مازال سر وفاة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لغزا محيرا، لذا يفتح الباب من آن لآخر للقيل والقال، فالبعض يؤكد موته بالمرض، وآخرون يؤكدون عملية اغتياله، أما أغرب وأحدث ما قيل في هذه القضية فهو ما طالعتنا به الصحف مؤخرا، حيث تفتق ذهن بني صهيون عن أكاذيب جديدة بخصوص هذا السر، حيث ألف بعض حاخامات إسرائيل رواية عن اغتيالهم لعبد الناصر بواسطة "السحر الأسود". وتقول تخاريفهم إن رئيس الأكاديمية التلمودية العليا الحاخام بنياهو شموئيلي، اكد اعتراف ثلاثة حاخامات بتصفية عبد الناصر عام 1970 وهم اسحق كدوريو، وشاؤول داود، ويوسف زاروق. واضاف بنياهو، انه تم اغتياله باستخدام 100 مسمار صلب، حيث غرسوها في قلب بهيمة وهم يرددون بعض الكلمات المبهمة مع كل مسمار يغرسونه، وفي النهاية وضعوا قلب البهيمة علي النار حتي تفحم تماما وصار أسود اللون، وبعد ذلك دفنوه، وأعلنوا، لتلاميذهم ان "عبد الناصر مات". وتعليقا علي هذا الخبر، يقول الزميل عمرو الليثي في برنامجيه "اختراق" و"مواجهة" ومن خلال حلقات برنامج "اختراق" 6 ملفات عن اللحظات الاخيرة للرئيس جمال عبد الناصر من خلال أقوال أولاده وشهود عيان، واستبعد تماما ما يردده هؤلاء الحاخامات المدعون. ويكمل عمرو أن البعض يرجح موت عبد الناصر نتيجة العلاج الخطأ وهو رأي د.رفاعي كامل، كما كتب في مذكراته، كما أكد أنه توفي بأزمة سكر وليس بالأزمة القلبية، وكان من الممكن علاجه من خلال تناوله قطعة سكر أو حلوي بدلا من علاج القلب الذي تناوله، بينما يقول د.صاوي حبيب انه أعطي عبد الناصر دواء للقلب ولكنه لم يسعفه بعد الأزمة القلبية التي أصيب بها، وهو ما تؤكده د.هدي عبد الناصر بأن والدها مات بأزمة قلبية وفي نفس الوقت لا تستبعد الشق الجنائي في موته. ويضيف: أما ما يدعيه حاخامات اليهود عن السحر، فهذا هو الجديد وهو من قبيل الخزعبلات والتخاريف التي لابد وألا يروج لها الناس أو يصدقونها، ومن المعروف أن أكاذيب اليهود ليس لها حدود، وإن كان حديثهم صحيحا لماذا لم يتخلصوا من أعدائهم وهم كثر عن طريق السحر الأسود؟ وبالعودة إلي الملف الصحي للرئيس جمال عبد الناصر، فسوف نجد انه اصيب بأزمة سكر عام 1958 وأزمة في أرجله عام ،1961 أما الأزمة القلبية ففاجأته عام ،1969 وهي الفترة التي قام بتعيين نائب رئيس جمهورية خلالها، ولم يتم الإعلان عن حقيقة مرضه، بل قيل إنه مصاب بنزلة برد وقاموا بتركيب أسنسير في منزله حتي لا يجهد في صعود السلم، كما أنه اصيب بأزمة صحية حادة وقت وفاة الفريق عبد المنعم رياض، وبالتالي جميع المؤشرات تؤكد أنه مات بالمرض وليس بشيء آخر. وكل هذا محصلة 6 حلقات متتالية تؤكد أنه مات مريضا، ولكن سبب وفاته غير معروف، هل تم علاجه بطريقة خاطئة أم طريقة علاجه كانت صحيحة؟ وهو التساؤل الذي لم نستطع الإجابة عنه. ويكشف عمرو الليثي سر حديث إسرائيل عن عبد الناصر وأكاذيبهم حوله حتي الآن، بقوله عبد الناصر كان "بعبع" اسرائيل وكان وقت حياته الوحيد الذي تريد المخابرات الإسرائيلية "الموساد" وايضا المخابرات الأمريكية ال "سي.آي.ايه" التخلص منه. وفي احدي المرات، أرسلت إليه اسرائيل مجموعة من الكهنة المزيفيين لقتله عن طريق دس السم في طعامه وشرابه، ولكن نيافة الأنباء كرلوس أفسد عليهم تدبيرهم، حيث نصح الرئيس الراحل بتقديم التمر واللبن لهم، فإذا لم يأكلوه فهم حقا كهنة، لأنه كان وقت صيام لديهم أما اذا أكلوه فهم مدسوسون، وهو ما تم اكتشافه وتم انقاذ عبد الناصر من هذه المؤامرة. وكثيرة هي محاولات اغتياله وخير دليل علي ذلك خطة "اصطياد الديك الرومي" التي كان يتبناها الرئيس الأمريكي الاسبق جونسون ولكنها باءت بالفشل أيضا. ويقول د.عماد جاد، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، اعتقد ان هذا الكلام لا قيمة له، والمحصلة النهائية عن قتل رئيس بممارسة السحر فهو أمر لا يستحق التوقف أمامه، وهي اشياء غامضة لا يمكن الكشف عنها، فلو كانوا ادعوا أنهم قتلوه بالسم مثلا فيمكن بحث هذا الادعاء عن طريق اجراء تحاليل وفحوصات معينة تثبت صحة هذا الحديث من عدمه، أما هذه الخزعبلات فلا تستحق حتي التفكير فيها. ولعلهم يقلبون في ذكري الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، لأنه كان من أشد أعدائهم التاريخيين علي الإطلاق ولم يكرهوا زعيما مثله، كما أن موته جاء بشكل مفاجئ وترددت حوله اشاعات كثيرة، مما أعطي الفرصة لمثل هؤلاء الحاخامات كي يألفوا ويكذبوا، وكل ذلك من أجل نسب القدرة المطلقة لأنفسهم. ويؤكد د.عمر الشوبكي الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، ان هذه الكذبة تحتاج لشعوب مغيبة حتي تصدقها، ولو كان سحرهم الأسود ذا فعالية فلماذا لم يستخدموه للتخلص من نصر الله أو في اغتيال الشيخ ياسين أو عبد العزيز الرنتيسي أو عماد مغنية، بل اغتالتهم جميعا بعمليات عسكرية منظمة ونتيجة جهود أجهزة مخابرات. وتذكرهم الدائم لعبد الناصر لأنه القيمة الأكبر في تاريخ العرب في القرن العشرين، حيث كان زعيما له مشروع سياسي نجح في تحقيقه وظل رغم اخطائه العديدة ذا قيمة عظيمة في حياة العرب.