قلنا بالأمس إن الشتاء لم يعد يأتي في موعده بل يتأخر، وهذا قد لا يعني كثيرا بالنسبة لنا فمناخ بلادنا في مجمله معتدل ولايشعر الناس بأي فارق إذا لبسوا الملابس الشتوية في ديسمبر بدلا من نوفمبر، ولكن الحال ليس كذلك في بلاد أخري تتأثر البيئة كثيرا بتغير المناخ الناتج عن زيادة درجة حرارة الأرض. في شمال أوروبا يتأخر الشتاء مما يعني أن الثلوج تذوب بكميات أكبر مما يسبب فيضانات وارتفاعا في مستوي مياه المحيطات، وفضلا عن ذلك فإن تركيب البيئة من الحيوان والنبات والغابات يختل نتيجة تغير المناخ. وتفيد التقارير بأن ارتفاع درجة الحرارة علي الأرض ظاهرة خطيرة وتسبب الكوارث، ويقول الخبراء إن الفيضايات العنيفة التي تجتاح قارة آسيا - كما يحدث في بنجلاديش - هي في الحقيقة نتيجة من نتائج ارتفاع درجة الحرارة في كوكب الأرض. وتفيد تقارير لمنظمات مهتمة بالبيئة ان سكان قارة آسيا سيكونون عرضة لكثير من المشكلات بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري، فتغير المناخ يؤدي إلي ارتفاع منسوب المياه في المحيطين الهادي والهندي وهو الخطر الرئيسي الذي يهدد الدول المطلة عليهما. وتطالب المنظمات البيئية الدول الصناعية الكبري بالحد من انبعاث الغازات التي تسبب الاحتباط وتضعف طبقة الأوزون التي تعتبر الدرع الواقي لكوكب الأرض من أشعة الشمس الضارة بالبيئة، فهذا الدرع من الأوزون يقوم بدور مهم للغاية في عدم نفاذ الأشعة الضارة التي تهدد الإنسان وتصيبه بالأمراض الخبيثة، كما تقضي علي الثروة الحيوانية والنباتية بسبب ما يترتب علي ارتفاع درجة الحرارة من نغير في المناخ وتركيبة البيئة الطبيعية لأنواع من الحيوانات والنباتات باتت مهددة بالانقراض. ومن المفارقات أن الدول الصناعية التي تقود التقدم العلمي والتكنولوجي في العالم أصبحت هي مصدر التلوث الرئيسي الذي يهدد العالم بالفناء في ظروف كارثية غامضة إذا استمرت حالة عدم اللامبالاة وتدمير التوازن الطبيعي الذي خلقه الله سبحانه وتعالي بحكمة بالغة. وينطوي تدخل الإنسان غير المحسوب في عوامل التوازن البيئي والطبيعي بصورة مباشرة أو غير مباشرة من أخطر ما يواجهه الجنس البشري من أعداء، فالعدو هنا هو الإنسان نفسه الذي يندفع دون روية إلي ما يعتقد أنه "مجالات متقدمة" ويتجاهل التحذيرات التي توجهها الطبيعة إليه في صورة زيادة طفيفة في درجة الحرارة لمدة عقود وهذه الزيادة ليست نهاية المطاف، بل تترتب عليها نتائج خطيرة وربما تتضاعف خطورتها في العقود المقبلة، ولكن الإنسان بطبيعته قصير العمر وقصير النظر بدرجة كافية ليتجاهل التحذيرات المبكرة.