يساعد علم دراسة المستقبل في رسم صورة بعيدة المدي لمستقبل الأفراد والدول والحكومات في مختلف دول العالم لاحتواء بعض الأزمات والمعضلات المحتملة التي يمكن أن نصادفها في المستقبل القريب والبعيد، فلا ننتظر المستقبل ليفرض نفسه علينا بحكم الواقع أو يفرضه الآخرون علينا بالقوة. وبالرغم من أن الدول الغربية قد سبقتنا في علم المستقبليات إلا أنها لم تستطع التنبؤ بالأزمة المالية أو تجنب الانهيار الاقتصادي، وفي مؤتمر الأرض الذي عقد في العام الماضي تم وضع خطط مستقبلية طموحة لتخفيض عدد الفقراء إلي النصف بحلول عام ،2015 وقد تحول في ظل ظروف الأزمة المالية الحالية إلي حلم يصعب تحقيقه وفي مصر تم وضع خطط لتنمية سيناء منذ ما يقرب من 20 عاما ولم يتم تنفيذه أي منها حتي الآن، فهل التخطيط للمستقبل كاف بدون تدبير الامكانيات المادية اللازمة لتحقيقه؟. المستقبل.. وممر فاروق الدكتور محمد إبراهيم منصور مدير مركز الدراسات المستقبلية بمركز المعلومات بمجلس الوزراء يوضح أن المركز تم إنشاؤه منذ عامين فقط، فالمستقبليات علم واتجاه بحثي جديد نسبيا فمنذ الأزل كان الناس شغوفين باستشراف الغد، وكان يتم اللجوء إلي العرافين والتنجيم، وبمرور الوقت تحول إلي علم يتعامل مع المستقبل وبناء علي الرؤية المستقبلية أو ما نتمناه لبلادنا في المستقبل يقوم المخطط الاقتصادي بتحويلها إلي مشاريع تنموية تنفيذية. وفي رأي الدكتور إبراهيم أن مصر لاتزال في المرحلة الثانية أو الموجة الثانية بين الزراعة والصناعة ولم نصل إلي الموجة الثالثة المعلوماتية التي نتمني أن نلحق بها. وأضاف أن مركز الدراسات المستقبلية قام مؤخرا بصياغة رؤية مستقبلية لمصر لسنة ،2030 وقد تضمنت تلك الخطة التوسع في توليد الطاقة الكهربائية من مصادر طبيعية من الشمس والرياح التي يتوقع أن يتم الاعتماد عليها بنسبة 25%، وتقليل الاعتماد علي البترول الذي يتوقع نفاده بعد فترة زمنية قصيرة، ولكن تكلفة تكنولوجيا الطاقة الشمسية مرتفعة جدا في الوقت الحالي، ونأمل مع التقدم التكنولوجي المستمر أن تنخفض تكلفة الإنتاج علي مستوي العالم، ويتوقع أن نصدر 10% من الطاقة الكهربائية التي تحتاجها أوروبا في عام 0205_ وأيضا تتضمن مشروع ممر التنمية للدكتور فاروق الباز لتخفيف الكثافة السكانية في وادي النيل، كما نعمل علي تطوير التعليم حتي نصل في المستقبل إلي وجود تعليم حقيقي يفي بمتطلبات العصر، كما تم وضع خطط مستقبلية لتطوير الزراعة الحيوية والأدوية. سيناء تعدين وسياحة وزراعة وهناك مشاريع عديدة تم وضعها منذ عدة سنوات مثل مشروع تنمية وسط سيناء ولم يتم تنفيذها حتي الآن لعدم توافر التمويل اللازم لإقامتها حتي الآن وهي من مشاريع التنمية المستدامة، مثل مشاريع الصناعات التعدينية والتوسع في مشروع فحم المغارة وزراعة مساحات كبيرة من الأراضي الصحراوية "مشروع ترعة السلام" وإنشاء قري دفاعية كمواقع دفاعية لتعمير سيناء لحماية الأمن القومي، ومشروع توطين البدو، وهناك مشاريع سياحية لم يتم استغلالها بعد مثل قلعة نسل التي كانت تشكل ممرا للقوافل القادمة من المغرب العربي في طريقها للأراضي الحجازية وسوف تسهم في توفير فرص عمل في منطقة سيناء وتخفيف التوترات الأمنية. الأجيال القادمة الدكتور وحيد إمام أستاذ البيئة بجامعة عين شمس، ورئيس الاتحاد النوعي للبيئة المائية والمصايد يوضح أنه من أجل حياة أفضل للأجيال القادمة لابد من البحث عن مصادر جديدة للطاقة مثل الطاقة النووية وزيادة مصادر المياه بطرق غير تقليدية وتطوير نظم الري، ومحطات الطاقة النووية التي يتم إقامتها بجانب البحر لاستخدام المياه في تبريد المفاعلات النووية ويمكن استخدام تلك المياه ذات الحرارة العالية الناتجة عن التبريد بواسطة التبخير والتكثيف للحصول علي مياه صالحة للشرب والزراعة، والتي نعمل علي زيادة كمياتها عن طريق مصادر أخري غير تقليدية مثل تحلية مياه البحر باستخدام الطاقة الشمسية، والتي لو تم استخدامها سوف توفر كمية من المياه تعادل من 3 5 ملايين متر مكعب مياه. ويؤكد الدكتور وحيد أن الزراعة هي المستقبل، ولذا فالتعاون بين الدول العربية والإفريقية لاستغلال الموارد الطبيعية وخاصة دولة السودان التي تتميز بخصوبة أراضيها ولكن تحتاج إلي أموال وموارد بشرية لزراعتها حتي يمكنها تحقيق فائض من السلع الأساسية يكفي حاجة المنطقة العربية في المستقبل. أما نهر النيل فالتركيز علي النقل النهري في السنوات المقبلة سوف يساهم بشكل كبير في حل أزمة المرور، ولكن لابد من وجود قانون رادع يمنع تلوثه، بإقامة محطات لجمع المخلفات الناتجة من وسائل النقل بطول الممر المائي، وتشرف عليها شرطة المسطحات المائية لضمان عدم تلوث مجري النهر. أما بالنسبة لتلوث الهواء فبحسب قول الدكتور حامد يتم الزام جميع المصانع في الوقت الحالي بتوفيق أوضاعها، كما أن مصانع الأسمنت كلها تحت الأنظار ويتم مراقبتها جيدا وفي خلال ال20 سنة القادمة سوف يتم احلال وتجديد لجميع المصانع وبالتالي بحلول عام 2020 سوف يتم القضاء علي التلوث تماما. تفاؤل بدون موارد الدكتور/ شريف فياض أستاذ مساعد اقتصاد زراعي بمعهد بحوث الصحراء يري أن الاستراتيجية المستقبلية للزراعة والتي تضمنها مؤتمر الحزب الوطني الأخير وقام بوضعها مركز تحديث الصناعة متفائلة جدا ولا تتناسب مع واقع الأمور علي الأرض، فهي تعتمد علي محورين أساسيين، المياه والأرض وتركزعلي زيادة الموارد المائية في خطة الدول وزيادة مخصصات مصر من المياه من 71 مليار متر مكعب إلي 80 مليار متر مكعب وهي خطة غير قابلة التطبيق.