القومي للأشخاص ذوي الإعاقة يشارك في احتفالية مؤسسة "دليل الخير"    «راضي» يستقبل وزير الاتصالات للمشاركة في إطلاق مركز روما للذكاء الصناعي    وزير الطيران المدنى مسئولي كبرى الشركات العالمية المتخصصة في إدارة وتشغيل المطارات    الضربة الإسرائيلية لإيران| «بزشكيان»: ردودنا على إسرائيل ستصبح أكثر قسوة    ترتيب المجموعة الثانية بمونديال الأندية.. بوتافوجو يخطف الصدارة من باريس    محمد صلاح ضمن قائمة المرشحين لجائزة لاعب العام في الدوري الإنجليزي    منتخب السعودية يخسر من الولايات المتحدة في كأس الكونكاكاف الذهبية    نتيجة الشهادة الإعدادية بمحافظة الإسماعيلية 2025.. اعتماد النتيجة خلال أيام    إصابة 3 أشخاص في حادث مروري بقنا    ضبط المتهم بإدارة صفحة لتسريب امتحانات الثانوية العامة    ضبط 12 طن دقيق مدعم قبل بيعها بالسوق السوداء    إيرادات فيلم سيكو سيكو تتخطى 187 مليون جنيه    اليوم.. الذكرى ال56 على رحيل الشيخ محمد صديق المنشاوي    «السلامة وحب الوطن».. موضوع خطبة الجمعة اليوم    3 قُربات عظيمة أوصى بها النبي في يوم الجمعة.. احرص عليها    حسن الخاتمه.. مسن يتوفي في صلاة الفجر بالمحلة الكبرى    رئيس هيئة الرعاية الصحية: تشغيل مستشفى القنطرة شرق المركزى    ختام مؤتمر كارديو أليكس 2025 بالإسكندرية بمشاركة 6000 طبيب من 26 دولة    محافظ أسيوط يوجه بتخصيص أماكن لعرض منتجات طلاب كلية التربية النوعية    وزير الخارجية الإيراني: لن نجري محادثات مع أمريكا لأنها شريكة في الجريمة    نشاط الرئيس الخارجي.. التصعيد الإسرائيلي في المنطقة يتصدر مباحثات السيسي مع قادة فرنسا وتركيا وقبرص    حسن الخاتمة.. وفاة مسن أثناء صلاة الفجر بالمحلة    إدراج 20 جامعة مصرية في النسخة العامة لتصنيف QS العالمي لعام 2025    رئيس وزراء صربيا يزور المتحف الكبير والأهرامات: منبهرون بعظمة الحضارة المصرية    قافلة طبية للقومى للبحوث بمحافظة المنيا تقدم خدماتها ل 2980 مواطناً    بنجاح وبدون معوقات.. ختام موسم الحج البري بميناء نويبع    برشلونة يسعى للتعاقد مع ويليامز.. وبلباو متمسك بالشرط الجزائي    هل تجاوز محمد رمضان الخط الأحمر في أغنيته الجديدة؟    بعد عرضه على نتفيلكس وقناة ART أفلام 1.. فيلم الدشاش يتصدر تريند جوجل    أبوبكر الديب: من "هرمز" ل "وول ستريت".. شظايا الحرب تحرق الأسواق    زيلينسكي: هناك حاجة لعمل دولي ضد روسيا وإيران وكوريا الشمالية    وكالة الطاقة الذرية تعلن تضرر مصنع إيراني للماء الثقيل في هجوم إسرائيلي    ضمن برنامج الاتحاد الأوروبي.. تسليم الدفعة الأولى من معدات دعم الثروة الحيوانية في أسيوط    الطقس اليوم.. ارتفاع بحرارة الجو وشبورة صباحا والعظمى بالقاهرة 36 درجة    ضبط تاجر مخدرات بحوزته شابو وحشيش في منطقة أبو الجود بالأقصر    أسعار الخضروات اليوم الجمعة 20 يونيو 2025 في أسواق الأقصر    حالة الطقس في الإمارات اليوم الجمعة 20 يونيو 2025    "من أجل بيئة عمل إنسانية".. ندوات توعوية للعاملين بالقطاع السياحي في جنوب سيناء    أوقاف شمال سيناء تطلق حملة موسعة لنظافة وصيانة المساجد    وزارة البيئة تشارك في مؤتمر "الصحة الواحدة.. مستقبل واحد" بتونس    إنتر ميامى ضد بورتو.. ميسى أفضل هداف فى تاريخ بطولات الفيفا    الأحد.. "مجلس الشيوخ" يناقش خطة