ألقت الأزمة المالية العالمية بظلالها علي سوق الملابس الجاهزة في ظل تحديات يواجهها القطاع بداية من شح السيولة والركود الذي لاحت بوادره في الأفق مع تراجع حركة المبيعات في الأسواق التي رصدها "الأسبوعي" في جولته حيث بدت المحال شبه خاوية بعد انتهاء ما وصفه التجار بالفرصة البديلة المتمثلة في مواسم الأعياد التي انقضت دون فائدة حقيقية في تصريف 70% من مخزون ملابس الشتاء هذا العام مقللين من أهمية الأوكازيونات التي ينتظر بدؤها قبل نهاية الشهر الجاري حيث أكد التجار أن المحال أجرت تخفيضات مبكرة من خلال خصومات تراوحت ما بين 15و20% ولم تنجح هذه الخطوات في كسر الركود. من جانبه، أكد مصطفي إبراهيم -تاجر- أن الأزمة المالية العالمية وصلت إلي السوق وهذا ظهر علي ضوء معطيات عديدة.. فحسب تعبيره فإن، "فتارين" الملابس كانت للفرجة فقط، بسب ارتفاع أسعارها بشكل جنوني، خاصة ملابس الأطفال والنساء، غير أن تلك الصورة القاتمة تغيرت هذا العام علي الرغم من الانخفاض الذي طرأ علي أسعار المنتجات علي ضوء تحديات فرضت نفسها علي الأسر المصرية وقوضت من جهود تنشيط السوق بغض النظر عن وجود انخفاض في الأسعار أو ارتفاع. من ناحيته، أكد ياسر فرج -تاجر ملابس- أن تخفيض أسعار الملابس جاء تجنباً لتراجع الإقبال علي شراء الملابس الجاهزة خلال العام الجديد، بضغط من حركة الركود المتوقعة وتناقص حجم السيولة الذي لم ينجح في تحريك الركود مقللا من أهمية الأوكازيون المنتظر قائلا إن محال الملابس الجاهزة والمنتجين يواجهون صعوبات منذ عامين، بسبب تزايد حدة التهريب. وتوقع فرج أن يزيد تركيز وسيطرة المنتجات الصينية علي السوق المصرية خلال العام الحالي، بعد تراجع الطلب في السوقين الأمريكية والأوروبية، الأمر الذي سيمثل ضغطا شديدا علي المنتج المصري لخفض أسعاره. من جانبه، قال محمود عبدالرازق -تاجر ومُصنع ملابس- إن التاجر المصري محمل بتكاليف كثيرة مثل الكهرباء والضرائب والتأمينات، وكلها عوامل تصب في اتجاه ارتفاع أسعار الملابس الجاهزة، مضيفا أن الكرة حاليا في ملعب المنتجين، وإذا أرادوا بالفعل رواج منتجاتهم فعليهم خفض أسعار تسليمها للمحال. أضاف محمد عبدالرازق أن صناعة الملابس الجاهزة في مصر تمر من قبل الأزمة المالية العالمية بحالة تدهور وانهيار وتراجع مستمر علي الرغم من أن هذه الصناعة ولدت عملاقة وكانت هناك صروح كبيرة لصناعة النسيج في مصر رغم ازدهار صناعة النسيج في تلك الفترة فإن صناعة المنسوجات المحلية مرت بعد ذلك بفترة من الهبوط بعد إجراءات التأميم والسياسات العشوائية التي أبعدت هذه الصناعة عن المنافسة العالمية تماما وظلت هذه الصناعة تعاني سياسة انكماشية لفترة طويلة ثم اتجهنا بعد ذلك إلي سياسة الاقتصاد الحر وكانت الدولة كالعادة مترددة في تطبيق هذا النظام ولم تكن لها سياسة واضحة ثم فوجئنا بعد تطبيق هذا النظام بمنافسة غير عادلة من البضائع الأجنبية خاصة من الملابس الجاهزة التي بدأت تغزو الأسواق المصرية خاصة الملابس الصينية بجودة وأسعار من الصعب علي مثيلتها المصرية منافستها. صعوبة المنافسة ومع صعوبة المنافسة كانت هناك بعض القرارات الخاطئة -كما يقول عبدالرازق- التي أكثرت من المشكلات التي تواجه هذه الصناعة ومنها علي سبيل المثال الأسعار الاسترشادية حيث كان يقوم مستوردو المنسوجات في البداية بتقديم فواتير قيمتها أقل بكثير من قيمة البضاعة المستوردة للهروب من دفع الرسوم الجمركية الحقيقية لها وعدم تمكين الجمارك من زيادة الأسعار المقدمة مما كان يسيء كثيرا للملابس الجاهزة المحلية فتم طلب تحديد أسعار استرشادية تتناسب مع القيمة الحقيقية واستجابت الدولة لهذا المطلب وطلبت من اتحاد الصناعات وضع أسعار استرشادية لكل ما يخص هذه الصناعة من غزل ونسيج وملابس جاهزة ولكن ما يخص الأسعار الاسترشادية التي طرحتها كان مبالغا فيها حيث يميل اتحاد الصناعات إلي بسط حمايته علي الصناعات النسيجية مما أدي إلي اتجاه المستوردين إلي التهريب بدلا من دفع الرسوم الجمركية مشيرا إلي أن الجمارك طلبت من اتحاد الغرف التجارية مراجعة هذه الأسعار وتكونت لجنة شرفت برئاستها وبعد مناقشات طويلة داخل مصلحة الجمارك تم تخفيض الأسعار الاسترشادية بحوالي 25% حتي تكون متوازنة وأقرب إلي الواقع وتحقق مصالح منظومة هذه الصناعة من صناع وتجار ومستهلكين. وقال مينا رؤوف -صاحب مصنع ومحل للملابس- إن المحال تواجه مشكلة حاليا، خاصة أن 70% من الملابس الموجودة لديها لم يتم تصريفها حتي الآن وبالتالي لا تستطيع خفض الأسعار بنسبة كبيرة لتفادي الخسائر، مضيفا أنه من المعتاد أن تقوم المحال ببيع 70% من "البضاعة" قبل موعد الأوكازيون مما يساعدها علي إجراء تخفيض كبير لتصريف النسبة المتبقية إلا أن هذا لم يحدث حتي الآن وهو ما يثير قلق الجميع.