معني أن يبلغ عدد الأطفال العاملين في مصر2.7 مليون طفل أننا نواجه كارثة حقيقية واننا نخالف كل الأعراف والمواثيق الدولية التي وتحظر تشغيل الأطفال خاصة في الأعمال الخطرة التي قد تصيبهم بأضرار صحية بالغة إضافة إلي الأضرار النفسية. الخبراء ارجعوا تفاقم هذه الظاهرة إلي الارتفاع الجنوني في الأسعار وسوء الأحوال الاقتصادية وتدني مستوي معيشة قطاع كبير من المصريين.. إلي جانب ذلك يطرح الخبراء رؤيتهم لحجم الظاهرة في مصر وآثارها السلبية ومقترحاتهم لمواجهتها بشكل علمي وواقعي. منظمة العمل الدولية يشير د. سمير رضوان رئيس المنتدي الاقتصادي الدولي سابقاً ونائب مدير عام منظمة العمل الدولية إلي أن من أبرز أسباب إنتشار ظاهرة عمالة الطفل الفقر وسوء الظروف الاقتصادية للكثير من الاسر المصرية الفقيرة، الأمر الذي يدعوهم إلي إلحاق أطفالهم بالعمل دون الأكتراث بظروف هذا العمل التي غالباً ما تكون محفوفة بالمخاطر خاصة العمل في المناجم والتعامل مع مواد كيماوية ومبيدات و آفات في الزراعة أو حتي العمل علي آلات خطيرة. ويؤكد د. سمير رضوان أن الإحصائيات الأخيرة تشير إلي أن 15% من الأطفال في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يعملون، وأن نحو 2.5 مليون طفل يعملون في القطاعات الصناعية، وصحيح أن الحكومة المصرية لاتملك حتي الآن أية أرقام رسمية حول عدد الأطفال العمال، غير أنه بالنظر إلي عدد المتسربين من المدارس الحكومية نستطيع أن ندرك حجم الظاهرة. موضحاً أن منظمة العمل الدولية تبذل جهوداً مضنية في الفترة الأخيرة لمحاولة الحد من الظاهرة المتفاقمة داخل المجتمع المصري، خاصة أنه من المتوقع أن يؤدي غلاء أسعار المواد الاستهلاكية والغذاء إلي تزايد حدة هذه الظاهرة خاصة في الأوساط الفقيرة، لاسيماً مع نقص التدابير التي تحميهم. ويري د. رضوان أنه بالنظر إلي ثقافة الفقراء في مصر وإلي وضعية الطفل، سنجد أن هناك اعتماداً كاملاً علي هذا الطفل بوصفه مصدر الدخل الرئيسي للأسرة، فلا عجب إذن أن تطالعنا أشكال مخيفة لعمالة الأطفال في مصر أبرزها ناهيك عمن يعملون بصناعة صهر المعادن بالقاهرة خاصة محافظة القليوبية وصهر "القصدير" علي وجه الخصوص الذي يتم فيه الاستعانة بعمالة الطفل ثم ثالثا وأخيراً ورش المدابغ بمصر القديمة التي تعتمد أيضاً علي عمالة الطفل بالدرجة الأولي. ويشير د. رضوان إلي أن مصر قد قطعت بالفعل شوطاً في الاهتمام بتلك الظاهرة حيث تم التوقيع علي اتفاقية "أخطر" مظاهره عمالة الأطفال رقم 182 لمنظمة العمل الدولية، وإن كان الواقع يؤكد وجود إهمال إلي حد ما في تنفيذ بنود هذه الاتفاقية الهامة تعوضها بالطبع جهود السيدة سوزان مبارك في مجال رعاية الأطفال. النمو السكاني تري د. ضحي عبد الحميد أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية أن هناك ارتباطاَ وثيقاً بين تزايد حدة الفقر وضعف الحالة الاقتصادية وتفشي ظاهرة عمالة الأطفال داخل أي مجتمع خاصة المجتمعات التي تعاني من تزايد معدل النمو السكاني مما يجعل الكثير من الأسر تعاني من ضيق ذات اليد ونقص الموارد. مؤكدة أن المجتمعات الزراعية هي التي تفوز بنصيب الأسد من هذه الظاهرة الكارثية، حيث تطالعنا ثقافة أن الأطفال "عزوة" يمكن استخدامهم في فلاحة الأرض وجني المحاصيل برغم خطورة المبيدات الزراعية وأشعة الشمس، الأمر الذي أصبح يمثل مشكلة ملحة من الناحية الاجتماعية و الاقتصادية لأن من أبرز أثاره السلبية حرمان الطفل من التعليم واستخدامه كأداة لجلب المال وهو ما يمثل تهديداً صارخاً لخطط التنمية البشرية فهو يؤدي إلي ارتفاع نسبة الأمية فضلاً عن إهدار الطاقات المستقبلية للمجتمع ككل. وتري د. ضحي عبد الحميد أن غياب الرقابة وانتشار ظاهرة الاقتصاد غير الرسمي الذي يضم مجموعة الورش والمصانع غير المرخصة من أهم أسباب عجزنا عن السيطرة علي هذه الكارثة المجتمعية، مؤكد أننا إذا كنا ننشد القضاء علي هذه الأوكار غير المسجلة والتي تشهد كل يوم مجموعة من الانتهاكات بحق الأطفال ينبغي أولاً تغليظ عقوبة اشراك أطفال دون السن القانونية في انتاج أية سلعة وتفعيل دور المجتمع المدني ومنحه حق الضبطية القضائية علي غرار الدول المتقدمة. كما يتعين تفعيل دور الإعلام في توعية المواطنين بحقوق الطفل وتهيئة بيئه العمل الصالحة علي الأقل في حالة اضطرارهم للعمل ووضع آليات لحماية حقوقهم. وتنوه د. ضحي إلي أن من أبرز الآثار السلبية لتفاقم هذه الظاهرة هو ترسيخ دائرة الفقر داخل المجتمع المصري بلا نهاية، وتزايد مساحة القطاع غير الرسمي ومنها مصانع بير السلم التي تحرص علي استقطاب مثل هذا النوع من العمالة الرخيصة.