وزير التعليم لمواجهة التحرش والتنمر والعنف بالمدارس    شرطة بئر السبع: 7 مصابين باستهداف مبنى سكني وأضرار جسيمة نتيجة صاروخ إيراني    نشوب حريق هائل بعدد من أشجار النخيل بإسنا جنوب الأقصر    المستشار القانوني لرابطة المستأجرين: قانون الإيجار القديم سيُقضى بعدم دستوريته حال صدوره    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 20-6-2025 بعد الارتفاع الجديد    إعلام إيراني: إطلاق 3 صواريخ باتجاه مفاعل ديمونة النووي في إسرائيل    إعلام إيرانى: دفعة صواريخ جديدة تستهدف النقب بالقرب من قاعدة نواتيم الجوية    شيرين رضا: جمالي سبب لي مشاكل.. بس الأهم إن أنا مبسوطة (فيديو)    التشكيل المتوقع لمباراة فلامنجو وتشيلسي في كأس العالم للأندية    "مش كل لاعب راح نادي كبير نعمله نجم".. تعليق مثير للجدل من ميدو بعد خسارة الأهلي    10 صور لاحتفال وزير الشباب والرياضة بعقد قران ابنته    الاتحاد الأفريقي يعلن مواعيد دوري الأبطال والكونفدرالية    «إنجاز طبي جديد».. تحت مظلة منظومة التأمين الصحي الشامل    تعرف على ترتيب مجموعة الأهلي بعد خسارته وفوز ميامي على بورتو    هل من حق مريض الإيدز الزواج؟ نقيب المأذونين يجيب (فيديو)    قادة كنائس يستعرضون دروس مقاومة نظام الفصل العنصري بجنوب أفريقيا    خبير يكشف كمية المياه المسربة من بحيرة سد النهضة خلال شهرين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



برودواى روح الفن فى الجسد الرأسمالى
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 26 - 06 - 2010

الذين استملحوا مصطلح الحج إلى البيت الأبيض.. وحتى الذين راق لهم القرب منه.. لم يدركهم بعد سحر الطواف فى برودواى حيث المسارح والسينمات وعروض الشوارع وقاعات الفنون ومبنى الأمم المتحدة.. وجريمة تايمز سكوير.. ويقع الجميع فى قلب مانهاتن بوسط نيويورك - وسط البلد.
ملايين البشر كل يوم يطوفون بالمكان: عربا وعجما - سودا وبيضا وصفرا وبكل اللغات يتكلمون.. أسراب من الحمام تحط فوق الأرض وتطير فوق الرأس.. كلها تصنع التفاصيل التى تؤكد اكتمال الصورة وجلال المعنى.
بعض هذه المسرحيات تعرض منذ عشرات السنين بلا انقطاع ولا ملل.. «شيكاجو» من أشهرها - هذه المسرحية التى ظلت تعرض على مسارح لندن وموسكو وسان باولو وجنوب أفريقيا قبل أن تنتقل إلى برودواى.. وهى عبارة عن مسرحية موسيقية عن الثروة والشهرة.. وفازت بست جوائز تونى وجائزة جرامى وحققت 300 مليون دولار حصيلة بيع التذاكر فى برودواى.. وشاهدها حتى الآن «17» مليون مشاهد.
على مسرح «مادون تاكسانز» تعرض المسرحية الأشهر «مدام توسادس.. والتى كانت تعرض فى باريس قبل 200 عام، ثم انتقلت إلى ميدان تايمز سكوير بعد أن حققت 850 مليون دولار حصيلة تذاكر حول العالم، هذه المسرحية عن صنع تماثيل من الشمع لنجوم السياسة والفن والأدب.. وهى خليط من عرض مسرحى موسيقى ومتحف من الشمع.. والمسرحية تنتقل بالمشاهد إلى أغوار تاريخ بعيد ومتعدد.. حتى فى أمريكا نفسها بدأت هذه المسرحية أولا فى لاس فيجاس.. ثم عرضت فى مانهاتن عام .2007
أما «مدام توسادس» اسم البطلة فهو يعود لامرأة عملت كمدرسة خصوصية لشقيقة الملك لويس السادس عشر قبل الثورة الفرنسية.. وأثناء قيام الثورة تم إجبارها على عمل «ماسكات» فوق وجوه الإقطاعيين الذين تم إعدامهم على المقصلة.
