اتفق عدد كبير من القيادات المصرفية أن سعر صرف الدولار بالسوق المحلية قد يواصل ارتفاعه خلال الفترة القادمة نظرا لكثير من العوامل يأتي في مقدمتها انخفاض معدلات دخل كل من السياحة وقناة السويس وتحويلات المصريين بالخارج. وقالوا إنه في ظل تراجع الدخل من النقد الأجنبي فإن هناك زيادة ملحوظة في الطلب علي الدولار نتيجة اتجاه كثير من المساهمين الأجانب بالبنوك والشركات المصرية لتحويل ارباح مؤسساتهم إلي مراكزهم الرئيسية بالخارج بالإضافة إلي زيادة حجم العمليات التصديرية. وأكدوا أن عودة الأجانب لزيادة حجم استثماراتهم بالسوق المصرية مسألة وقت ليس أكثر نظرا لتمتع السوق المصرية بالاستقرار مقارنة بباقي الأسواق الأخري خاصة انها أقل تأثرا بالأزمة المالية العالمية. في البداية يذكر رمضان أنور العضو المنتدب لبنك الاتحاد الوطني مصر أن كل التوقعات والمؤشرات الحالية تشير إلي امكانية حدوث ارتفاع في سعر صرف الدولار بالسوق المحلية ويرجع ذلك لعدة أسباب رئيسية يأتي علي رأسها حدوث تراجع أو انخفاض في معدلات دخل كل من قناة السويس والسياحة وتحويلات المصريين العاملين بالخارج. ويستطرد قائلا: بالإضافة إلي اتجاه عدد كبير من المستثمرين الأجانب إلي تقليص استثماراتهم وتسييل محافظهم لتغطية مراكزهم المكشوفة بالخارج.. مشيرا إلي حجم العمليات التصديرية تعتبر أقل بكثير من الفترات السابقة واستمرار عمليات الاستيراد من الخارج. ويري رمضان أنور أن العامل النفسي أيضا قد يكون له دور ملحوظ في ذلك خاصة مع انتعاش المضاربات مرة أخري علي الدولار مما قد يؤدي في نهاية المطاف إلي تخيل الكثيرين بحدوث ارتفاع قوي في سعر صرف الدولار خلال الفترة القادمة. ويضيف أن هناك عوامل أيضا خارجية قد تسهم من قريب أو بعيد في ارتفاع سعر الصرف ومنها تأثرنا بالأسواق العالمية، مؤكدا أن هذا الأمر يتطلب ترشيد استخدام العملة الأجنبية وعدم التكالب في نفس الوقت علي الاستيراد الخارجي. وردا علي سؤال عن امكانية وجود علاقة بين ارتفاع أو انتعاش سعر صرف الدولار بالسوق المحلية وعودة الأجانب لزيادة استثماراتهم في البورصة يقول أنور إن ارتفاع سعر صرف النقد الأجنبي وتحديدا الدولار قد يخدم عمليات التصدير ولكن في نفس الوقت لا توجد علاقة جوهرية بين ارتفاع سعر الصرف وزيادة استثمارات الأجانب بالبورصة المصرية. ويؤكد أنه رغم تأثر السوق المصرية بالأزمة العالمية فإن هذا التأثير كان محدودا مقارنة بكثير من الأسواق الأخري حيث إن السوق المصرية مازالت جاذبة للاستثمارات الأجنبية. ويستطرد قائلا: اننا علي يقين أن اتجاه الأجانب للسوق المصرية وزيادة استثماراتهم فيها قادمة لا محالة نظرا لتمتع السوق بالاستقرار مقارنة بغيره من الأسواق الأخري، مؤكدا أن السوق المصرية أقل الأسواق تأثرا بسبب تدخل الحكومة وتشجيعها للاستثمارات الأجنبية بالإضافة إلي الرقابة والسيطرة القوية التي فرضها البنك المركزي علي السوق والجهاز المصرفي المصري. ويتفق مع الرأي السابق في كثير من الجوانب عمرو طنطاوي نائب المدير العام للفروع والعمليات المصرفية ببنك مصر إيران للتنمية قائلا: إن الاتجاه العام في الوقت الحالي يشير إلي امكانية حدوث ارتفاع في سعر صرف الدولار بالسوق المحلية، علي الأقل حتي نهاية الربع الأول من العام الحالي. ويستطرد قائلا: فلا شك أن