لجأ العديد من أصحاب شركات الوساطة في الأوراق المالية خلال الفترة الحالية لعرض شركاتهم للبيع هرباً من تداعيات الأزمة المالية الطاحنة التي يمر بها العالم وأسواق المال علي وجه التحديد. وقد اشتدت وتيرة عروض بيع شركات السمسرة بعد تراجع حركة وقيم التداول بالبورصة وعدم التزام الكثير من تلك الشركات بتكلفة بقائها الامر الذي وضع أمامهم خياراً واحدا وهو التخلص من تلك الشركات باعتبارها عبئاً. الخبراء أوضحوا ان تراجع أحجام التداول ومشاكل تآكل رؤوس الأموال هي السبب الفعلي وراء التخلص من شركات السمسرة خاصة تلك الضعيفة والتي رءوس اموالها بدت هزيلة أمام موجة التردي القوية التي واجهت البورصة. رأي عيسي فتحي العضو المنتدب بشركة الحرية لتداول الأوراق المالية، ان ظاهرة زيادة عدد شركات السمسرة المعروضة للبيع ليست ظاهرة جديدة فهي متواجدة ما دام يوجد تراجع وركود في الأداء، خاصة في ظل وجود مصاريف ثابتة للشركات مثل الإيجار وتكاليف البورصة بالاضافة لقلة حجم النشاط وحجم العولمة فكل شركة فقدت حوالي 80% من ايراداتها مع وجود تكاليف ثابتة لا يمكن تقليلها حتي في حالة تقليل الأجور والعمالة مازالت التكاليف مرتفعة، مشيرا إلي وجود عدد من الشركات تورطت في منح ائتمان للافراد لم تستطع استرجاعها، وبالتالي كل هذه العوامل تنهش رأسمال الشركات مما يعرضها لمشاكل مع رقابة البورصة وتعرضها للإيقاف أو العقوبات، وبالتالي قد يحدث حالة من التشاؤم لدي أصحاب هذه الشركات خاصة انها معظمها شركات عائلية أو فردية، وليس لديهم أموال زائدة لمساندة النشاط لأن المشاكل الموجودة أكبر من قدرتهم علي مواجهتها مما يجعلهم يلجأوا لاشخاص آخرين قادرين علي الوفاء بالتكاليف وبطريقة تتجاوز الظروف الحالية. وأكد عيسي فتحي ان هذه الظاهرة ستستمر حتي تتحسن أحوال السوق والوقت الحالي فرصة جيدة لمن يشتري في الوقت نفسه خسارة للبائع لانها ستكون بأسعار رخيصة ولكنه مضطر. ويوضح أنه في حالة تحسن السوق قد يتراجع البعض عند البيع ولكن حاليا الجميع لا يتحمل الضربات القوية للسوق. ومن جانبه أشار مصطفي بدرة محلل وخبير سوق المال، ان هذه الظاهرة جاءت نتيجة لتداعيات الأزمة المالية، مما أدي لزيادة المعروض من شركات السمسرة التي اصبحت لا تتحمل الانتظار نظرا لتراجع الخدمات المالية كلها كما قامت المجموعة المالية هيرميس وهي من أكبر الشركات بتأجيل صفقتها مع بنك عودة حتي تتحسن الأحوال، واصبح يوجد حاليا إحجام في تنفيذ الصفقات وتراجع حجم التداول حتي وصل إلي 50 مليون جنيه مما أثر بشكل كبير علي هذه الشركات بالاضافة لحرب المنافسة بين الشركات علي مجموعة المستثمرين وتقليل العمولات. واشار إلي ان تراجع حجم التداول جعل الشركات لا تستطيع تقديم الخدمات التي كانت تقدمها من قبل، وعدم قدرتها علي استمرار المرتبات الكبيرة مع وجود تكاليف ثابتة تجعل الشركات الصغيرة غير قادرة علي المنافسة. واضاف ان اغلبية الشركات قامت بتخفيض عمولاتها وادخال مساهمين جدد وهو افضل لتدعيم هذه الشركات ماديا واداريا. وذكر هاني حلمي رئيس شركة الشروق لتداول الأوراق المالية، انه مسألة بيع شركات السمسرة بتوافق ظروف كل شركة كما ان الشركات التي يتم عرضها للبيع هي التي ادارتها ليسوا أصحاب مهنة فهو دخل لمجرد الاستثمار لأنه يعرف ان الرخصة يزيد ثمنها بعد فترة، ولكن المحترف يعرف جيداً صعوبة الظروف الحالية ويصمد حتي يتجاوز الأزمة، مؤكداً ان التعثر الحقيقي للعملاء وزيادة المصاريف عن الايرادات أدي لتعثر الشركات وصعوبة مواجهة التكاليف. ومن ناحيته أوضح أحمد العطيفي مدير البحوث والتطوير بشركة نيوبرنت لتداول الأوراق المالية، أن شركات السمسرة بدأت بإغلاق بعض الفروع وتقليل نسبة العمالة لديها، مما يدل علي وجود أزمة كبيرة في سوق الأوراق المالية، والشركات تري أهمية تقليل جزء من التكاليف نظرا لما يمر به السوق في الوقت الحالي، مشيرا إلي أن الشركات التي تلجأ للبيع هي الشركات الصغيرة والتي لديها ملاءة مالية ضعيفة ولا تستطيع مواجهة التكاليف. مما جعلها تبحث عن الاستفادة من بيع الرخصة وخاصة الشركات القديمة التي حصلت علي الرخصة بمبلغ بسيطة، بينما المشكلة الحقيقية تتمثل في من سيشتري وخاصة في ظل أن الهيئة فاتحة باب الدخول لعمل شركات سمسرة وهذا مؤشر أن للاستثمار في قطاع الخدمات المالية مشكلات مما يهدد بزيادة البطالة وحدوث اندماجات ويظل البقاء للشركات الأقوي كما أن الشركات القوية تقدم تسهيلات لا تستطيع الشركات الضعيفة تقديمها وبالتالي يهرب العملاء من هذه الشركات مما يعرض هذه الشركات لمشكلات كبيرة مضيفا أن الظاهرة قد تستمر لمدة عام. وأوضح أنه قد نجد أشخاصا تشتري الشركات ولا تقوم بتشغيلها حاليا حتي لا يتعرضوا لتكاليف وينتظرواتحسن الأوضاع وهذا التفكير يلجأ له من لديه سيولة زائدة وخاصة المشترين العرب. وأضاف شريف عبدالرحمن، سمسار انه بعد أن وصل التداول إلي نصف مليار جنيه أصبح البيع هو الوسيلة للخروج من العوائق المالية التي تواجهها شركات السمسرة بعد أن قامت هذه الشركات بتقليل العمالة وتخفيض المرتبات، مضيفا أن ظاهرة بيع شركات السمسرة تستمر خلال الفترة القادمة وخاصة مع استمرار انخفاض معدلات التداول وظهور تأثيرات الأزمة المالية العالمية. ورأي ضرورة أن تبحث الشركات عن بدائل أخري مثل الاندماج وتخفيض العمولات كما أن الشركات بدأت الدخول في منافسات حادة لجذب العملاء مما دفع الكثير من الشركات للإعلان عن تخفيضات حقيقية للعمولات ولكن قد لا تستطيع الشركات الصغيرة مواجهة هذه المنافسة أو تقديم عروض مشابهة مما يجعل هذه الشركات تفضل الاستفادة بثمن الرخصة دون التحمل لتكاليف أخري في ظل الظروف التي يعيشها السوق حاليا.