على مدخل المسرح تم رص تماثيل لمورجان فريمان وجونى ديب.. وعلى واجهة مدخل المسرح تم رصد صور ناعومى كامبل.. وسوزان ساراندون وجينفر لوبيز وجورج كلونى وهيلارى كلينتون ومايكل جاكسون وريجان.. لكن أوباما تم وضع صورته مع دانى جلوفر على كروت دعوة المسرحية.. وفى أمريكا سوف تعرف أن الزعماء ورجال السياسة لايجدون غضاضة من استخدام صورهم وأسمائهم فى الإعلانات ليس فقط على واجهات المسارح بل إعلانات السلع أيضا.
وبرودواى التى تشهد كل يوم أكبر تجمع دولى للمسرح والموسيقى والغناء والسينما هى نفسها التى تشهد شوارعها أضخم عدد من الجرائم كل يوم وليس آخرها جريمة تايمز سكوير التى حدثت فى قلب شارع 45 أول مايو الماضى والتى اتهم فيها فيصل شاه الأمريكى من أصول باكستانية والذى اعترف بجريمته الأسبوع الماضى.. حين قام بمحاولة تفجير سيارة ملغومة.
وعروض المسرح والموسيقى والغناء لا تتم فقط فوق الخشبات وأمام الكراسى فى القاعات المغلقة بل فى الشارع أيضا.. ففى الصباح ينصب الفنانون كراسى فى الشوارع للجمهور صباحا ويعرضون نفس العمل لكن بدون أجر.. حتى مادونا تقوم بالغناء مجانا للجماهير فى الشوارع.. ومادونا وغيرها من مشاهير الفن يدركون أنهم يكسبون أكثر بالتصاقهم بمحبيهم والغناء لهم ومعهم فى الشوارع، على مسرح «مينيسكوف» تعرض مسرحية «الملك الأسد» دخلها حتى الآن خمسون مليون متفرج، وتعد هى أهم المسرحيات الموسيقية الساحرة فى شارع «45» برودواى.
أما مسرحية «ماماميا» والتى تم تحويلها العام الماضى إلى فيلم قامت ببطولته ميريل ستريب فقد دخلها حتى هذا الأسبوع أربعون مليون مشاهد من جميع أنحاء الدنيا.
والذين يطوفون كل صباح ومساء ببرودواى هم الغرباء أو السياح وليسوا أهل أمريكا.. فأهل أمريكا يستيقظون منذ الصباح الباكر ويعودون مساء من أعمالهم ولايجدون وقتا حتى لمشاهدة التليفزيون.. وفى يومى «الويك إند» يتسوقون أو يرتادون المطاعم.. ومعظم أهل أمريكا لايقرأون الكتب ولا يعرفون كثيرا من الأحداث العظمى خارج حدود بيوتهم وحياتهم وليس فقط خارج بلادهم الكبيرة والممتدة.
وشوارع برودواى الكثيرة والمتقاطعة لا تشهد فقط أهم وأضخم المسرحيات الموسيقية فى العالم - بل تشهد أيضا أحداثا سياسية ليس بسبب موقع الأمم المتحدة فى قلب مانهاتن على بعد أمتار من برودواى.. بل أيضا لأن بعض هؤلاء الساسة تروق لهم مسارح برودواى.
لقد أتيح لى الطواف مرتين فى برودواى.. ولم تتشابه الزيارتان.. ففى اليوم الأول كانت جالية بورتريكو التى تعيش فى الولايات المتحدة تحتفل احتفالا سنويا خاصا بها فى الأسبوع الثانى من شهر يونيو كل عام.. حيث يتجمع أربعة ملايين بورتريكى ويقيمون مهرجانا موسيقيا راقصا ضخما.. يركبون سيارات نقل وحناطير ويسدون الشوارع كلها وسوف تجد أن الأمن فى خدمتهم.. يضبط إيقاعهم.. يفتح لهم الإشارات ويغلق من أجلهم شوارع أخرى.. ظل هذا الاحتفال مقاما منذ الصباح فى المساء.. وكان من بين الحضور جينفر لوبيز وزوجها مارك أنتونى.. لكننى لم أعرف بوجودهما إلا مساء فى نشرة أخبار القناة الأولى بنيويورك.
فى نفس الشارع يقع مبنى مكتوب عليه «تونى» وهو الخاص بجوائز تونى الموسيقية العالمية والتى تعرف ب «وورلد ميوزيك أوورد».