السوق المصرية تأثرت بالأزمة العالمية وظهر ذلك مع حدوث انخفاض في معدلات قناة السويس والسياحة والتصدير وتحويلات المصريين بالخارج بالإضافة إلي انخفاض الدخول والمرتبات وتقليص العمالة مما أدي في نهاية الأمر إلي انخفاض التدفقات النقدية الدولارية القادمة من الخارج. أضف لما سبق والكلام علي لسان عمرو طنطاوي أن نتائج أعمال كثير من الشركات المصرية عن عام 2008 والتي أعلنت خلال الأيام الماضية وكشفت عن تحقيق ارباح، قام مساهميها بتحويل صافي ارباحهم إلي مراكزهم الرئيسية بالخارج.. مشيرا إلي زيادة حصص الأجانب في الشركات والبنوك المصرية خاصة بعد تطبيق برنامج الخصخصة ودخول مستثمرين وأطراف كثيرة في السوق المصرية. ويضيف أن كل المقدمات السابق ذكرها بدون شك أسهمت بشكل مباشر في زيادة الضغط علي الدولار وتنامي الطلب عليه وفي المقابل كان هناك تراجع في المعدلات المعتادة والمصادر المختلفة للتدفقات النقدية الدولارية مما عمل علي تحرك سعر صرف الدولار لأعلي بعد استقراره لفترات طويلة. ويقول عمرو طنطاوي إنه في ظل الأزمة المالية العالمية فإن كل البنوك بالخارج عانت من ازمات مالية اختلفت حدتها وقوتها من بنك لآخر ولكن مشاركات هذه البنوك وحصصها بالسوق المصرية كانت الملاذ الآمن لها للأخذ بيدها وإعانتها علي تجاوز الأزمة. ويضيف أن مساهمات البنوك الخارجية بالسوق المصرية استطاعت تحقيق ارباح مقبولة وجيدة ساعدت المراكز الرئيسية علي تعويض جزء كبير من الخسائر التي منيت بها في اسواقها الخارجية، مؤكدا أن هذا الأمر أوجد زيادة الطلب علي الدولار بسبب اقدام هذه الفروع علي تحويل ارباحها للخارج وهذا وضع طبيعي ان يتحرك سعر صرف الدولار لأعلي. وفيما يتعلق بإمكانية وجود علاقة بين ارتفاع سعر صرف الدولار بالسوق المحلية وارتفاع اسعار الأسهم الدولارية المتداولة بالبورصة يري عمرو طنطاوي أنه من الناحية النظرية قد يكون هذا الأمر صوابا وذلك لأنه مع ارتفاع سعر الصرف فمن المفترض أن المستثمر يكسب بالإضافة لإمكانية صعود السهم أيضا المتداول بالبورصة ولكن قرارات الاستثمار في الأسهم تخضع لجوانب ومعايير أخري كثيرة. ويستطرد قائلا: فقد يري المستثمر أن هناك أسهما أخري تتداول بالجنيه ولكنها أكثر إيجابية من الأسهم الدولارية خاصة أن عدد المستثمرين في الأسهم الدولارية ليس بالكثرة الموجودة في الأسهم الأخري. ومن جانبه يوضح عادل سعد الدين خبير أسواق المال أن سعر صرف الدولار شهد بالفعل ارتفاعا في السوق المحلية خلال الأيام القليلة الماضية، مؤكدا أن تحرك سعر صرف النقد الأجنبي بدأ منذ اتجه الأجانب إلي تسييل محافظهم لتغطية مراكزهم المكشوفة بالخارج والتي كبدتهم خسائر باهظة. وينفي سعد الدين امكانية وجود أية علاقة بين ارتفاع سعر صرف الدولار وعودة الأجانب لزيادة استثماراتهم بالسوق المصرية.. مشيرا إلي وجود عوامل أخري قد تكون أكثر فاعلية وتأثيرا لاتجاه الأجانب للسوق المحلية منها عودة الاستقرار للمناخ الاقتصادي العام خاصة بالسوق العالمية وتجاوز الآثار السلبية للأزمة المالية العالمية. ويستطرد قائلا: إن الاستثمار الأجنبي دائما مع يعتمد علي خطط مدروسة مسبقا ولا يتم بطريقة عشوائية.. مشيرا إلي أن الأجانب امامهم كثير من الأسواق المنافسة لجذب الاستثمارات ومنها أسواق دول شرق آسيا وأيضا الأسواق العربية.