الأحداث التي شهدتها سيناء ومنطقة الحدود المصرية الفلسطينية خصوصا خلال الاسابيع الاخيرة، سلطت ضوءا ساطعا علي جوانب للتسوية في الشرق الاوسط، قلما اهتم بها اعلاميونا وخبراؤنا الاستراتيجيون بل سياسيونا، او انتبهوا لوجودها اصلا، رغم انها مطروحة علي الاجندة الاسرائيلية - الأمريكية منذ عقود.. ونعني تحديدا ما يخص سيناء كمجال حيوي للتوسع الاسرائيلي و"وطن بديل" للشعب الفلسطيني وخاصة سكان قطاع غزة بالاضافة الي من يمكن ان يلحق بهم من فلسطينيي صحراء النقب الجاري الاستيلاء علي اراضيهم وهدم منازلهم وقراهم بوتيرة متسارعة من جانب حكومة اولمرت، فضلا عمن يمكن ان ينضم اليهم من سكان ريف الضفة الغربية الذين تلتهم المستعمرات الصهيونية اراضيهم ويبتلع جدار العزل العنصري مساحات متزايدة من قراهم ومزارعهم وتحيل الحواجز العسكرية الاسرائيلية حياتهم الي جحيم يصعب احتماله. وباختصار، فإن الاحاديث المعسولة الجارية عن السلام واقامة الدولة الفلسطينية قبل انتهاء ولاية بوش... إلخ تخفي وراءها مخططات لتصفية القضية الفلسطينية من خلال اقامة كيان هزيل في الضفة الغربية او ما يتبقي منها يكون خاضعا تماما لاسرائيل او يتم إلحاقه بالاردن في اطار احياء ما يعرف بالخيار الاردني. غزة.. و"الخيار المصري" اما في الجنوب فيجري التخطيط للتخلص من غزة بمشكلاتها الامنية الملتهبة وكثافتها السكانية العالية، بالقائها في حجر مصر في اطار مخطط قديم يجري احياؤه الان تحت اسم "الخيار المصري".. وهذا ما ناقشه مؤخرا "مؤتمر هرتزيليا" الذي ينعقد سنويا في اسرائيل ويناقش اهم قضاياها الاستراتيجية والامنية. ^^وهذا ما يفسرايضا تصاعد الحملة الأمريكية - الإسرائيلية الشرسة ضد مصر بخصوص قضية الأنفاق في منطقتها الحدودية مع غزة، وهي مشكلة قديمة تعود الي زمن الاحتلال الاسرائيلي للقطاع.. ولم تنجح اسرائيل وقتها في وضع حد لها رغم الوجود المكثف لقوات الاحتلال.. ومع ذلك يطلبون من مصر الان النجاح العاجل فيما فشلت فيه القوات الاسرائيلية الضخمة والمدججة بأحدث الاسلحة والمعدات علي مدي سنوات طويلة!! وهكذا فإنه وفقا لمخطط "الخيارالمصري" القديم الجديد، فإنه ليس مطلوبا من مصر ان تقدم مساحة من ارضها المجاورة لقطاع غزة "هدية لاشقائها الفلسطينيين"!! لتخفيف الاكتظاظ السكاني الرهيب في القطاع وتيسير سبل الحياة للسكان فحسب، بل ايضا ادارة القطاع والمنطقة الملحقة به امنيا، بما يضمن امن اسرائيل!! اي القيام "نيابة عن الدولة الصهيونية" باخضاع الشعب الفلسطيني علي ارضه وارضنا "المهداة اليه" وعزله عن امتداده الطبيعي.. العضوي في الضفة الغربية والاراضي المحتلة منذ عام 1948.. والمشاركة الاجنبية النشيطة في تصفية القضية الفلسطينية!! المؤامرة علي مصر وغني عن البيان ان كل هذا الهراء الصهيوني الأمريكي ضد مصالح مصر وامنها القومي وسيادتها بصورة بالغة الخطورة: ^^ فأولا وقبل كل شيء.. فإن ارض الشعوب واوطانها ليست موضوعا للاهداء او التصرف بأي شكل من الاشكال ولو في حدود ذرات رمال معدودة، ولو كان هذا لاقرب الاشقاء.. ورغم كل فذلكات منظري العولمة ودعاتها في بلادنا وخارجها، او متفلسفي "القومجية" فإن خبرات الشعوب كلها توضح ان الارض كالعرض.. لا يجوز التفريط في شيء منه او منها.. ولا يحدث هذا الا بقوة قاهرة وتظل وراء اغتصاب اراضي الشعوب نار كامنة تحت الرماد.. وسبب كامن للحروب وان طال الزمان. ^^ وثانيا: فإن مصر ليست مسئولة عن حل مشكلات اسرائيل وتوفير انسب الظروف لممارسة سياستها التوسعية العنصرية.. فقد نشأت اسرائيل علي انقاض حقوق شعب عربي مستقر في وطنه، واستندت في نشأتها الي اساطير توراتية خرافية معادية للعقل وللعصر، ثم هي تجلب المهاجرين من كل حدب وصوب علي اساس ديني عنصري، وتتوسع في اراضي الشعب الفلسطيني والسوري واللبناني لكي تجلب المزيد من الغرباء الغاصبين. ثم تريد الان ان تحل مشكلات هذا التوسع بمزيد من التوسع في الاراضي المصرية!! خياله من "منطق" استعماري!!