أعلنت الحكومة اليابانية أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم دخل في مرحلة انكماش اقتصادي للمرة الأولي منذ عام ،2001 فيما أعلن رئيس الوزراء، تارو آسو، أن الناتج المحلي الإجمالي تقلص إلي 0،4% خلال الربع الثالث من العام الحالي، وهو معدل النمو السلبي الثاني علي التوالي في اليابان. لم تشكل هذه الأنباء أي مفاجأة في ظل الأزمة المالية العالمية، كما كانت بوادرها تتضح منذ شهور، إذ حيث حفلت الصحف اليابانية بأنباء حول كيفية "عودة المستهلكين إلي منازلهم" لحماية أنفسهم من الانهيار الاقتصادي، وكانت تشير علي القراء شراء الباستا بدلاً من الذهاب إلي مطعم إيطالي وترفيه أطفالهم بألعاب داخل المنزل عوضا عن الذهاب في رحلات خارجية، علي أن ترشيد الاستهلاك والانفاق في اليابان قد يكون جزءا من المشكلة، ويراها بعض الخبراء علي أنها حالة رمزية لحالة التشاؤم المتجذرة عند اليابانيين، ولخص وزير الاقتصاد والتجارة الياباني، كاورو يوسانو، الوضع الاقتصادي في بلاده عندما قال: "تمر اليابان بوضع خطير للغاية". فالشهر الماضي، وفيما كانت صادرات البلاد تنخفض، انخفض مؤشر "نيكاي" إلي أدني مستوي له منذ 26 عاما، وترافق ذلك مع زيادة قيمة صرف العملة اليابانية أمام العملات الأخري، وتحديدا الدولار، بحيث وصلت إلي أعلي مستوي لها منذ سنوات طويلة، بل ويتوقع البعض أن تواصل قيمة الين ارتفاعها ليصل سعر الدولار إلي 80 ينا بحلول نهاية العام الجاري، ويتوقع البعض أن يكون الانكماش الاقتصادي الياباني أخف وطأة من نظيره الأمريكي أو الأوروبي، علي أن ما يثير قلق خبراء الاقتصاد هو ثقة المستهلك بالاقتصاد الياباني، فعندما تنخفض هذه الثقة إلي أدني حدودها، فإن ذلك قد يلحق مزيدا من الضرر بالاقتصاد ويعمق جروحه، حتي مع وجود بعض المؤشرات الايجابية نسبيا، مثل انخفاض معدل البطالة إلي 4%. ولا شك أن التشاؤم العالمي العام، يساهم في هذا الأمر، إذ تشير التحليلات إلي أن الناس عموما باتوا أكثر استعدادا للاعتقاد بأن الأزمة ستطول، وحل هذه المعضلة عند اليابانيين، أي التشاؤم وفقدان الثقة، أمر ليس بالسهل، إذا يتطلب هذا حلولا جذرية مختلفة تماما عما اعتمد سابقا، كما يقتضي حلولا مختلفة عن الحلول التي يعتمدها الغرب في حل مثل هذه الأزمات، ويقول خبراء إن اليابان فعلت أكثر بكثير مما فعلته الدول الغربية لحل المشكلة مثل إعادة رسملة بعض القطاعات وحقن قطاعات أخري بمزيد من السيولة، والدفع بمزيد من الاستثمارات العامة وخفض الضرائب، لكن هذه الأمور كلها لم تساهم سوي في الوصول إلي مرحلة من الاستقرار الاقتصادي، غير أنها فشلت في انعاشه، وكانت اليابان قد أعلنت في الثلاثين من أكتوبر، عن منح الأسر اليابانية ما يعادل 600 دولار لكل أسرة مكونة من أربعة أفراد، وذلك كجزء من حزمة الحكومة اليابانية لحفز الاقتصاد والمقدرة بنحو 275 مليار دولار وواجهت هذه المنحة انتقادات واسعة النطاق بحجة أنها غير كافية، كما أنها غامضة فيما يتعلق بأي الأسر تستحقها أكثر من غيرها، ويقول خبراء إن اليابانيين لا يريدون انفاق المال، حتي وإن حصلوا عليه من حكومتهم، لذلك فإن علي الحكومة أن تدفع المواطنين للشعور بالراحة والثقة حيالها.