ما شهدته الأيام القليلة الماضية من انخفاض في أسعار السلع الاستراتيجية والاستهلاكية كالقمح والذرة عالميا أوجد توقعات بانخفاض في معدلات التضخم محليا وعالميا ولكن حسب التقرير الاخير للجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء فإن معدل التضخم في مصر لم يزل بالقرب من مستواه السابق 23%. وكان تقرير الجهاز المركزي قد أكد ان نسبة التغير في اسعار الطعام عن شهر يونية بلغت 3.1% فيما بلغت في شهر يوليو 29.9% لكن في مصر الأسعار زادت بنحو 3.4%. وعلي كل حال وبعيدا عن الاسعار العالمية هل تؤثر رياح التراجع العالمية لتساعد في كبح جماح التضخم محليا.. هذا ما سنراه في السطور المقبلة. ان الدكتورة أمينة حلمي استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة تقول من المفترض ان تنعكس الاسعار الاسعار العالمية علي التكلفة النهائية للسلعة في مصر لكن هذا التأثير يتوقف علي هيكل السوق، توزيع الاسواق وتوفير أسواق الجملة والتجزئة أمام المستهلكين بحيث يكون هناك وفرة في السلع المتاحة امام المستهلكين ولا يكون هناك تركز للسلع في ايدي قلة من المنتجين او الموزعين. وتضيف حلمي: هناك ايضا سعر الصرف هل يرتفع أم ينخفض، لأن ارتفاع سعر الصرف يعني ارتفاع في تكلفة الواردات ومصر تستورد كميات كبيرة من القمح والبترول، فليس بالضروة ان تنخفض أسعار السلع لأن اسعارها في العالم انخفضت، مؤكدا ان الانخفاض يتوقف علي انخفاض سعر الصرف ايضا. وتؤكد حلمي ان انخفاض الأسعار في مصر متأثرة بالانخفاضات العالمية يتوقف علي سعر الصرف. وتشير إلي أنه من الافضل ان يتم الاعتماد بنسب أكبر علي الانتاج المحلي من القمح بدلاً من الاستيراد، والدخول في حسابات الاستيراد والتصدير، وسعر الصرف، والاسعار العالمية. وتقول حلمي انه للاعتماد علي الانتاج المحلي يجب ان تقوم الدولة بتشجيع الفلاحين علي زراعة القمح أو التوسع في زراعة القمح للوصول إلي اكبر نسبة ممكنة من الانتاج المحلي. وتتوقع ان ينخفض معدل التضخم لشهر اغسطس والذي سيعلن يوم 10 من الشهر الجاري وترجع هذا التفاؤل إلي ان انخفاض اسعار بعض السلع عالميا منها الذرة والسكر، حيث انخفض سعر السكر بنسبة 5% وفول الصويا بالنسبة 1%. لكن هذا التفاؤل لن يستمر طويلا - فعلي حد قولها - تؤكد ان هذا الانخفاض سيكون خلال شهر اغسطس باعتباره شهر اجازات. ويشترط الدكتور عبد العظيم لحدوث هذا الانخفاض ان تكون هناك رقابة صارمة علي الأسواق حتي لا يصبح انخفاضاً في الأسعار لصالح التجار وليس للمستهلكين. ويطالب حمدي الغرف التجارية بأن تلعب دوراً في مجال الرقابة علي الأسواق وتتفق مع التجار علي طرح السلع بأسعار منخفضة بقدر الانخفاض في الأسعار العالمية لكنه يشير إلي أن الاسعار في شهر رمضان غالبا ما ترتفع بالنسبة للسلع الغذائية، ويصعب التحكم فيها او معرفة مدي مغالاة التجار في الأسعار، لذا يتطلب الأمر رقابة صارمة من جمعيات حقوق المستهلك. وتقول ان الأسعار ستعاود الارتفاع عالميا خلال الشهر الحالي، وبالتالي فإن معدل التضخم اذا انخفض عن شهر يوليو فلن يستمر الانخفاض خلال اغسطس. اما عن تأثير انخفاض الأسعار العالمية للسكر او الذرة علي الأسعار المحلية يقول الدكتور حمدي عبد العظيم ان هذا الانخفاض يتوقف علي حجم الواردات بالأسعار القديمة فاذا كانت السلع المستوردة من الخارج قبل الانخفاض قد نفدت سيتأثر السوق بالأسعار المستوردة حاليا وينخفض معدل التضخم. بينما يري الدكتور محمد النجار استاذ الاقتصاد بجامعة الزقازيق ان يتأثر انخفاض الاسعار في الخارج لا يتواكب مع الاسعار في مصر فعلي سبيل المثال قد ارتفع سعر الذهب في بداية الثمانينيات الي الضعف في السوق المصري رغم وجود انخفاض في الاسواق العالمية. ويقول النجار ان الأسواق في مصر اسواق احتكارية في المنتجات الغذائية ومواد البناء والاسمدة وايضا السيارات، ويعزز هذا الاحتكار عدم وجود روابط قوية للمستهلكين، وكذا فإن جمعيات حماية المستهلكين ليس لها الدور الكافي للتأثير فعلي سبيل المثال في انجلترا توجد رابطة للسيدات اوقفت شراء اللحوم لمدة شهر لكن الوضع في مصر يختلف فأضعف حلقة في السوق المكون من منتجين ومستهلكين تجار تجزئة وجملة هي المستهلك، فلا يوجد آلية يمتلكها المستهلك تمكنه من الحصول علي حقه.