وسط حالة من الهدوء المشوب بالحذر عاد النشاط إلي حركة البناء في الشارع المصري بعدما انخفضت أسعار مواد البناء إلي مستويات مقبولة وذلك علي انغام التراجع الذي شهدته الأسواق العالمية مع انخفاض أسعار المواد الخام حيث تراجعت أسعار الحديد في السوق المحلي بنسبة 50% من قيمته مقارنة بمنتصف عام 2008. أما أسعار الأسمنت فمازالت مرتفعة في السوق المحلي دون أسباب معلنة حيث لازالت الاتهامات متبادلة بين التجار والمنتجين حول أسباب ارتفاع الأسعار وعلي الرغم من ذلك فقد بدأت الروح تعود إلي حركة البناء مع بوادر الانخفاض التي طرأت علي المنتجات حيث اعتبر المقاولون الاجواء الحالية بأنها فرصة لاستكمال المشروعات والمباني التي أصيبت بالشلل التام بعدما ارتفعت أسعار الحديد إلي معدلات فلكية. "الأسبوعي" رصد نشاطا مكثفا لاستكمال المباني المتوقفة من قبل المقاولين وقيام الكثير من شركات الاستثمار العقاري بضخ الاستثمارات في مشروعاتها بعد توقف دام لعدة أشهر بسبب الرؤية الضبابية التي سيطرت علي الأجواءإلا أنه وعلي الرغم من ذلك مازالت هذه الأحداث المتلاحقة غير مؤثرة علي السوق العقاري وهو ما اعتبره الخبراء أنه نتيجة طبيعية في ظل كون حركة السوق العقاري المحلي مرتبطة بصورة أكبر بالاحتياج وليس الرواج التجاري معتبرين في ذات الوقت أن الخلل مازال قائما بين الطلب والعرض. ومن جانبه يؤكد أحمد الزيني نائب رئيس شعبة البناء أن الانخفاض الملحوظ في أسعار الحديد إلي مستويات وصلت إلي 50% من قيمة الطن في منتصف عام 2008 يعتبر هو المحرك الأكبر لحركة البناء التي بدأت في الآونة الأخيرة معتبرا أن هذا الرواج يعتبر مؤشرا جيدا لكسر الجمود الذي أصاب القطاع بالشلل منذ بداية جنوح الأسعار قبل عدة أشهر معتبرا أن انخفاض أسعار الأسمنت مازال يمثل مطلبا أساسيا في السوق خاصة في ظل عدم وجود مبررات للارتفاع الذي يشهده الأسمنت وفي ضوء كون المادة الخام للأسمنت منتجا محليا متهما المنتجين بأن لمساتهم مازالت واضحة علي تحركات أسعار الأسمنت. نشاط معماري وتابع الزيني قائلا إن شركات المقاولات تحاول الاستفادة من الانخفاض الذي طرأ علي أسعار الحديد للخروج من الأزمة التي أصابتها قبل أشهر عندما جنحت أسعار الحديد عن المنطق معتبرا أن مكون الحديد يمثل أهمية قصوي في عملية البناء مقارنة بالأسمنت حيث إن التحركات في الأول تعبر عن عدة آلاف مقارنة بأرقام أقل في سوق الأسمنت إلا أن هذا وبأي حال من الأحوال لا يمكن اعتباره مبررا لاستمرار ارتفاع أسعار الأسمنت. قال إن الرواج في سوق البناء يعد فرصة لشركات الاستثمار العقاري لانهاء مشروعاتها وذلك للوفاء بمواعيد التسليم للعملاء حيث تسبب التوقف في الأوقات السابقة في الاخلال بالعقود المبرمة مع العملاء. واعتبر الزيني التراجع في حركة الطلب في السوق العقاري مقارنة بالمعروض يعود بالأساس إلي الخسائر التي مني بها المدخرون في البورصة بعدما تراجعت أسواق المال عالميا وإقليميا وبالتالي سيادت حالة من شح السيولة وبالتالي عدم توافر القدرة الشرائية لدي الشارع لشراء العقارات مجددا. أما سمير نعمان رئيس القطاع التجاري بمجموعة حديد عز فقد أشار إلي أن الانتعاشة التي بدأت تدب في أوصال سوق البناء المحلي إنما تعود بالأساس إلي نوع من الاستقرار النفسي الذي طرأ علي الأجواء في ظل تكشف الرؤية مما دفع شركات الاستثمار العقاري إلي ضخ الاستثمارات في المشروعات القائمة والتي توقفت منذ ثلاثة أشهر قبل انتهاء العام 2008 ويضاف إلي ذلك الانخفاض الذي طرأ علي أسعار مواد البناء ولاسيما الحديد بعدما انخفضت أسعاره عالميا وأصبحت في متناول شريحة أكبر من المجتمع. وأوضح نعمان أن مدي استمرار الاستقرار الذي يشهده السوق في الآونة الأخيرة يتوقف علي حركة الطلب والعرض في السوق الخارجي خلال الفترة المقبلة. مشيرا إلي أن المستجدات التي طرأت أدت إلي تغير في نوع الطلب حيث ازداد الطلب من قبل مشروعات البني التحتية والإسكان المتوسط من قبل الشركات. زيادة الطلب أما مدحت اسطفانوس مدير قطاع الإنتاج والتسويق بمجموعة لافارج للأسمنت فقد أوضح أن الانتعاشة التي حدثت في السوق جاءت علي أثر الانخفاض الذي طرأ علي أسعار مواد البناء خاصة الحديد معتبرا أن الارتفاع في أسعار الأسمنت يعتبر مسئولية التجار وليس المنتجين فالمصانع لم ولن ترفع الأسعار بدون مبررات ولكن الزيادة جاءت من قطاع التجزئة والذي يواجه زيادة في الطلب بصورة متنامية للاستفادة من الفرصة الحالية لاتمام حركة البناء.