لكن إحصائيات الجهاز المركزي للجهاز المركزي للمحاسبات أكدت أن 84% من المصريين فقراء، وأن الدولة لو كانت قد وضعت استراتيجية إنتاجية لهذه الفئة لأمكن تغيير حياة المواطنين مما أدي إلي فقدان الناس للثقة في الحكومة بعد أن فاض بهم الكيل من التصريحات المفبركة لبعض المسئولين بالحكومة. في الوقت ذاته أثبتت الدراسات الحديثة التي أجريت حول علاقة الحكومة بالشعب أنها أصبحت يسودها كره وعدم رضا وعدم ثقة وتؤكد سيادة روح السلبية واللامبالاة وعدم الانتماء من جانب المواطن كرد فعل علي استهانة الحكومة به وإطلاق تصريحات وردية هي مجرد مسكنات إضافة إلي أن كل وزير يدخل الوزارة يتقدم بوعود وردية متعددة غالباً ما تكون "شو إعلامي فقط" للتلميع ويخرج من الوزارة دون تنفيذ لوعوده التي كانت أكبر من حجم إمكانياته. وفي أحدث استطلاع للرأي الصادر عن مجلس الوزراء اثبت أن 17% من المصريين راضون عن أداء الحكومة بالرغم من زيادة الإضرابات والاعتصامات والوقفات الاحتجاجية للاعتراض علي سياسة الحكومة. فيماكشفت دراسة حديثة أجرتها لجنة الشفافية والنزاهة بمجلس الوزراء علي 3 محافظات أن الكثير ممن شملتهم الدراسة لا يعرفون فكرة الإنجاز في العمل وأنهم يعتمدون علي ذويهم أو الدولة إضافة إلي عدم الإحساس وانعدام الضمير والقيم الأخلاقية وأيضاً انعدام الثقة في مؤسسات الدولة وانعدام الإحساس بثقافة أريد حقي حتي أجمع الكل علي أنهم يعيشون حالة من الضياع وأن حقوقهم يحتسبونها عنداً خاصة بعد تزاوج المال والسلطة فسادت السلبية واللامبالاة. وكشفت الدراسة عن تراجع ثقة المصريين في الحكومة والمسئولين بنسبة 84% وأن 34% من العينة يرون أن الحكومة لا تتحدث بصراحة وشفافية وهناك إخفاء للبيانات الاقتصادية ويري 76% زيادة الكذب في الخمس سنوات الأخيرة. فيما يري د. أحمد يحيي أستاذ علم الاجتماع بجامعة قناة السويس أنه لا توجد برامج لمعالجة الفقر ولكن هناك محاولات لتهميش هذه القضية من خلال تقديم وعود ومسكنات مثل الدعم السلعي ومعاش الضمان ولكن لاتوجد أي آلية حقيقية أو استراتيجية واضحة لمعالجة الفقر من خلال مشروعات منتجة ولكن تسير الحكومة بنظام الأرقام فهي تعلن عما قامت به من خدمات من خلال أرقام مجردة دون أن تعرف أن ما تعلن عنه يصل لمستحقيه وقد أوضحت إحصائية الجهاز المركزي أن 84% من المجتمع المصري فقراء فإذا كانت الدولة قد وضعت استراتيجية إنتاجية لهذه الفئة لأمكن تغيير الأوضاع الحياتية للمواطن وأصبح فئة فاعلة ولكن عكس التصريحات الوردية التي تصدرها الحكومة بين الحين والآخر عن رعاية الفقراء مما أفقد المواطن ثقته في حكومته وأنها لن تستطيع تقديم أي شيء له. وأضاف د. يحيي: السياسة العامة للحكومة تعظم من دور القطاع الخاص ورجال الأعمال في المجتمع وتمنحهم مكانة اقتصادية وبالتالي مكانة اجتماعية. ويري د. قدري حفني أستاذ علم النفس السياسي بجامعة عين شمس أن هناك مشكلة كبري اسمها السكتة الإعلامية فالإعلام يفجر المشكلة ويظل يتناولها ثم يسكت فجأة•• مشيراً إلي أن هناك شخصيات في السلطة تراهن علي النسيان الإعلامي، مطالباً بضرورة التذكير المستمر بالقضايا التي لم تلق حلولاً إلا أن الحكومة الحالية كاذبة مثل العديد من الحكومات ولكن الفرق بينها وبين الحكومات الأخري أن هناك حكومات تكذب بذكاء بينما الحكومة الحالية تكذب بغباء ومن السهل كشف هذا الكذب وعلاج ذلك بمراقبة أداء الحكومة وذلك بمساءلتها المستمرة وتحليل الإنجازات التي تعلن عنها ومدي حقيقتها. ويري د. زين العابدين درويش أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة أن قرارات الحكومة التي لم تنفذ زادت من الفجوة بينها وبين الحكومة وعدم ثقة المواطن في أي قرار تتخذه الحكومة وتجاهله لهذه القرارات سواء كانت خاطئة أم صائبة والنتيجة بطالة وعنف ولا مبالاة، مطالباً الحكومة بعدم وضع رءوسنا في الرمال مثل النعام للهروب من المشكلات. ويقترح د. هاشم يحيي أستاذ علم النفس مشاركة الشعب بصورة أكثر جدية من جانب