منذ تصاعد وتيرة الأزمة المالية والشركات الاستثمارية تواجه الارتباك.. قراءة حال هذه الشركات قد تكشف عن مشاكل حقيقية من شأنها إعاقة خططها الاستثمارية المستقبلية. إذا كان موقف هذه الشركات علي كل المستويات غامضا، فإن هاجس تمويل مشاريعها وتوسعاتها سيظل الشغل الشاغل لها، ليست الصغيرة منها فقط، وإنما الشركات العملاقة أيضا. عدد من الشركات فشلت في الحصول علي قروض خارجية لتمويل مشروعاتها واستكمال خططها الاستثمارية، عندما لجأت إلي البنوك الأجنبية بالخارج للاقتراض. ربما كان مبرر الرفض هذه الحالة المالية التي يمر بها الجهاز المصرفي من نقص في السيولة، أو اتجاه عدد من البنك إلي مضاعفة الفائدة علي الإقراض، للحد الذي "يقصم" ظهر الشركة. وإذا كانت هذه الشركات فشلت في الحصول علي قروض خارجية فإن فرصتها قد تكون قائمة للاقتراض من البنوك الوطنية، وقد تواجه هذه الشركات رفضا، ليس نتيجة التعسف أو بطء الإجراءات، إنما لعدم قدرة هذه البنوك علي الاقراض لارتفاع قيمة القرض.. وكذلك ارتفاع النسبة العالمية علي الاقراض التي تصل إلي 1% لتبقي الوسيلة الوحيدة، للخروج من هذا المأزق إما قيام تحالفات بين أكثر من بنك لمواجهة عملية التمويل أو اضطرار الشركة لزيادة رأس المال من خلال اكتتابات للمؤسسات وأصحاب الملاءة المالية العالمية، لتوفير السيولة اللازمة ولا سبيل آخر غير ذلك. ربما أكثر الشركات التي تلجأ للقروض ذات القيمة الكبيرة هي أوراسكوم للإنشاء وأوراسكوم تليكوم، وكذلك مجموعة القلعة للاستثمارات المالية. المراقب لهذه الشركات يتبين أن أوراسكوم للإنشاء والصناعة سبق وأن حصلت علي عدة قروض لتمويل مشروعاتها الخارجية، حيث حصلت علي قرض لمدة 5 سنوات بقيمة 736،5 مليون دولار، وأشترت بشكل منفصل ما يوزاي 1،6 مليون سهم محلي من أسهمها، وقامت الشركة أيضا بتوقيع قرض بقيمة 736،5 مليون دولار، مدته 5 سنوات علي شريحتين متساويتين، تبلغ كل منهما 368،5 مليون دولار، حيث إن الشريحة الأولي كانت في صورة قرض متوسط الأجل والثانية تسهيل دوار قابل للتجديد مرة أخري، وذلك بغرض التمويل في توسعاتها المستقبلية. ونفس الأمر بالنسبة لأوراسكوم تليكوم، حيث حصلت من خلال فرعها بالجزائر علي قروض بقيمة 307 ملايين دولار لمدة 5 سنوات. ووسط هذا وذاك ستظل المشكلة القائمة هي ماذا ستفعل مثل هذه الشركات الكبري إذا ما تطلبت الاحتياجات والخطط المستقبلية للشركات أموالا، قد تعجز عن توفيرها البنوك الوطنية؟. التحالف المنقذ دائما ما تلجأ بعض البنوك - علي حد قول عطية المرشدي - رئيس قسم الائتمان ببنك الشركة العربية المصرفية إلي تكوين "كونسورتيوم" أو تحالف لتوفير مثل هذه القروض الضخمة وطويلة الأجل أو تلجأ لطرح سندات لتوفير هذه المبالغ، مادامت المشروعات التي ستقوم بتمويلها من شأنها أن تحقق تدفقات نقدية قادرة علي تغطية هذه المبالغ. كما أن البنوك سواء الوطنية أو الأجنبية تقوم بدراسة المشروعات الخاصة بالشركات بشكل جيد وبالتالي، ليس هناك أي عوائق لتمويل هذه المشروعات. وأضاف المرشدي: "البنوك الأجنبية تخصص فائدة