بين جدوي البيانات الحكومية من عدم جدواها.. يظهر الكثيرمن نقاط الخلاف بين المفكرين والسياسين وأساتذة الاقتصاد والاجتماع ودائما الغياب من نصيب المواطن الذي هو مرآة كل تنمية أو برامج أو سياسات ولكن الجميع اتفق علي أن بيانات الحكومة لا تتخطي كونها "وعوداً" حتي أولئك الذين ينتمون للحزب الوطني يرون أنها لا تكفي لمعرفة توجه الدولة خلال مرحلة قادمة بدون العودة إلي برامج الحزب أو البرنامج الانتخابي للرئيس. أكد رجل الأعمال منير فخري عبد النور سكرتير عام حزب الوفد أن بيان الحكومة لا يعتبر برنامجاً علي الأقل في شقه السياسي مشيراً إلي أن بيان 2007 ركز علي السياسة الاقتصادية وقدم 10 برامج انمائية خالية من أية أرقام وعبارة عن وعود لا يمكن المراجعة أو المحاسبة بناءً عليها والاستثناء الوحيد هو بيان 2008 والذي أشار فيه إلي اللامركزية ولم يتطرق أبداً إلي العلاقات بين القوي السياسية. أضاف منير فخري أن الملف السياسي ليس اختصاص الوزارات المتعاقبة وإنما تمتلكه المؤسسات الأخري سواء القضايا الدولية أو الحوار بين الأحزاب دائما مسئولية الوزارات تتلخص في القضايا التكنوقراطية والتي تسعي دائما لإيجاد حلول لها. تحصيل حاصل أما الدكتور محمد كمال استاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية والذي أكد أن رأيه بصفته الأكاديمية بعيداً عن انتمائه الحزبي أن البيان الحكومي يتسم بالعمومية ولا يتحدث عن برامج أو فترات زمنية خاصة فيما يتعلق بالاصلاح السياسي والعلاقات الدولية وأرجع ذلك إلي النظام شبه الرئاسي الذي يسيطر علي الحياة السياسية. واتفق الدكتور محمد كمال مع منير فخري عبد النور بأن البيان الحكومي هو تحصيل حاصل ليس له مثيل في كثير من الأنظمة السياسية. مؤكداً أن هناك رؤية واضحة للسياسة وللاصلاح السياسي لكن لا يكفي قراءة برنامج الحكومة للتعرف علي تلك الرؤية وإنما من خلال برنامج الرئيس الانتخابي والأوراق التي تصدر عن مؤتمر الحزب السنوي وبعض أوراق مؤسسات المجتمع المدني. وأوضح الدكتور محمد كمال أن الرئيس هو اللاعب الأساسي في السياسة الخارجية وفقا للدستور مع عدم انكار الدور الذي تقوم به وزارة الخارجية في عملية صنع السياسة الخارجية وإدارتها. مشيراً إلي أن "شخصنة" السياسة الدولية بشخص رئيس الجمهورية هو عرف سائد. أوضح الدكتور مصطفي علوي رئيس قسم العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية أن هناك فرقاً كبيراً بين البيانات الحكومية والبرامج الحكومية والتي تعني حزمة من السياسات تعتمد علي موارد وبرامج زمنية أما البيانات الحكومية لا تقدم برامج وإنما تقدم ملامح وخطوطاً عامة نحو التوجهات الحكومية تجاه القضايا السياسية.. مشيراً إلي أن البيانات الحكومية أولت خلال عقود أهمية للاصلاح الاقتصادي علي الاصلاح السياسي..مطالباً بأن يتم الاصلاح بشكل شامل. فساد وعدم عدالة "أنا لست في صف الحكومة ولا أدافع عنها والدليل أنني أقول أن هناك فساداً وسوء عدالة في التوزيع" هذا ما أكده في البداية الدكتور علي لطفي رئيس الوزراء الأسبق مشيراً إلي أن الحكومة لا تحتاج إلي محام للدفاع عنها وحتي إذا كانت متهمة فهي قادرة علي الدفاع عن نفسها. أوضح الدكتور علي لطفي أن نجاح الحكومة في خفض معدل البطالة إلي 4% هو معدل مقبول وطبيعي للبطالة مشيراً إلي أنه ليس هناك ما يسمي بالعمالة الكاملة. أضاف أن تحقيق أهداف أي برنامج حكومي يعتمد