علمت "العالم اليوم" أن وفدا مصريا من كبار المسئولين بوزارات التجارة والصناعة والزراعة والصحة والتعاون الدولي يزور السودان حاليا وذلك لمناقشة تفاصيل المشروع المقدم منه والخاص بإنتاج وتصدير اللحوم إلي مصر وكذا معاينة الأماكن المقترحة لإقامة المسالخ والمجازر الاَلية في ولاية النيل الأبيض بالسودان التي تبعد نحو 1250كم عن الحدود وذلك للتأكد من مراعاة الضوابط الصحية للحوم المستوردة من السودان. وكان الجانب المصري قد تلقي خلال الفترة الماضية دراسة جدوي فنية واقتصادية من نظيره السوداني وذلك بشأن مشروع مشترك مصري سوداني لإنتاج وتصدير اللحوم جاء فيها أن التكلفة المتوقعة للمشروع تصل إلي 197 مليون دولار لسنة التأسيس ونحو 803 ملايين دولار خلال السنوات الخمس التالية عن سنة التأسيس بمشاركة القطاع الخاص. ويتكون المشروع كما تشير دراسة الجدوي من مراكز تجميع ومراكز تسمين ومجازر اَلية ومصنع للأعلاف حيث يتم شراء المدخلات "البقر الماعز الأغنام الإبل" من التجار التقليديين والسماسرة والمنتجين والوسطاء ونقلها إلي مراكز التجميع تمهيدا لنقلها إلي مراكز التسمين لمدة شهرين ثم نقلها إلي المسالخ وتصديرها إلي مصر بعد ذلك. فأكدت دراسة الجدوي السودانية علي أنه سيتواجد بصورة مستمرة فريق من الأطباء البيطريين المصريين بالمجازر بولاية النيل الأبيض "اَخر نقطة لتصدير اللحوم إلي مصر" وذلك للكشف البيطري علي اللحوم قبل ذبحها علي أن يستخدم في نقل اللحوم الحمراء عدة وسائل نقل "النقل النهري القطار النقل البري النقل الجوي". توفير اللحوم الحمراء ومن جانبها اطلعت "العالم اليوم" علي تعليق الجانب المصري علي دراسة الجدوي الفنية والاقتصادية المقدمة من الجانب السوداني حيث أوضح الجانب المصري أنه إذا كان لهذا المشروع عدد من الإيجابيات المتمثلة في توفير اللحوم الحمراء للسوق المصري بسعر مناسب مما ينعكس علي خفض الأسعار الحالية للحوم الحمراء بمصر وكذا خفض أسعار مصنعات اللحوم التي يتزايد سعرها بصورة دائمة، وتوفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة لأعداد لا بأس بها من المصريين العاملين بالمشروع سواء بالسودان أو علي الحدود المصرية وإيجاد مشروعات صغيرة لتصنيع اللحوم علي الحدود المصرية "داخل مصر" معتمدة علي اللحوم ومخلفات المجزر الاَلي إلا أن الدراسة لا تخلو من سلبيات تم إيجازها في عدد من النقاط أولاها تشعب المشروع إلي مراكز تجميع ومراكز تسمين ومجازر اَلية ومصنع للأعلاف وجميعها في أماكن متفرقة عن بعضها البعض مما يؤدي إلي صعوبة الرقابة علي مراحل المشروع المختلفة. أما ثانيها فهي صعوبة الحصر الفعلي للثروة الحيوانية بالسودان التي تقدر وفقا للدراسة ب 4.40 مليون رأس من الأبقار و3.42 مليون رأس من الأغنام ونحو 3 ملايين رأس من الإبل، ولأن التكلفة المقدمة للمشروع مرتفعة فإنه لابد من التأكد أولا من حصر الثروة الحيوانية السودانية. الاشتراطات الفنية وطبقا للدراسة يتواجد بالسودان سبعة مسالخ عامة وخاصة وجميعها غير مستوفية لكثير من الاشتراطات الفنية وتحتاج إلي إعادة تأهيل كامل سواء في استيفاء الاشتراطات الفنية، والصرف الصحي، والأعمال الميكانيكية، والطاقة الإنتاجية، والموازين الالكترونية، ومعامل ضبط الجودة، والعمالة المدربة.. ولم يذكر في الدراسة عما إذا كان هذا المشروع سوف يعتمد علي بعض هذه المسالخ الخاصة به أم سيتم اللجوء إلي جزء من هذه المسالخ القائمة فعلا التي تحتاج إلي تطوير. حيث إن المسلخ المزمع إنشاؤه لهذا المشروع في ولاية النيل الأبيض من المحتمل عدم قدرته علي ذبح وتعبئة مخرجات المشروع كاملا. كما اعترض الجانب المصري علي ما أوردته الدراسة من هدف للمشروع وهو توفير اللحوم الحمراء للسوق المصري والأسواق المجاورة ودول الخليج والشرق الأوسط والأسواق العربية ولم يحدد تفضيل السوق المصري أولا، كما لم يحدد نسبة تمتع السوق المصري من مخرجات هذا المشروع مما يعني أن الجانب السوداني يعتبر هذا المشروع مشروعا قوميا سودانيا وينظر للجانب المصري بصفة تمويلية لرأس المال والإنشاءات والإدارة وجلب العمالة المدربة وهو ما يستوجب تحديد حد أدني من نصيب السوق المصري من مخرجات هذا المشروع. الوسطاء كما تم الاعتراض علي عدم استقلالية المشروع نظرا لاعتماده علي شراء مدخلاته "البقر والماعز والأغنام والإبل" من التجار التقليديين والسماسرة والمنتجين والوسطاء مما يعني أنه في حالة اتفاق التجار علي زيادة السعر يعني ذلك زيادة سعر اللحوم الحمراء المصنعة أو عدم الحصول علي الكمية الضرورية لتشغيل المشروع. كما أن فصل تكلفة المسلخ عن تكلفة المشروع حيث تتكفل ولاية النيل الأبيض بإنشاء المسلخ "المجزر" يعني أنه سيتم دفع تكاليف الذبح وهوما يري الجانب المصري ضرورة اعتبار السلخ جزءا لا يتجزأ من المشروع حيث يساعد إنشاؤه ضمن المشروع إلي استقلالية المشروع وكذا سهولة الكشف البيطري علي الثروة الحيوانية في اَخر مرحلة قبل الذبح. هذا فضلا عن عدم تطرق دراسة الجدوي إلي ضمانات الاستثمار الخاصة بهذا المشروع علي الرغم من إثارة هذا الموضوع من قبل وزارة الدفاع المصرية مع الجانب السوداني مما قد يحجم رجال الأعمال المصريين من المساهمة في هذا المشروع هذا فضلا عن أن حدود مشاركة القطاع الخاص غير واضحة بالدراسة حيث إنه ذكر أن تمويل المشروع سيتم من خلال استغلال الموارد المالية الذاتية للمؤسستين العسكريتين بكل من مصر والسودان.. وبمشاركة القطاع الخاص دون تحديد لشكل هذه المشاركة، كما أنه لم يحدد في المشروع الأسلوب الذي تم علي أساسه التقديرات المبدئية للمشروع سواء لتكلفة المشروع الرأسمالية أو تكاليف التشغيل أو متوسط العائد السنوي أو صافي التدفق النقدي.