عادت موجة الخلافات بين د. جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات والحكومة.. الدكتور الملط رجل ليست له مصلحة علي الاطلاق في أن يزعج الحكومة.. ولكن الرجل يتحمل مسئولياته بصدق وأمانة.. وهذا الموقف ينطلق من عدة حسابات أولها أن د. الملط يرأس جهازا حكوميا يتبع الدولة المصرية وأن هذا الجهاز يقوم برقابة أعمال أجهزة الدولة حسابيا.. الجانب الثاني أن الرقابة التي يقوم بها الجهاز يجب أن تتم بكل الشفافية.. الجانب الثالث أن المسئولية تحتم علي الحكومة أن تأخذ بارشادات وتوجيهات الجهاز المركزي للمحاسبات.. ولكن العلاقة بين الجهاز والحكومة ساءت كثيرا في السنوات الأخيرة.. في العام الماضي شهد مجلس الشعب مشادة عنيفة بين د. الملط ووزير المالية د. يوسف بطرس غالي.. وقبل ذلك كانت الحكومة تؤجل دائما مناقشة تقارير المتابعة التي يقدمها الجهاز سواء للحكومة أو أمام مجلس الشعب.. ومن هنا كانت الخلافات الدائمة بين الحكومة وجهاز المحاسبات والتي كانت سببا في كوارث كثيرة.. إن الجهاز يتحدث في تقاريره بالأرقام والحقائق عن المال السايب الذي يضيع في دهاليز الأجهزة الإدارية.. والجهاز يتناول خسائر مؤسسات وشركات الدولة في القطاع العام والمحليات.. والجهاز يتناول بدقة كوارث الديون وفوائد الديون سواء محليا أو عالميا.. والجهاز يرصد خسائر القطاع العام والفساد الذي يبدد أموال الشعب.. هذه هي الحقائق التي يذكرها د. الملط في تقاريره ومتابعاته وهي جميعها تصب في حماية المال العام.. ولكن السادة الوزراء والمسئولين في الحكومة يتصورون أن الجهاز يهاجمهم بصفة شخصية رغم أن أشخاص السادة الوزراء لا تعني أحدا من قريب أو بعيدا ولكن الذي يعنينا هو المال الضائع ومواكب الفساد وتجار الجملة في مؤسسات الدولة.. أمام مجلس الشعب مئات التقارير عن وقائع ثابتة لاهدار المال العام.. وفي مكاتب السادة الوزراء تقارير دامغة عن مخالفات واضحة وصريحة.. وفي سجلات القطاع العام خسائر بمئات الملايين وبعد ذلك كله لا أحد يسمع لتقارير الجهاز المركزي للمحاسبات. إذا كانت الحكومة لا تريد أن تسمع فيجب أن نسرح المسئولين في هذا الجهاز ونعطيهم إجازة حتي يتفرغ السادة الوزراء وتوابعهم في إدارة شئون البلد علي هواهم دون رقابة من أحد أو عكننة من الأجهزة الرقابية وفي مقدمتها الجهاز المركزي للمحاسبات.