الحكومة حتي يشعر المواطن العادي بمشاركته ووضع يده علي الحقيقة وهناك أولويات تهم الشعب يجب التركيز عليها مثل البطالة والخدمات الصحية والتعليم بدلاً من الاهتمام بلون الأرصفة أو غيرها إضافة إلي إعطاء المصريين معلومات كافية عن الأزمات والوضع المهم حتي لايصل المواطن إلي مرحلة الإهمال وفقدان الثقة حين يصطدم بالواقع المرير. أما د. سحر الطويلة مدير مركز العقد الاجتماعي فتري أنه لتحقيق العدالة لابد من استعادة الثقة المفقودة حالياً بين أطراف المجتمع الأربعة: الحكومة والقطاع الخاص والمدني والمواطن، خصوصاً مع الحكومة وهي الطرف الأقوي فهناك أزمة ثقة بين جميع فئات المجتمع تجاه بعضها البعض فالمواطن يفقد الثقة في الحكومة فيما يتعلق بوعودها والتزاماتها في تحقيق التنمية وكذلك يفقدون الثقة في القطاع الخاص والمجتمع المدني فيما يتعلق بنوايا أهدافهم الحقيقية. وتضيف إن مركز العقد الاجتماعي دوره تقديم الدعم الفني والمشورة للمؤسسات الحكومية بهدف زيادة رضاء المواطن وثقتهم فيما يتعلق بقدرة الحكومة علي الوفاء بوعودها وأداء التزاماتها مثل المواطن وباستجابة الحكومة لاحتياجات المواطنين ويعمد المركز وفق خطة عمل تقديم المشورة إلي متخذي القرار وصانعي السياسات استناداً إلي المتابعة والتقييم والتنسيق بين شركاء التنمية "الحكومة والقطاع الخاص والمدني والمواطن" وتحتوي أجندة المركز علي 55 برنامجاً تنموياً مثل التعليم والفقر والصحة وينظر إلي هذه البرامج كحزمة واحدة لتوفير حياة كريمة للمواطن. من جانبه يري د. صديق عفيفي رئيس قسم إدارة الأعمال بجامعة المنوفية أن أزمة الثقة بين المواطن والحكومة لها أثر سيئ جداً في المستوي الأخلاقي فقد تسبب وجودها في تدني أخلاقي بسبب غياب معان ثلاث "الشفافية والمساءلة والمشاركة" وهي ركائز أساسية لدعم الأخلاق والقيم من منطلق دعم الثقة وقد جاءت المسميات الثلاثة تحت مسمي الحوكمة باعتبارها منهجاً ثرياً يضمن انضباط وتحسين الأداء بمختلف المنظمات ويحاول الجهاز الحكومي تصنيفها لبناء جدار الثقة المتصدع بين الشعب والحكومة الذي لايعي حتي الآن ما يحدث من متغيرات أبسطها التغيرات الوزارية واختيار القيادات وغيرها من الأمور غير المفهومة والمبررة. وأضاف عفيفي: إن سر تقدم الدول وتفوقها هو الشفافية والإعلان عن فساد الوزراء وهم في السلطة مثلما فعلت بريطانيا لمجرد إهدارهم للمال العام في وجوه ليست في محلها الأمر الذي استقالت علي أثره 6 وزارات وهذه الواقعة مثلاً خلقت علاقة تفاعلية بناءة بين الشعب والحكومة تدعم تلقائياً البناء الأخلاقي الذي تنشده. ويرجع د. عمرو الشوبكي الخبير بمركز الأهرام للدراسات أسباب عدم الثقة والفجوة العميقة بين المواطن والحكومة إلي مجموعة من الأسباب التاريخية والثقافية والأوضاع القائمة التي سادت الشعوب العربية ومنها مصر لفترات طويلة لم تكن مسئولة وقتها عن اختيار حكامها ومن باب أن الحاكم لايشعر بهموم المواطن فكيف له أن يضع آليات للتغيير وتحسين الأوضاع إلي الأفضل دائما وهذا ما يعزز من فرص عدم الثقة المتبادلة حتي لو كان هذا الحكم يتسم بالنزاهة والشفافية فالقرارات التي كانت تتخذ آنذاك كانت لا تنظر فيما هو أصلح ولكنها كانت مؤيدة لبقاء أشخاص بذاتهم في المناصب التي يتولونها. ويشير الشوبكي إلي أن قنوات العمل السياسي المختلفة من نقابات وأحزاب سياسية ومنظمات مجتمع مدني يكون دورها في كل الأحوال تنشيط دور المجتمع في الرقابة علي حكامه وهو ما يؤدي إلي استعادة الثقة المفقودة أيضاً في جدوي وجود هذه الهياكل مادامت لاتقدم شيئاً إلا أن التخبط والعشوائية في عملية اتخاذ القرارات يعطيان انطباعاً بأن المواطن ليس له أي اعتبار لدي المسئولين. لكن.. الأرقام التي كشفتها إحصائيات الجهاز المركزي للمحاسبات خلقت نوعاً من الصراع بين الحزب الوطني وجودت الملط رئيس الجهاز عندما قال له أحمد عز: أنت لست وصياً علي الحكومة بل مهمتك تقتصر علي متابعة نشاطها وهذا ما غاب عن أحاديث الخبراء هنا.