نحو 1،5% علي القرض الدولاري، بينما تخصص البنوك المصرية 3% فائدة، وغالبا ما يخضع العميل لدراسة متأنية من قبل البنوك، لتوفير مثل هذه القروض". "أما إذا فشلت الشركات في الحصول علي القروض من البنوك سواء الخارجية أو الوطنية، فليس هناك بديل آخر سوي اتجاه الشركات لزيادة رأس المال والاكتتاب". الوطني يكسب في حالة توفير القروض الدولارية دائما ما يكون هناك تحالف بين البنوك الوطنية والأجنبية لتوفير التمويل اللازم للشركات"بهذا بدأ حسن غانم رئيس قطاع تمويل الشركات ببنك "بي. إن. بي باريبا" شارحا عملية تمويل القروض للشركات. وأضاف أن أزمة السيولة قد ترتبط بالدولار نتيجة التأثر بالأزمة المالية العالمية وندرة العملة الأجنبية ولكن من المتاح لهذه الشركات في ظل هذه الأزمة اللجوء إلي البنوك الوطنية والاقتراض بالعملة المحلية تم تحويلها إلي عملة أجنبية. وهناك حسب رأي غانم تحالفات تتم بين البنوك الأجنبية والمصرية لاقراض شركات ترغب في عملية توسع والاستثمار كما أن الاقراض دائما يكون علي أساس قيمة المشروع والعوائد المنتظرة منه خلال الفترة القادمة. مخاطر الائتمان السوق حسبما قال عزت عبدالله الخبير المصرفي يمر بحالة من الركود، وبالتالي يحتاج أداة تسهم في تحريكه، من خلال دعم الشركات وتوسعاتها الاستثمارية لايجاد نوع من العمل وهذا لن يحدث إلا بوجود تحالفات للبنوك في السوق. وقال عبدالله إن البنوك الوطنية تتحرك وفق قوانين ولوائح البنك المركزي، التي تشدد علي دراسة المراكز المالية للشركات الراغبة في عمليات الاقراض. ولذلك دائما تسعي هذه البنوك لتقليل مخاطر الائتمان الممنوح، في مقابل قيام الشركات بتوفيق أوضاعها من حيث دراسات الجدوي وحجم المبيعات المتوقعة لتسهيل عمليات الاقراض. إذا كان سعر الفائدة ببعض البنوك الأجنبية قد وصل إلي صفر فإن هذا يرتبط بسعر فائدة الايداع أما فيما يتعلق بالاقراض حسب قول عنايات النجار الخبير المصرفي فإن الفائدة علي الاقراض تصل لنسب عالية. كما أنه وسط حالة الكساد فمن غير المعقول أن يمنح البنك شركات ليس لديها تدفقات مستقبلية حسب رأي عنايات النجار بالاضافة إلي أن البنك يضع في اعتباره دراسة الشركة وأصولها وقدرتها علي السداد. رقابة مشددة بعض البنوك الأجنبية وفقا لقول المهندس مختار الدهشوري رئيس شركة الصعيد العامة للمقاولات لا تشترط ضمانات عند القيام بمنح ائتمان ولكن الحال يختلف تماما بالنسبة للبنوك الوطنية نتيجة الخضوع لرقابة مشددة من قبل البنك المركزي. وكثير من الشركات كما يقول الدهشوري لجأت إلي استكمال احتياجاتها من السيولة من خلال قروض محددة بأكثر من بنك كما أن هذه البنوك إذا كانت الشركة المتقدمة للقروض تمتلك أصولا يحق للبنك تمويلها بعد اثبات إذا ما كانت تغطي هذه البنوك المديونية. الشركات دائما كما يقول أيمن قرة رئيس شركة القاهرة للزيوت والصابون ما تلجأ وتعتمد في تمويل مشروعاتها علي إدارة نقدية بمعني كيفية توفير السيولة بما يتلاءم وخطط الشركة المستقبلية أما غير ذلك فلن تستطيع الشركات حصول علي قروض إلا من خلال اكتتابات.