شاءت الأقدار أن تنتهي مسيرة أحد أبرز الوجوه الإعلامية الفلسطينية الشابة في مشهد مأساوي، حيث قتل الناشط والمصور الفلسطيني صالح الجعفراوي يوم الأحد 12 أكتوبر 2025، في اشتباكات مسلحة بين حركة حماس ومجموعات مسلحة داخل قطاع غزة، بعد أن نجا لعامين من الحرب الإسرائيلية التي حوّلت القطاع إلى ساحة دمار مستمر. لم يكن الجعفراوي معروفًا قبل الحرب، لكنه سرعان ما أصبح أحد أبرز الأصوات الميدانية التي وثقت الحياة تحت القصف الإسرائيلي، حاملًا كاميرته وهاتفه لينقل للعالم معاناة المدنيين الفلسطينيين.
صالح الجعفراوي.. من شاب عادي إلى رمز ميداني ولد الجعفراوي قبل 26 عامًا، وعاش في غزة حياته مثل آلاف الشباب الفلسطينيين. غير أن اندلاع الحرب قبل عامين شكّل نقطة التحول في حياته؛ إذ بدأ بنشر مقاطع مصورة توثق لحظات القصف والدمار، مسلطًا الضوء على المعاناة اليومية للمدنيين. تحوّل مع الوقت إلى رمز شعبي على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تجاوز عدد متابعيه على إنستغرام ثلاثة ملايين شخص، بينما استمر في نشاطه على منصة إكس ويوتيوب رغم محاولات الحظر المتكررة.
بين التهديدات الإسرائيلية والشعبية الفلسطينية لم يمر نشاط الجعفراوي مرور الكرام لدى إسرائيل، التي اتهمته ب "تشويه الحقائق" والسعي إلى جذب التفاعل الجماهيري. ووضعت اسمه على قائمة أهدافها، ما دفعه إلى نشر صورة النشرة الحمراء الإسرائيلية التي تضمنت تهديدًا مباشرًا له. وفي تصريحات سابقة، شدد الجعفراوي على أنه "صحفي حر ويجب أن يحظى بحماية دولية"، مؤكدًا عزمه على الاستمرار في توثيق الجرائم بحق الفلسطينيين رغم التهديدات والمخاطر.
اتهامات إسرائيلية وحملات تشويه واجه الجعفراوي حملات إعلامية إسرائيلية اتهمته بالظهور في مقاطع "مفبركة" أو نشر معلومات مضللة، بل ووصل الأمر إلى اتهامه بالتعاون مع إسرائيل نفسها، وهو ما نفاه تمامًا. وبالرغم من هذه الحملات، ظل يحظى بدعم شعبي واسع داخل غزة وخارجها، باعتباره شاهدًا صادقًا على الحرب.
نهاية مأساوية لصوتٍ وثّق الحقيقة بعد أن نجا من حرب مدمرة استمرت عامين، رحل الجعفراوي في اشتباكات داخلية دامية بين حماس ومسلحين في غزة، وهو ما شكّل صدمة للرأي العام الفلسطيني. وبذلك تنتهي حياة صحفي ميداني شاب كرّس سنواته الأخيرة لتوثيق المآسي الإنسانية، تاركًا وراءه إرثًا إعلاميًا وشبكة واسعة من المتابعين والمؤيدين.