علي التنفيذ الذي يعتبر مسئولية الجميع وليس الحكومة بمفردها. ونفي أن تكون الحكومة الحالية حكومة رجال أعمال أو حكومة تحابي رجال الأعمال والدليل أن القرارات الأخيرة تأخذ من الأغنياء لتعطي الفقراء مؤكداً أن الأسعار ارتفعت بدون أن تتخذ الحكومة أي قرار وليس لها ذنب في ذلك. وأضاف أن تزايد الدين المحلي لا يعني عجز الحكومة عن تحقيق أهدافها فالعبرة بنسبته إلي إجمالي الانفاق العام فالدين العام الأمريكي يصل إلي 9 تريليونات دولار وهو كرقم مطلق يعني أن الاقتصاد الأمريكي أسوأ اقتصاد في العالم. وهم اقتصادي أما الدكتور جمال زهران عضو مجلس الشعب فأكد أن أي تقدم اقتصادي بدون تقدم سياسي هو "وهم" علي حد تعبيره سريعا ما سيسقط مشيراً إلي أن المادة 14 من قانون حماية المستهلك تؤكد علي ضرورة تدخل الدولة عند أي تسيب في السوق وهو ما لم يحدث للآن. وأوضح أن الحكومة ليس أمامها بديل فيما يخص استمرار الدعم وحديث أي حكومة عن أن الدعم هو سبب تأخر الاصلاح الاقتصادي هو فشل سياسي في حل الأزمات الاقتصادية مؤكداً أن الدعم ارتفع رغم إرادة الحكومة وسيزيد خلال المرحلة القادمة. وفيما يخص التشغيل والبطالة أشار الدكتور جمال زهران إلي ارتفاع الأرقام وفقا للجهاز المركزي للإحصاء من 5.8% إلي 5%. مضيفا أن معدل النمو الذي وصل إلي 7% فإن أستاذة الاقتصاد يرون أنه نموا غير حقيقي لعدم شعور المواطن به وبينما يزيد السكان بنسبة 2% فأين تذهب ال 5% الفارق بين معدل النمو ومعدل نمو السكان. وأكدت الدكتورة عالية المهدي أستاذة الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية أن معدلات البطالة تراجعت إلي 9% في الثلث الأول من 2008 مقارنة ب 11% عام 2000/2001. الكتلة الصماء وحددت الدكتورة هدي ميتكيس أستاذة العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية 5 ملاحظات علي الجانب الاجتماعي في البيان الحكومي أولا: التراجع الملحوظ في دور الدولة رغم أنه محوري في الدول النامية ومنها مصر، ثانياً: اختفاء محاسبة النظام علي الوعود وتنفيذها وعدم تحمل مسئولياتها وثالثاً: تأثير ما يسمي بالسياسات "التحتية" الشعبية في رسم السياسات المتعلقة بها فالضغوط الداخلية هي الأهم في رسم السياسات الاجتماعية بدلاً من الضغوط الدولية.. رابعاً: تراجع دور القيادة والمتمثل في ادراك المشكلة وصياغة البدائل لحل المشكلة واختيار التوقيت المناسب لتطبيق البدائل وخامساً: رؤية القيادة لأولويات التنمية مؤكدة أن التجربة الغربية لا تتناسب مع أولويات التنمية في المرحلة الحالية. أما الدكتور أحمد زايد عميد كلية الآداب جامعة القاهرة وأستاذ الاجتماع تساءل هل يمكن تحديد مفهوم الجانب الاجتماعي في بيان الحكومة؟ وهل يعكس بيان الحكومة اهتماماً حقيقياً بما هو اجتماعي؟ وهل يخضع لرؤية اجتماعية استراتيجية وما الذي يجعل قضية اجتماعية أساسية تظهر في بيان وتختفي في بيان العام التالي؟ وطالب الدكتور أحمد زايد بأن يحدد بيان الحكومة المبادئ العامة التي تحكم سلوك المجتمع خلال مرحلة ما وهو ما يعني ضرورة اندماج الحكومة في مشاكل المجتمع حتي يعكس بيانها هموم الناس. وتساءلت الدكتورة نازلي معوض أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة هل هذه البيانات أخذت في اعتبارها آراء وميول الحكوميين؟ وخاصة أن الكتلة الصماء في المجتمع هي كتلة متفاعلة ويمكنها في النهاية أن تنجح أو تفشل أي بيان حكومي.