تضافرت ظروف الركود العالمي مع النقص الواضح في مشروعات البنية الأساسية لكي تلقي بظلالها علي الاقتصاد الهندي وتخفض من سرعة نموه وتقول أرقام مجلة "الايكونوميست" ان معدل النمو الاقتصادي في الهند لم يتجاوز ال5.3% سنويا خلال الربع الأخير من عام 2008 وهو أدني معدل منذ أربع سنوات الي جانب انه أقل من كل التوقعات السابقة وفي 4 مارس الحالي قام بنك الاحتياط الهندي "البنك المركزي" بخفض اسعار الفائدة بنسبة 0.5% اضافة الي 3.5% اخري كان قد خفضها منذ اكتوبر الماضي من أجل تحفيز الاقتصاد علي النمو. وعموما فإن الهند تشعر انها تبعد خطوة واحدة عن الركود العالمي الذي يستشري هذه الأيام وذلك لعدة أسباب هي أولا انها تعتمد قليلا علي الصادرات التي لا تمثل سوي 212% من اجمالي ناتجها القومي وثانيا انها أقل اعتمادا من اقتصادات شرق أوروبا علي التدفقات الرأسمالية الاجنبية والسبب الثالث هو ارتفاع معدل الادخار الهندي الذي يناهز ال37.7% من اجمالي الناتج المحلي حسب أرقام العام الماضي. ومع ذلك فإن الهند لا تستفيد من مدخراتها كما يجب، فثلثا هذه المدخرات من صنع القطاع العائلي وهؤلاء يفضلون استثمار مدخراتهم في أصول عينية مثل المنازل بدلا من استثمارها لدي الجهاز المصرفي ولذلك فإن أكثر من نصف مدخرات القطاع العائلي تذهب الي العقارات وبعد ذلك يأتي الجهاز المصرفي الذي يستوعب 55% من اجمالي المدخرات الهندية في حين يفضل الهنود الاحتفاظ بنحو 11% من مدخراتهم في صورة نقد سائل وتقوم البنوك حاليا باقراض نحو ثلث ما لديها من ودائع للحكومة ولعل هذا يفسر لنا سر احتياج الشركات الهندية للمستثمرين الاجانب برغم ضخامة مدخرات الهنود وتقول الأرقام انه خلال العام المنتهي في مارس 2008 جمعت الشركات الهندية 135 مليار دولار، منها 40 مليارا من مقرضين اجانب ونحو 22 مليارا أخري من البورصة مولها أيضا الأجانب المتحمسون وهذا هو ما تؤكده دراسات توشار بودار خبير جولدمان ساكس في الهند. وفي ظل أزمة الائتمان العالمية تراجع دور المستثمرين الأجانب وهو ما جعل شركات الهند تلجأ الي البنوك الوطنية للاقتراض وفي تقرير أصدره بنك الاحتياط الهندي في شهر يناير الماضي تبين أن حجم الائتمان الذي قدمته بنوك الهند زاد خلال العام المالي الأخير بمقدار 7.6 مليار دولار مقارنة بالعام الذي سبقه ولكن هذه الزيادة لم تستطع بالطبع ان تعوض النقص الناجم عن الأزمة الائتمانية العالمية والبالغ حجمه 26.8 مليار دولار كان يتم جمعها عن طريق اصدارات الاسهم الأولية والاقتراض المباشر من الخارج ويقول قادة الشركات الهندية ان الازمة العالمية اضطرتهم للجوء الي البنوك الوطنية ولكنها لم تستطع سد حاجاتهم.