الغائب.. وعلي مدي أربع ساعات من المباحثات مع ميتشل في الثلاثين من الشهر الماضي عند لقائهما في نيويورك عرض "ايهود باراك" وزير دفاع الكيان الصهيوني خطة اسرائيل حول الاستيطان وظهر حينئذ انه من المبكر عرض تجميد الاستيطان وبالتالي فإن باراك لم يقدم خطة لوقف الاستيطان وانما علي النقيض قدم خطة لتكثيف الاستيطان علي اساس ان أي برنامج لوقف الاستيطان يجب ان يرتبط بسلام اوسع مع الفلسطينيين وهو امر غير وارد الآن علي الاقل لاسباب كثيرة ولعل أحدها الانقسام الحالي بين فتح وحماس. ** الذيل والرأس... خلافا لمنطق الاشياء فإن اسرائيل التي تمثل الذيل أو الذنب هي التي تحرك الرأس الذي تمثله امريكا اي ان اسرائيل هي التي تفرض إرادتها علي الدولة العظمي في العالم وبالتالي تجد ان من حقها فرض معادلة جديدة قوامها ان سياسة الاستيطان ستظل قائمة ولن تحيد عنها اسرائيل ومن اجل ذلك نسفت اسرائيل خريطة الطريق علي ارض الواقع وحولت الاراضي الفلسطينية إلي جزر تفصل ما بينها مستوطنات وممرات تخضع لسيطرة الكيان الصهيوني ولهذا رأيناها في الوقت الذي تتحدث فيه عن امكانية تبنيها لتجميد مؤقت للاستيطان تفعل النقيض وتباشر علي ارض الواقع، البناء ولا غرابة فهذا ديدن اسرائيل التي نراها تتحدث عن السلام وفي نفس الوقت تكون أول من ينسفه..