فتحي البكل وقائع لن تشهدها في غير مصر مهما كرمك ربنا وزرت دول ثانية كثيرة، في بلاد كثيرة متقدمة او متخلفة، دول كبيرة او صغيرة سواء دول في افريقيا او امريكا الشمالية. ليس مهما اين ستجد اخبار حوادث السيارات، تقول في نفسك ده طبيعي بيحصل في كل الدنيا، ولو استمرت رحلتك لبضعة ايام ربما تسمع او تشاهد حريقا في احد الابراج العالية او الغابات المحيطة بالمدينة او حتي بأحد بيوت الفقراء في حي فقير، كل ده وارد وتسمع عنه سواء كنت في جنوب افريقيا او كاليفورنيا بأمريكا، او حتي موسكو حيث حرائق الغابات وما نتج عنها من تغيرات مناخية كانت السبب في وقف تصدير القمح لمصر - دي جت بالمناسبة كده - ولنا لها عودة، ولكن مهما لفيت وكان لك نصيب تزور دول في الشمال او الجنوب، في الشرق او الغرب لن تصادف أبدا ان لصا او لصوصا فرداً أو - لا مؤاخذة - عصابة قد نجحت في سرقة ونش كبير بارتفاع عمارة 11 او 12 دوراً كان يعمل في واحد من اهم المشاريع في واحد من اكبر الميادين في واحدة من اكبر المدن لن تجد هذا او تصادفه الا في بلد العجائب والمعجزات، فقد تم سرقة ونش ضخم عملاق يعمل بمشروع مترو الانفاق من قلب ميدان التحرير قلب القاهرة العامرة منذ ما يزيد علي العشرين عاما ورغم كل تلك السنوات، والحبر الذي استخدمه في كتابة مئات المقالات والصحف والتقارير والتحقيقات، بل والأعمال الفنية المتعددة رغم كل ذلك فإن هذا الونش الضخم لايعلم احد عنه أي شيء الا معلومة واحدة وهو انه - سرق ولم يعد - او ان شئت قل - خرج ولم يعد حتي الان - مع الاعتذار للفنان يحيي الفخراني الذي قدم فيلما جميلا بهذا الاسم منذ سنوات. ولان العجائب لابد لها ان تستمر كل فترة زمنية، وكأننا علي موعد مع د.زاهر حواس ليعلن لنا عن كشف اثري جديد، لا مؤاخذة اعلان عن واحدة جديدة من العجائب، متحف فني كبير، يضم لوحات فنية قيمة بعضها نادر مؤمن ب50 كاميرا مجهزة للعمل علي مدي 24 ساعة، واجهزة انذار، هذا المتحف وفي وضح النهار ورغم كل تلك الترتيبات سرقت منه لوحة عالمية نادرة اسمها زهرة الخشخاش، هل هناك عجب بعد هذا، والله لو قدم الفنان الكبير عادل امام هذا بأحد افلامه لقلنا الرجل بيبالغ، اذ كيف بمتحف في مكان شهير - مش في منطقة نائية - به موظفون شغلتهم يخلو بالهم وأمن داخلي عينيه مفتحة وكاميرات بتراقب دبة النملة وبعد هذا كله تسرق اللوحة النادرة. ما سبق حدث في مصر المحروسة مثل الونش الذي لم يتم العثور عليه حتي الآن، حدث هذا لان الكاميرات معطلة والموظفون لايعملون والامن الداخلي لايتواجد والكل لايفعل اكثر من تستيف الورق من اصغر واحد وحتي اكبر مسئول في وزارة الثقافة. انها منظومة اهمال وظيفي لابد لعلاجها من عمل علمي جاد وفوري يغير من التراث الوظيفي الذي كان يسخر منه استاذ ادارة الاعمال المصري الراحل العظيم د.علي عبدالمجيد حين كان يسخر بمرارة من موبقات الجهاز الاداري للدولة فيقول: (تشتغل كثير تغلط كثير تترفد) تشتغل قليل تغلط قليل تتجازي) (متشتغلش متغلطش تترقي). هذا المفهوم لابد من نسفه ومن يعمل يستمر بمعيار العطاء والكفاءة لا السن ولا الاقدمية، ان مقابلة حالات الاهمال تلك تحتاج لفحص احوال العاملين بتلك المتاحف لنري هل الرجل المناسب في المكان المناسب، هل هناك خبرات تناسب العمل بتلك الاماكن، هل تؤدي القيادات ما عليها ام تفرغت للصحافة والاعلام ورضا الوزير واي حاجة بعد كده مش مهم. ان التحقيقات التي بادر بالاشراف عليها واجراء المعاينة بشخصه معالي المستشار عبدالمجيد محمود ستقدم كل من كان سببا في سرقة اللوحة النادرة للمحاكمة لكن النظام الاداري والمؤسسي للهيئات الحكومية بحاجة فورية للتغيير والتطوير كما ان القيادات بمواقعها المختلفة حتي الوزير - المسئول السياسي عن وزارته - كلهم مسئول ولابد من محاسبته وتحديد حجم خطأه وتقرير ما يجب فعله تجاه كل مقصر حتي لاتستمر العجائب فنصحو ذات يوم لنجد ابوالهول قد سافر واستقر بدولة اخري بحثا عن ايدي تهتم به وترعاه وتدفع عنه الاذي من كل اتجاه.