أما المرة الثانية التى زرت فيها برودواى لم أشاهد إلا ملايين البشر الذين جاءوا من أربعة أرجاء الأرض ليستمتعوا بالجلوس فى سنترال بارك أو النظر لواجهات المسارح أو لزيارة قاعة «ديسكفرى» فى شارع 44 بقلب مانهاتن حيث معرض توت عنخ آمون.. وقد أقيم منذ ثلاثين عاما معرض لتوت عنخ آمون.. ولكنها هى الزيارة الثانية للملك الفرعونى العظيم وهو المعرض الذى يدخله ملايين السياح كل يوم والذى يمتد عرضه حتى نهاية عام ,2010 وفى ميدان تايمز سكوير تم وضع صورة لتوت حتى يعرف الزائرون أن له معرضا على بعد أمتار من الميدان.
ليس توت عنخ آمون هو التواجد المصرى الوحيد.. فأمامى مبنى الهيلتون الشهير بقلب برودواى يوجد طابور صباحى طويل ينتهى بعربة «سجق وحواوشى وهامبرجر» يملكها مصرى من المنصورة ويعيش فى نيويورك منذ ثلاثين عاما مع أهله.. وللرجل شهرة كبيرة فى صنع هذه الأطعمة الأمريكية.. وله بعض الأسرار فى الخلطة تجعل ملايين الزائرين يفضلون الوقوف فى الطابور أمام عربة السجق للحاج محمد المنصورى تاركين غيرها من المعروض من الأطعمة. حتى إن كثيرا من العاملين بالهيلتون وحتى الرواد به يفضلون الطعام من على العربة.
إذا سألت نفسك لماذا لا يتعاطف الأمريكان مع قضايانا.. أو حتى لماذا لا يعرفنا الأمريكان؟ فالإجابة ليست فقط لأنهم لايذهبون إلى برودواى مثل كل أهل بلاد الدنيا.. ولكن لأن جرائدهم وقنواتهم مهمومة بالإعلانات أكثر من همها بأى شىء آخر.. فالإعلان يملأ مساحة اليوم كله فى التليفزيون على الأقل فى نيويورك - حيث شاهدت ذلك - وقنوات التليفزيون فى نيويورك يملكها يهود.. أو من يتعاطفون مع اليهود.. وأكثر ما يشغل بال القنوات هو إعلانات الملابس والطعام والسيارات وكريمات التجميل.. وهناك قناة مخصصة فقط للمطبخ والطعام طوال اليوم.
وإعلانات الطعام ليست فقط «للبنى آدميين» بل للكلاب والقطط أيضا.. وهناك برنامج يومى مخصص للحيوانات الأليفة وأمراضها وطرق العناية بها.
سوف تكتشف أن معظم أهل نيويورك يملكون كلابا أليفة وبوليسية.. يخرجون جميعهم للتنزه كل يوم.. قد يتساوى عدد السكان مع عدد الكلاب.. إلا قليلا.
أما نشرات الأخبار فى كل قنوات نيويورك فحدث ولا حرج.. كلها تدور فى تفاصيل التفاصيل للحياة اليومية العادية للإنسان داخل نيويورك.. سواء كان الخبر عن الطقس أو الجريمة الدائمة أو حركة المترو أو الحرائق والحوادث اليومية أما السياسة فليس لها مكان.. فلم أشاهد خبرا عن أى بلد آخر خارج أمريكا.. حتى أوباما لم أشاهده فى نشرات الأخبار كلها إلا فى خطوته السريعة المعروفة متجها إلى خليج المكسيك حيث مشكلة البترول المتسرب من بئر النفط بقاع المحيط.
ولو بحثت عن برنامج يعرض كتابا أو حوارا أو تقريرا ثقافيا فلن تجد.. بالرغم من وجود عشرات المكتبات فى كل مكان بنيويورك والتى تزخر بآلاف الكتب الحديثة والكتب الأكثر حداثة.. ولن تجد بها كتابا واحدا لكاتب أو أديب أو شاعر عربى.. ولا حتى كتاب يتناول قضية عربية تناولا صادقا وأميناً.
لكنك فى برودواى تستطيع أن تشاهد أو تعرض نصا مسرحيا «مونودراما» يتحدث عن فلسطين وسوف يشاهده ملايين البشر كل يوم من كل أنحاء العالم إلا أمريكا.. فالأمريكى لا يملك وقتا للطواف فى شوارع برودواى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.