رغم أن ملامح الموازنة العامة للدولة في ثوبها الجديد تؤكد انحيازها لمحدودي الدخل عن طريق زيادة الدعم إلي 128 مليار جنيه وبنسبة 48% عن العام الماضي وكذلك زيادة المصروفات إلي 331 مليار جنيه بزيادة 24.7% عن الموازنة الحالية.. إلا أن السيطرة علي العجز المزمن في الموازنة ليقف عند 6.9%والاستغلال الامثل لموارد الدولة وترشيد النفقات ستظل من الاحلام السنوية التي يطالب بها الخبراء ولاسيما اذا توجت الحكومة جهودها في الموازنة الضخمة الحالية وابتعدت عن الاقراض وخفضت من جباية رسوم وضرائب غير تقليدية عن الأفراد. في البداية يشير د.محمد النجار استاذ الاقتصاد في جامعة بنها إلي أن كبر حجم الموازنة العامة للدولة كرقم مطلق لا يمثل انجازا اذا انه قانون اقتصادي لكل الدول النامية والمتقدمة وهو زيادة الانفاق العام ومعها زيادة الايرادات العامة كلما أمكن. وفيما يتعلق بالدعم كما يضيف النجار ان الزيادة التي اعلنتها الحكومة مرتبطة بزيادة مؤقتة وطارئة في الأسواق العالمية للحبوب والزيوت والبترول وبالنسبة لمصر فإن الزيادة في اسعار البترول تعني زيادة في الايرادات الحكومية من متحصلات النقد الاجنبي من عملية تصدير البترول وهي نسبة ليست أكبر بكثير عن الزيادة في الواردات البترولية كالبوتاجاز. أوضح النجار أن الزيادة في أسعار القمح والزيوت عالميا قد لا تستمر رغم انها زيادة اجبارية وليست نتيجة نظرة مدققة إلي حاجات الناس الأساسية والتي لابد ان تشبعها الدولة. أما زيادة مبلغ الدعم كما يقول النجار فهي زيادة في الرقم المطلق الذي يحدث كل عام نتيجة زيادة عدد السكان من ناحية وزيادة الانفاق علي الدعم كرقم مطلق من ناحية اخري ولكن نسبته إلي الناتج المحلي تقل عاما بعد عام. ويضيف النجار ان زيادة الأجور أمر لا مفر منه حاليا في ظل الزيادة الفلكية في معدلات أسعار المواد الغذائية الاساسية. وعن التخوف من انخفاض نسبة الايرادات الحكومية بعد اتجاه الحكومة لتخفيض نسبة الجمارك يشير النجار إلي أن تخفيض الرسوم الجمركية اتجاه جباري لكل الدول المنضمة لمنظمة التجارة العالمية بما في ذلك الصين حيث تدعوا هذه المنظمة إلي تخفيض الرسوم الجمركية علي الواردات إلي أدني درجة ممكنة، مضيفا إلي ان الحكومة المصرية في ظل المأزق الذي وضعت نفسها فيه تعرف الطريق لزيادة الايرادات الحكومية عبر طرق غير مألوفة في الدول الأخري. وأوضح أن الايرادات الحكومية في الدول الاخري يأتي معظمها من الضرائب بما فيها الضرائب الجمركية ومن إيرادات المشروعات والهيئات العامة، لكننا في مصر نمتلك ايرادات عديدة مثل ايرادات عائد الخصخصة ومن بيع الشركة للمحمول العام الماضي مقابل 21 مليار جنيه ومن بيع أراضي الدولة بالمزاد 20 مليار جنيه والحكومة الآن تسعي إلي زيادة ايرادات الضريبة العقارية بعد صدور القانون الجديد. العجز في الموازنة وفيما يتعلق بزيادة نسبة العجز في الموازنة بعد زيادة نسبة الإنفاق العام يوضح النجار أن الرقم الذي اعلنته الحكومة في الموازنة الجديدة والذي نتمني استقراره وهو 6.9% أقل من الحقيقة، منوها إلي أن نسبة عجز الموازنة قد وصلت في حكومتي د.عاطف صدقي والجنزوري إلي 1% ثم ارتفعت في حكومة د.عاطف عبيد إلي 10% تقريبا وهي الآن أزيد من هذا الرقم. واضاف ان نسبة عجز الموازنة إلي الناتج المحلي الاجمالي لا تثير الخوف ولكن الخوف لدي صندوق النقد الدولي والحكومة من أن زيادة نسبة عجز الموازنة قد تؤدي إلي لجوء الحكومة إلي الاقتراض من البنك المركزي مما يؤدي إلي مزيد من التضخم. ويتساءل النجار ما الداعي إلي التخوف من زيادة عجز الموازنة وأثره علي التضخم مادامت الحكومة قد رفعت الأسعار وقامت بتخفيض سعر صرف الجنيه المصري وبيع أراضي الدولة ورفع أسعار السلع الأساسية الغذائية ورفع سعر البنزين والسولار والمازوت؟ مشروع مالي بينما يري د.محسن الخضيري الخبير الاقتصادي ان الأمر يحتاج إلي رؤية شاملة قبل القيام بأي عمل من الأعمال التي تحتاج إلي الموازنة الاستثمارية فهي أولا وأخيراً مشروع مالي مستقبلي للانفاق العام وكذلك للموارد السيادية الخاصة بالدولة، ويحتاج الأمر إلي تطبيق الفكر المالي الحديث والذي يؤكد أنه كلما انخفضت نسبة الاعباء زادت الحصيلة. واضاف ان الفترة الاخيرة شهدت اجراءات العديد من الأعمال التي تزيد الموارد في الوقت ذاته تقلل العبء عن المواطن الذي أصبح يعاني من ارتفاعات مجنونة وغير مبررة في الأسعار والتي تلتهم الدخول الصعبة والتي من الضروري زيادتها وهذا ما تحاول الحكومة القيام به في الفترة القادمة وقد ظهر ذلك في الملامح الأولية للخطة التي وضعتها لموازنة العام المالي القادم.