حالة من السخط الشديد صاحبت اعلان القرار الاخير لوزير الصحة الدكتور حاتم الجبلي برفع أسعار 30 صنفا من الدواءخاصة ان هذه الزيادة لم تكن الأولي بل هي الرابعة خلال عام 2007 والسادسة خلال العامين الماضيين. الغضب سيطر علي جميع القطاعات.. نقابة الصيادلة اتهمت وزارة الصحة بمجاملة الشركات الاجنبية ورجل الشارع البسيط أبدي ضيقه الشديد لأن الزيادة سوف تضيف أعباء جديدة علي كاهله، المبررات الحكومية لقرار الزيادة لا تخرج عن أسعار الخامات التي ارتفعت عالميا بالاضافة إلي الرغبة في تطوير الصناعة.. وهذا هو مضمون التصريح الوحيد الذي أدلي به د.حاتم الجبلي. وهو الأمر الذي دفع بعض أعضاء مجلس الشعب إلي تقديم طلبات احاطة للوزير اوضحوا فيها ان هذه الزيادة من الممكن ان تهدد حياة المواطن البسيط بالموت مرضاً. وقد تركزت الزيادة الأخيرة الاسعار 30 صنفا من الدواء علي المضادات الحيوية حيث زاد سعر عقار أوجيمنت من 30 جنيها إلي 58 جنيها كذلك ارتفع سعر دوكسيل من 15 جنيها إلي 17 وأخيرا إلي 40 جنيها وهاي بيوتيك من 21 جنيها إلي 28 جنيها هذا بخلاف عقار "كليتيل" والذي يعالج الذبحة الصدرية من 9 إلي 16 جنيها وقد ارجعت وزارة الصحة الزيادة الكبيرة في اسعار المضادات الحيوية الي ارتفاع أسعار المادة الخام من نوع "الامبيسيلين" والتي يتم استيرادها من الخارج رغم تأكيد نقابة الصيادلة أن هذه المادة لا تدخل في تركيب سوي ثلث المضادات الحيوية فقط. القضية تحتاج إلي وقفة هذا ما طالب به اعضاء نقابة الصيادلة خاصة وان الارتفاع هذه المرة جاء كبيرا وفي نفس الوقت يري أصحاب الشركات ان الزيادة كانت حتمية وطبيعية لمواكبة الارتفاع العالمي لاسعار الخامات والماكينات والعمالة مؤكدين علي ان مصلحة المواطن تأتي لديهم في المرتبة الثانية وبعد التأكد من تحقيق الربح الكبير هذا ما تؤكده الأرقام الضخمة التي تحققها هذه الشركات سنويا والتي تتعارض بشكل صارخ مع الادعاءات بتعرض هذه الشركات لخسائر كبيرة والدليل علي ذلك ما حدث في مؤتمر تطوير الخدمات الصحية والذي عقد في مدينة شرم الشيخ بحضور ممثلي الشركات الأجنبية الذين أكدوا خلاله علي تحقيقهم أرباحا هذا العام لا تقل عن 8 مليارات جنيه والمستهدف في العام القادم لا يقل عن 15 مليار جنيه والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو ما الدور الذي يلعبه المواطن المصري في هذه الدراما المأساوية؟ والا يكفي الداء وحده حتي تأتي الأسعار لتمثل عبئاً اضافيا علي كاهل هذا المريض. ارتفاع منطقي يري د.ثروت باسيلي رئيس مجلس إدارة شركة آمون للأدوية ان ارتفاع أسعار الأدوية يعتبر أمراً منطقياً ولكنه كان يحتاج إلي تمهيد عن طريق الارتفاع التدريجي فعلي سبيل المثال دواء البروزلين "نقط" كان سعره منذ 40 عاما 25 قرشاً، أما الآن فأصبح سعره 225 قرشا وبالطبع لم يزد سعره دفعة واحدة حيث حدث الارتفاع بشكل تدريجي من 35 قرشا إلي 60 إلي 100 قرش حتي وصل إلي 225 قرشا بعد 40 سنة وهنا السؤال يطرح نفسه هل توجد في مصر سلعة لم يزد سعرها منذ 40 سنة؟ والاجابة بالطبع لا، حيث ان الزيادة هنا طبيعية حيث تعود إلي زيادة في سعر تكلفة الخامات والصناعات المكملة مثل الزجاج وعلب التغليف وغيرها الكثير، ولمواجهة هذه الزيادة يكمن الحل في أولا: رفع سعر الدواء بشكل جزئي، وثانيا: وقف انتاج الدواء والاستعانة بالبديل ولكن هذا البديل يتمتع بتركيب افضل وسعراً أعلي نفس الوقت يضيف ثروت باسيلي: ان الأفضل بالنسبة للجمهور هو رفع السعر الجزئي وهذا أفضل من الاستغناء عن الدواء بصورة مطلقة. مؤكداً ان اسعار الخامات الخاصة بتصنيع المضادات الحيوية زادت عالميا من 26 دولارا للكيلو إلي 68 دولارا ومن ثم لابديل امام اصحاب المصانع سوي اللجوء إلي احد هذين الحلين وهما اما ايقاف انتاج هذه الاصناف بعد الخسائر التي حصدتها الشركات والحل الآخر هو تعديل سعر هذه الانواع ولكن في حدود التكلفة وبدون الحصول علي أرباح. ويرفض ثروت باسيلي الاتهامات التي توجه إلي الحكومة بأنها اعطت ميزات للشركات الاجنبية علي حساب شركات قطاع الأعمال حيث يؤكد أن القطاع العام حصل علي زيادة في عدد من الاصناف اكثر من القطاع الخاص بالرغم من ان القطاع العام يمتلك 14% من الوحدات والنسبة الباقية وهي 86% يمتلكها القطاع الخاص والاستثماري ومع هذا العدد والفرق الكبير في النسبة فقد زادت نسبة الارتفاع للقطاع العام أكثر من القطاع الخاص. ويوضح ثروت باسيلي ان صناعة الدواء في مصر وصلت إلي مستوي لم نكن نأمل في تحقيقه وقت أن بدأنا في اقامة هذه الصناعة والدليل علي ذلك قيام هذه الصناعة بتغطية الاحتياجات المحلية بحجم استثمار يصل إلي 18 مليار جنيه "تصنيع محلي". اما فيما يتعلق بالمستوي العالمي فقد أصبحنا نصدر لمعظم دول العالم بما في ذلك الاتحاد الأوروبي كإنجلترا وسويسرا وفرنسا واسبانيا وهذا دليل كاف علي التفوق.