بعد عشرين عاما.. وجدوا ونشا مفقودا بلا صاحب ويقال ان الونش المعثور عليه بعد ان نمت عليه الأشجار والنباتات - لا أعرف كيف - هو نفسه الونش المستخدم في حفر مترو الأنفاق والذي كان قد سرق من قبل أو بتعبير رسمي "اختفي". تصوروا ونشا اختفي منذ عشرين عاما، لا نعرف كيف، ولا من سرقه، ولا مكانه، هذه ليست محفظة نقود أخذها نشال في اتوبيس، أو خمسة جنيهات سرقها حرامي من بيت، أو حتي حبل غسيل أخذه هنجراني.. ونش كبير لكي يتحرك لابد أن يعطل حركة المرور. المشكلة ان الونش المعثور عليه لم يقل أحد وبشكل واضح إنه هو نفسه ونش مترو الأنفاق خالد الذكر أم أنه ونش آخر وفي هذه الحالة تصبح المصيبة مزدوجة.. فهذا يعني ان أي شيء يمكن ان يختفي علي طريقة الساحر "ديفيد كوبر فيلد" علي المسرح حينما يختفي رجل، أو حوض مياه نقول انها خدعة أما في الحياة -علي وجه القطع واليقين- حقيقة. وكل واحد لابد أن يخلي باله من "ونشه". ولأن الشيء بالشيء يذكر، فقد تعطلت سيارتي علي المحور في الطريق من اكتوبر إلي ميدان لبنان ورفضت السيارة التحرك مطلقا فما كان مني إلا أن حركتها بجوار السور العظيم في المحور وجاءني عسكري شرطة كان متعاونا جدا. كما في كل البلاد المتحضرة -وهذه شهادة حق- وضع الاقماع الفوسفورية حول السيارة، وكان في سيارة الشرطة بجوارها حتي عدت مرة أخري ابحث عن ونش يجر السيارة. تكلمت في التليفون مع ما يسمي بشركة تعمل في سيارات الانقاذ وبعد عشر دقائق أو أكثر قليلا كان الونش موجودا لكنه طلب في البداية ثلاثمائة جنيه. تصوروا، ثلاثمائة جنيه ليسحب سيارة مسافة أقل من عشرة كيلومترات في مشوار لم يستغرق -حيث كنا ليلا- أكثر من عشر دقائق أي بحسبة بسيطة يصبح كل كيلومتر وكل دقيقة تساوي عشرة جنيهات. وطبعا فاصلت مع المتحدث معي علي التليفون الذي قال اننا نجد صعوبة في الصعود والنزول من المحور من العساكر ولما قلت له ان هذه سيارة انقاذ وانك في هذه الحالة تستغل وضع احتياج شديد لشخص قد لا يكون معه هذا المبلغ المطلوب قال لي وبكل بساطة "خلاص يا بيه خليك نايم جنب العربية". انتهت طبعا المكالمة ولم ادفع سوي مائة وثلاثين جنيها لكن حتي هذا المبلغ يعد مبلغا خرافيا مقارنة بالعمل الذي تم انجازه في عشر دقائق. السؤال الآن: لماذا لا يتم تخصيص خدمة 24 ساعة من ونش انقاذ تابع لإدارات المرور المختلفة لسحب السيارات المعطلة وبتكلفة معقولة، يشعر معها أي شخص انه لا يتم استغلاله وفي نفس الوقت تكون عادلة بالنسبة للمرور وهي خدمة لسير المرور أيضا، أو لماذا لا يتم الاتفاق مع هذه الشركات علي أسعار خدمات واضحة بمسافات محددة، في أوقات الذروة، أو أي وقت آخر وستكون أيضا خدمة لسيولة المرور، وخدمة للمواطن، ومكسبا لهذه الشركة؟! هذا نموذج علي كثير من الأشياء التي تحدث حولنا، ويمكن حلها ببساطة لو لم تعتبر كل جهة انها مسئولة فقط عن عملها.. ان سيولة المرور ليست مهمة الشرطة فقط، ولكنها مهمة كل الناس، وكلنا المستفيد الأول منها محافظات، احياء، وزارة النقل، وزارة الإسكان، المواطنون، كلنا مسئولون ومهمتنا ان يتغير شكل الشارع في مصر. وعلي ذكر المرور، هل صحيح ان المشروع الخاص بأرقام السيارات الجديدة به مشاكل، والدليل هو هذه الأرقام المؤقتة التي تملأ سيارات القاهرة الكبري، والملاكي المكتوبة بخط اليد. أين الأرقام الجديدة التي بشرنا بها، والمسامير التي لا يمكن فكها، واللوحات التي لا يمكن تقليدها. قال لي أحدهم انه دفع رسوما جنيها يوميا لمدة ثلاثة أشهر أي تسعين جنيها، لا أعرف لماذا يدفعها مواطن بعد ان ضيع يوما كاملا في إدارة المرور علي خطأ لم يرتكبه هو، بل هو مواطن صالح سمع الكلام، قالوا له سنعطيك نمرا جديدة غير قابلة للتزوير، وصدق ذلك كله وكانت النتيجة انه يدفع مقابل خطأ لم يرتكبه وليس مسئولا عنه، هو وغيره كثيرون، دون ان يقول لنا أي مسئول ماذا حدث في مشروع أرقام السيارات الجديدة، المواطن يحتاج إلي نظرة رعاية فيما هو ليس مسئولا عنه.